مبادرة عفوية أطلقتها فنانة فلسطينية لإنعاش أسواق البلدة القديمة

«يلا لفة».. حكاية مقدسية تغني «يا رايحين عالقدس خذوني معاكم»

صورة

«يا رايحين عالقدس خذوني معاكم، لأدعي لربي وأقول ربي يحماكم».. «يا زارعين السمسم خلي السمسم على أمه، يا زارعين السمسم خلي السمسم على أجراسه»، بصوتها الشجي تردد الفنانة الفلسطينية الشابة، آية خلف، كلمات هذه الأغاني التراثية، بينما كانت تشق طريقها لدخول البلدة القديمة في مدينة القدس الشريف، عبر أبوابها التاريخية، والتجول بين جدران البيوت العتيقة، والأزقة الضيقة.

وعلى وقع ألحان أغنية «مروا من باب العامود بالكوفية الغالية، شوفوا حضارة الجدود والقامات العالية»، على وقع هذه الأنغام انطلقت آية ومجموعة من رفاقها، من باب العامود أحد أهم أبواب البلدة القديمة، مروراً بطريقَي الواد وخان الزيت، وأزقة حارات السعدية والنصارى وعقبة الشيخ ريحان، وصولاً إلى أسواق الدباغة والخواجات والعطارين والقطانين واللحامين.

هذه الصورة تتجلى في مبادرة «يلا لفة»، التي أطلقتها الفنانة خلف من سكان قرية «جت» في المثلث الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، بشكل شخصي وعفوي، وذلك لتشجيع التسوق داخل أسواق البلدة القديمة بمدينة القدس الشريف، في ظل حالة الركود التي شهدتها خلال الشهور الماضية، بسبب إجراءات جائحة «كورونا»، وممارسات الاحتلال التعسفية، وقيوده المشددة، تجاه المدينة المقدسة وسكانها الأصليين.

جولة فنية تاريخية

الشابة الفلسطينية آية، التي درست التربية الموسيقية والغناء الشرقي في القدس، وتعمل فيها مدرسة للتربية الموسيقية، اصطحبت «الإمارات اليوم» في إحدى جولات مبادراتها الفنية داخل مدينة القدس الشريف، التي كانت داخل سوق «الخواجات» الشهيرة ببيع الأقمشة والحرير وحياكة الملابس التراثية، وكذلك المنتجات الأثرية وصناعات الحرف اليدوية.

وقفت آية وقت الظهيرة وسط سوق «الخواجات»، في الساحة التي تفصله عن سوقَي اللحامين والعطارين، لتردد بعذوبة صوتها الأغاني التراثية، بين جدران البيوت العتيقة والأزقة الضيقة، بينما كانت السوق تعج بالمارة القادمين من بلدات المدينة المقدسة، ومدن الضفة الغربية والداخل الفلسطيني، داخل أسوار القدس العتيقة.

تجولت الفلسطينية الشابة بين مخابز الكعك المقدسي العتيقة، والمقاهي والمطاعم الموجودة بين جنبات الأسواق الثلاث، لتنتقل إلى محل الحاج محمد عبدالجواد لبيع الأواني والمنتجات التراثية المصنوعة من النحاس، وسط سوق «الخواجات»، حيث يعاني هذا المحل، الذي يعود عهده إلى مئات السنين، عدم إقبال الزبائن، وضعف الحركة الشرائية.

استمرت الفنانة خلف بالغناء الذي نثر البهجة بين جنبات محل الحاج عبدالجواد التاريخي، وجذب المارة من كل حدب وصوب، وهنا بات المكان ضيقاً لا يتسع لحجم الاكتظاظ، الناجم عن التفاف المارة للاستمتاع بأجواء الفن التراثي بين جنبات أقدم بقاع الأرض قاطبة، حيث تجمعوا في أحد ممرات السوق كدائرة تتوسطها آية، التي أطلقت صوتها ليشدو بتراث وطنها، بينما يصفق رفاقها تشجيعاً لها.

أما المارة المتجمهرون فقد جذبتهم الأغاني التي ترددها آية، وانسجموا مع ألحان وأنغام الفلكلور الشعبي الفلسطيني، فمنهم من كان يصفق، وبعضهم التقط صوراً لهذه الأجواء عبر هواتفهم المحمولة.

مبادرة «عفوية ومدروسة»

وأثناء سيرها انتقالاً إلى سوق القزازين داخل أسوار البلدة القديمة التاريخية، تقول آية لـ«الإمارات اليوم»، إن قرية «جت» هي مسقط رأسي، فيها وُلدت وكبرت، أما القدس فهي مسقط روحي وقلبي، ففيها أعيش أجمل أيام حياتي بجوار المسجد الأقصى المبارك، وفيها درست المرحلة الجامعية عام 2015، وأعمل فيها حالياً مدرسة للتربية الموسيقية».

وتضيف: «منذ بداية دراستي الجامعية حتى اليوم، وأنا أسكن في مدينة القدس، وقد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بأزقة البلدة القديمة وأسواقها وحاراتها، وكنت أشاهد يومياً قباب المنازل العتيقة، ونوافذها المرصعة، لكن خلال آخر عامين نتيجة قيود الاحتلال التي يفرضها بشكل دائم، اتشحت أسواق البلدة بالسواد وهجرها السكان، جراء إجراءات جائحة (كورونا)».

بعد إزالة قيود «كورونا»، عادت آية تتجول بين أسواق القدس العتيقة، لتكتشف حجم المآسي التي تعيشها تلك الأسواق، وحالة البؤس الشديد التي تخيم على الباعة وأصحاب المحال التجارية، نتيجة ضعف وتراجع حركة البيع والشراء.

وتواصل الفنانة الفلسطينية حديثها: «من هنا بدأت البحث عن أفكار مؤثرة وجذابة، لإعادة الحياة إلى جنبات تلك الأسواق، وكانت مبادرة (يلا لفة) نتاج فكرة شخصية عفوية، كوننا نحب القدس بالفطرة، وكذلك مدروسة، من خلال استثمار موهبتي الموسيقية، وأعداد المتابعين الكبيرة لأنشطتي الفنية على منصات التواصل الاجتماعي، لتنفيذ المبادرة الفنية».

وتبين الشابة آية أن مبادتها الفنية عبارة عن جولات ميدانية، تتنقل سيراً على الأقدام بين جميع أسواق القدس العتيقة، وحاراتها وأزقتها ومعالمها التاريخية الأثرية، برفقة مجموعة من رفاقها الذين شجعوها على تنفيذ «يلا لفة»، وترديد الأغاني الفلسطينية التراثية، إلى جانب التقاط الصور مع أصحاب المحال، وعرضها على منصتها الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتشير صاحبة فكرة «يلا لفة» إلى أن الهدف الأول والأساسي من المبادرة الفنية، إعادة إحياء البلدة القديمة في المدينة المقدسة، وإنعاش الحركة التجارية داخل أسواقها التاريخية العتيقة، التي عانت الأمرّين على مدار عامين كاملين.

• آية خلف: قرية «جت» هي مسقط رأسي، فيها وُلدت وكبرت، أما القدس فهي مسقط روحي وقلبي، ففيها أعيش أجمل أيام حياتي بجوار المسجد الأقصى المبارك، وفيها درست المرحلة الجامعية عام 2015، وأعمل فيها حالياً مدرّسة للتربية الموسيقية.

• بعد إزالة قيود «كورونا»، عادت «آية» تتجول بين أسواق القدس العتيقة، لتكتشف حجم المآسي التي تعيشها تلك الأسواق، وحالة البؤس الشديد التي تخيم على الباعة وأصحاب المحال التجارية، نتيجة ضعف وتراجع حركة البيع والشراء.

تويتر