النزاع في الإقليم بات مزمناً

تجدد أعمال العنف في دارفور يُفاقم أزمات السودان

صورة

لقي العشرات حتفهم بعد أن أُحرقت قراهم في أعمال عنف عرقية، بولاية غرب دارفور في السودان، ما أدى إلى تفاقم حالة الأزمة التي تعصف بالمنطقة منذ سنوات، ويأتي العنف في الوقت الذي يعمل قادة السودان على تجاوز أزمتهم الراهنة، التي من المرجح أن تصرف انتباههم عن مشكلات دارفور المتصاعدة.

وتعثرت جهود السودان في التحول الديمقراطي، إذ تدفق آلاف المتظاهرين إلى الشوارع، يوم الخميس، للتنديد بصفقة الجيش مع رئيس الوزراء، المدني عبدالله حمدوك. وبعد نحو شهر من الإقامة الجبرية في منزله، وقّع حمدوك اتفاقية جديدة لتقاسم السلطة مع الجيش، في محاولة لإنهاء المواجهة الدموية واستعادة العملية الديمقراطية. وفي دارفور قُتل ما لا يقل عن 43 شخصاً وأُحرقت ونُهبت 46 قرية، بعد اندلاع الصراع، الأسبوع الماضي، في منطقة جبل مون، بين رعاة عرب ومزارعين من قبيلة المسيرية، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقال الفرع المحلي للجنة المركزية للأطباء السودانيين إن 17 شخصاً، على الأقل، أصيبوا ويتلقون العلاج في المستشفيات المحلية، رغم أن النشطاء ومنظمات الإغاثة قالوا إن الرقم الحقيقي أعلى على الأرجح، وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن عدداً غير معروف من الأشخاص فر عبر الحدود إلى تشاد. وظل العديد من الأشخاص، بينهم أطفال، في عداد المفقودين، وفرّ بعض النازحين إلى الجبال والكهوف القريبة.

وقال المتحدث باسم لجنة التنسيق السودانية للاجئين والنازحين، آدم محمد آدم، في مقابلة هاتفية: «هذه مأساة خطيرة،» متابعاً: «هؤلاء أناس في أمسّ الحاجة إلى المساعدة، وعلى العالم أن ينقذهم»، وحتى يوم الجمعة، ظل الوضع الأمني في المنطقة متقلباً، إذ تكافح المنظمات الإنسانية للحصول على ضمانات بالسلامة للسفر إلى مناطق النزاع وتقديم المساعدة.

المأزق ظل قائماً

وقال مدير المجلس النرويجي للاجئين، ويليام كارتر، إن المأزق ظل قائماً على الرغم من «التواصل الحثيث مع جميع الأطراف»، وأوضح أن بعثة مشتركة من المستجيبين لحالات الطوارئ تأمل في زيارة المنطقة بحلول أوائل الأسبوع المقبل.

ويقول الخبراء إن الاضطرابات الدامية في دارفور بدأت بالفعل في التصاعد قبل أن تكمل بعثة مختلطة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي انسحابها من المنطقة، هذا العام، وفي ظل حكم الرئيس السابق عمر البشير، عانت المنطقة حملة انتهاكات وقتل وتطهير عرقي، قُتل خلالها ما لا يقل عن 300 ألف شخص، ونزح 2.7 مليون آخرون، وفقاً للأمم المتحدة.

واستمر العنف على الرغم من تنحية البشير من السلطة، وفي يناير قُتل ما لا يقل عن 250 شخصاً، من بينهم ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني، في اشتباكات طائفية، غرب دارفور، وقد بدأت بعد أن هاجمت ميليشيات مسلحة معسكراً داخلياً للنازحين وحاصرته، والاشتباك الأخير بين المزارعين والرعاة جزء من اتجاه موسمي حول حركات البدو الرحل والحصاد، لكن عمال الإغاثة يقولون إن الهجمات الأخيرة كانت أكثر وحشية بكثير.

وقال كارتر: «إن اشتعال العنف العرقي في دارفور يدمر المجتمعات ويدمر مستوطنات كاملة على الأرض»، موضحاً: «من دون قطاع أمني موحد بقيادة مدنية، من الصعب أن نرى كيف يمكن وقف هذا التدهور وعكس مساره».

وخرج الآلاف إلى شوارع العاصمة الخرطوم ومدن رئيسة أخرى، الأسبوع الماضي، احتجاجاً على الصفقة بين حمدوك وقائد الجيش، الفريق عبدالفتاح البرهان، وطالبوا بـ«العدالة للشهداء» الذين قُتلوا في الاحتجاجات.

انتقادات

وتعرض حمدوك لانتقادات من قبل المتظاهرين والأعضاء المدنيين في حكومته السابقة، لتوقيعه الاتفاق، بحجة أنه كان ببساطة يوفر غطاء لاستمرار الحكم العسكري، كما انتقد المتظاهرون الفشل في حماية أرواح وممتلكات الناس في غرب دارفور.

«دارفور تنزف، عن أي سلام تتحدث؟» هتف بعضهم، فيما حمل آخرون لافتات كتب عليها «الوطن كله دارفور» و«الدم السوداني واحد»، وقال حاتم عبدالله الفاضل، وهو ناشط في المجتمع المدني بمنطقة الجنينة في ولاية غرب دارفور، ويراقب الوضع، إن انقطاع الاتصالات الذي فُرض خلال الاحتجاجات على تولي الجيش السلطة أدى إلى تعقيد جهود إرسال معلومات أو تلقيها من المنطقة، وقال الفاضل إن الأطراف المتحاربة تتجمع في المنطقة، وإنه تم رصد الدخان، أمس، حول قرية شرق جبل مون، وقال في مقابلة هاتفية: «نتوقع المزيد من المشكلات نظراً إلى عدم الاستقرار في المنطقة، والوضع هناك هشّ».

• اشتعال العنف العرقي في دارفور يدمّر المجتمعات ويدمر مستوطنات كاملة على الأرض، ومن دون قطاع أمني موحد بقيادة مدنية من الصعب رؤية كيف يمكن وقف هذا التدهور وعكس مساره.

• 300 ألف شخص قُتلوا في إقليم دارفور منذ بدء النزاع.

• 2.7 مليون شخص نزحوا بسبب النزاعات، وفقاً للأمم المتحدة.

تويتر