الفلسطينية اليمنية مزارعة وأم لشهيد وسجين

السبعينية فاطمة بريجية .. أول سيدة ترأس المجالس المحلية في الضفة الغربية

صورة

من داخل قرية المعصرة جنوب شرق مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، حيث مسقط رأسها، تقود السبعينية فاطمة بريجية، وهي سيدة فلسطينية من أصول يمنية، شؤون تسع قرى وبلدات في بيت لحم، وتلبي احتياجات سكانها، حيث تترأس منذ شهر أغسطس الماضي مجلس الخدمات المشترك لهذه المناطق الفلسطينية، بقرار من وزير الحكم المحلي الفلسطيني.

وبهذا تكون السيدة الوحيدة والأولى التي تترأس هذا المنصب في الضفة الغربية، منذ أن أنشئت المجالس المحلية المشتركة من قبل وزارة الحكم المحلي قبل نحو 25 عاماً في مدينة القدس الشريف، وقطاع غزة، ومدن الضفة الغربية المحتلة.

كما انتخبت الحاجة فاطمة بريجية قبل أربع سنوات رئيسة لمجلس قروي المعصرة جنوب بيت لحم في الانتخابات الأخيرة للمجالس البلدية، نظراً لتفانيها في العمل، فقد برزت في قريتها المعصرة ومدينتها بيت لحم كناشطة نسوية، تخدم السكان الفلسطينيين بلا منازع.

فاطمة بريجية، الملقبة بأم حسن، والدها يمني الأصل والجنسية من محافظة عمران في اليمن، كان قد قدم إلى فلسطين عام 1936 للجهاد ضد الانتداب البريطاني، وبقي عالقاً فيها بعد احتلالها، وتزوج بوالدتها الفلسطينية من عائلة بريجية، لينجب خمسة أبناء، وخمس بنات، وإحداهن الحاجة فاطمة بريجية.

تزوجت أم حسن في فلسطين، وعاشت في قرية المعصرة الفلسطينية، التي تعد من أهم المناطق الريفية في الضفة الغربية، وأنجبت بنتاً وخمسة أبناء، لتزرع حب الوطن فلسطين في قلوبهم جميعاً، تماماً كما كان جدهم اليمني، الذي استشهد دفاعاً عن الأرض الفلسطينية.

في خدمة الأرض والسكان

التقت «الإمارات اليوم» السيدة أم حسن بريجية صاحبة الابتسامة الدائمة، داخل مجلس قروي المعصرة، مرتدية الزي الفلاحي الفلسطيني المطرز، حيث كانت تباشر المهام لتوفير احتياجات آلاف السكان في تسع قرى وبلدات، فيما تشرف عن قرب على عمل الموظفين في مجلس الخدمات المشترك، للارتقاء بمستوى وحجم الخدمات المقدمة للفلسطينيين.

وتقول رئيسة مجلس قروي المعصرة ومجلس الخدمات المشترك: «أؤدي واجبي تجاه سكان المعصرة والقرى والبلدات الفلسطينية المجاورة منذ أكثر من 30 عاماً، كان آخرها من خلال انتخابي لرئاسة المجلس القروي في قرية المعصرة، ومن ثم الثقة التي منحني إياها وزير الحكم المحلي الفلسطيني، لتولي المنصب الجديد في مجلس الخدمات المشترك في قرى وبلدات بيت لحم».

وتضيف أن «هذا المنصب أكسبها شرفاً وفخراً، لتقديم المزيد من الجهود والخدمات للسكان الفلسطينيين في جميع شؤون حياتهم اليومية، وتوفير كل ما يحتاجون إليه في شتى المجالات الحيوية».

وإلى جانب منصبها كرئيسة للمجالس المحلية، تبرز أم حسن بريجية كناشطة نسائية فلسطينية، لها العديد من الصولات والجولات في مجابهة مخططات الاحتلال لسرقة الأرض الفلسطينية ومصادرتها.

و«اتباعاً لمسيرة والدي الشهيد علي اليمني، أمضي جاهدة لتأدية دوري كسيدة مناضلة في وجه المحتل، فأتقدم الصفوف الأولى للمشاركة في التظاهرات السلمية الاحتجاجية ضد مخططات الاستيطان والمصادرة في قرية المعصرة، وقرى وبلدات بيت لحم ومدن الضفة الغربية، ولا أخشى التعرض لإطلاق النار من المستوطنين، والاعتقال من قوات الاحتلال، بل أمضي قوية للدفاع عن أرض فلسطين»، تقول أم حسن بريجية.

وتواصل الفلسطينية اليمنية حديثها قائلة: «بكل ما آتاني الله من طاقة وقدرة أعمل ناشطة نسوية من أجل الحفاظ على أرض الفلسطينيين، وحمايتها من المصادرة لمخططات الضم الاستيطاني، كما أبذل ما بوسعي لخدمة سكان قرية المعصرة وجميع القرى المجاورة في محافظة بيت لحم».

وتشير بريجية إلى أنها عملت في مناصب مختلفة داخل المراكز والجمعيات المحلية، إلى جانب العمل في مجلس قروي المعصرة، لافتة إلى أن أبرز القضايا التي شاركت في الدفاع عنها مساندة حقوق المرأة، ومناصرة الأسرى وأهالي الشهداء، والمشاركة في الفعاليات الشعبية لحماية الأراضي الفلسطينية من النهب والضم.

غرس الأبناء

ما غرسته أم حسن في أبنائها من حب للوطن، والدفاع عن أراضي الفلسطينيين، كان ثمره جنياً، فقد قدمت ابنها (عماد) شهيداً عام 1999، فيما اعتقل الاحتلال أبناءها داخل سجونها فترات مختلفة، ولكن أشد عمليات الأسر بحق أبنائها ما واجهه ابنها (علي)، الذي قضى منذ عام 2005 حكماً بالسجن لمدة 16 عاماً خلف قضبان السجان الإسرائيلي.

أما نجلاها حسن ومحمد فيعدان من أبرز أعضاء هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في محافظة بيت لحم. وتقول السيدة الفلسطينية اليمنية: «إن أبي رحمه الله ورثني حب الجهاد والنضال، والتشبث بالأرض والدفاع عنها، وكنتاج طبيعي ورثت هذا الحب لأبنائي لمواصلة مسيرة الكفاح والنضال».

الأم الفلاحة

بعد تأدية مهامها الموكلة إليها في مجلسي المعصرة والخدمات المشتركة، تتوجه أم حسن إلى أرضها لحرثها وريها، والاعتناء بمحاصيلها الزراعية، فأدوارها البارزة في خدمة الفلسطينيين والدفاع عن الأرض الفلسطينية من نهب وسرقة الاحتلال تنبع من ارتباطها الوثيق بالأرض، فالسيدة فاطمة بريجية هي الأم الفلاحة والمزارعة كما يعرفها الفلسطينيون في قرية المعصرة وبلدات بيت لحم.

وتقول السيدة الفلسطينية اليمنية: «منذ نعومة أظافري امتزجت يداي بتراب الأرض، حرثتها وزرعت محاصيلها الزراعية، لتأكل عائلتي وسكان قريتي من خيرها، ومن ثمار رحلة البذل والعطاء التي أباشرها منذ عشرات السنين».

وتمضي أم حسن بريجية بالقول: «في الوقت ذاته أتواجد في أرضي بشكل دائم لحمايتها من أطماع التوسع الاستيطاني، للسير على منهج والدي الذي ورثنا حب الأرض وحمايتها، كيف لا وهو من جاء من صنعاء إلى فلسطين على ظهر ناقة، دفاعاً عن أرض كنعان».

• فاطمة بريجية، الملقبة بـ«أم حسن»، والدها يمني الأصل من محافظة عمران في اليمن، قدم إلى فلسطين عام 1936 للجهاد ضد الانتداب البريطاني، وبقي عالقاً فيها بعد احتلالها، وتزوج بوالدتها الفلسطينية.

عملت فاطمة بريجية في مناصب مختلفة داخل المراكز والجمعيات المحلية، إلى جانب العمل في مجلس قروي المعصرة، ومساندة حقوق المرأة، ومناصرة الأسرى وأهالي الشهداء، والمشاركة في الفعاليات الشعبية لحماية الأراضي الفلسطينية من النهب والضم.

تويتر