طلبت من «طالبان» عدم دعم «الأويغور» والحركة الانفصالية في إقليمهم

بكين تخشى استخدام الأراضي الأفغانية لشنّ هجمات على أراضيها

صورة

بينما استمتعت الصين بإهانة خصمها اللدود، الولايات المتحدة، مع تحذير وسائل الإعلام الرسمية لتايوان من أن أميركا ستتخلى عن أصدقائها في تايبيه، بالمثل؛ فإن بكين لديها أيضاً مخاوف عميقة بشأن المخاطر الأمنية التي تشكلها عودة «طالبان» إلى أفغانستان، ولا أحد يتوقع أن تندفع الصين لملء الفراغ السياسي.

وبالنسبة لبكين، فإن الكابوس هو الهجمات الإرهابية التي تم التخطيط لها عبر تلك الحدود القصيرة، بين الصين وأفغانستان (47 ميلاً). وقبل أن تتحول بكين إلى سياساتها الأكثر قسوة، أخيراً، ضد مسلمي الأويغور، في منطقة شينغيانغ المجاورة لأفغانستان، اتهم مسؤولو مكافحة الإرهاب الصينيون حركة «طالبان» بدعم مسلحي الأويغور، الذين قالوا إنهم خططوا لـ«آلاف» الهجمات في الداخل.

ونسبت الصين هجمات قاتلة عدة، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك واحدة في ميدان تيانانمين في بكين عام 2013، بالإضافة إلى حادثة طعن في محطة قطار مدينة كونمينغ الجنوبية، إلى جماعة متمردة من الأويغور تسمى «حركة تركستان الإسلامية». ولدى بكين مخاوف خاصة من أن عدم الاستقرار الإقليمي يمكن أن يعيد إشعال دعم الأفغان للمقاتلين المرتبطين بحركة تحرير تركستان.

وفي الشهر الماضي، طلب وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، من القائد في حركة طالبان، الملا عبدالغني بارادار، الذي يُرجح الآن أن يكون الرئيس الأفغاني المقبل، قطع العلاقات مع «حركة تحرير تركستان»، والقيام بالمزيد.

وقال يي: «نأمل أن تقوم حركة (طالبان) الأفغانية بقطع العلاقات مع جميع (المنظمات الإرهابية)، بما في ذلك حركة تحرير تركستان، وتكافحها بحزم وفاعلية لإزالة العقبات، ولعب دور إيجابي، وتهيئة الظروف المواتية للأمن والاستقرار والتنمية والتعاون في المنطقة». وقال في اجتماع أواخر يوليو: «نأمل أن تقوم (طالبان) ببناء صورة إيجابية، وأن تنهج سياسة شاملة».

وقال أندرو سمول، المتخصص في علاقات الصين مع جنوب آسيا في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، وهو مؤسسة فكرية: «لقد توصلت الصين إلى طرق عملية للعمل مع (طالبان)، لكن لايزال لديهم مخاوف من أن تكون أفغانستان بيئة متساهلة لمقاتلي الأويغور، وأن انتصار (طالبان) سيكون له تأثير أكثر جرأة على التشدد في جميع أنحاء المنطقة»، وأضاف «على عكس المرة السابقة التي استولت فيها (طالبان) على السلطة (في عام 1996)، يعرف الصينيون الآن من يتعاملون معهم».

أفغانستان ليست أولوية

وبينما تتصدر الصين عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم لاستخدامها أموالها لبناء مشروعات تجارية كبيرة، لم يكن ذلك حقاً أولوية بالنسبة لبكين في أفغانستان، حيث كانت مصالحها متواضعة نسبياً. وبتجاهل أفغانستان بشكل فعال، أعطت بكين الأولوية لمشروعات البنية التحتية ذات الأموال الضخمة في باكستان، بما في ذلك ميناء «جوادر»، كجزء من مبادرة الحزام والطريق لربط صادراتها بالأسواق الغربية.

وشدد زميل المعهد الملكي للخدمات المتحدة، رافايللو بانتوتشي، على أن الأمن هو القضية رقم 1، عندما يتعلق الأمر بهذا الجار، موضحاً «ستواصل بكين لعب دور، لكن ليس دوراً تقدمياً، وستسعى للتركيز على مصالحها، وسط مخاوف بشأن استخدام مسلحي الأويغور لهذا البلد كقاعدة ضدها».

وفي الوقت الحالي، يتبادل الجانبان نغمة ودية، وفي الواقع، سعت «طالبان» إلى طمأنة بكين بشأن مخاوفها بشأن المسلحين العابرين للحدود. وقال المتحدث باسم «طالبان»، سهيل شاهين: «هناك أناس من دول أخرى يريدون استخدام أفغانستان كموقع (لشن هجمات) ضد دول أخرى. لقد قطعنا تعهداً بأننا لن نسمح لهم بالدخول، سواء كانوا أفراداً أو كيانات، ضد أي دولة، بما في ذلك الصين».

وتعمل الصين، أيضاً، على تعزيز التعاون الأمني مع آسيا الوسطى على نطاق أوسع، خصوصاً مع طاجيكستان «من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي في طاجيكستان ومنع عدم الاستقرار من الامتداد من أفغانستان إلى طاجيكستان ثم إلى شينجيانغ»، وفقاً لتقرير أصدرته الجامعة الوطنية الأسترالية، في 2019. وهذا النهج يتضمن توفير المعدات والتسهيلات لتعزيز القدرات الأمنية لطاجيكستان، والقيام بعمليات مشتركة مع القوات الطاجيكية والأفغانية بالقرب من حدود الدول الثلاث.

النسخ الآلي لا ينجح

وأوضح وزير الخارجية الصيني موقف بلاده من الوضع في أفغانستان، قائلاً إن «الحقائق أثبتت مرة أخرى أن النسخ الآلي لنموذج أجنبي مستورد لا يمكن أن يتناسب بسهولة مع بلد له تاريخ وثقافة وظروف وطنية مختلفة تماماً». وفي غضون ذلك، تقوم وسائل الإعلام الحكومية، في الصين، بتغطية بارزة للعملية الأميركية «المحرجة»، بينما تلقي بظلال من الشك على قدرة الرئيس جو بايدن على التركيز على مواجهة الصين في أعقاب التداعيات الأفغانية.

وقال يي: «لا يمكن للأميركيين احتواء الصين عن عمد وتقويض الحقوق والمصالح المشروعة للصين، من ناحية، ويتوقعون دعم الصين وتعاونها، من ناحية أخرى»، متابعاً «مثل هذا المنطق ليس له مكان في العلاقات الدولية».

بكين لا تضيع الفرصة
نادراً ما تضيع الحكومة الصينية فرصة اتهام الولايات المتحدة بالمغامرة العسكرية والهيمنة حول العالم، لكن في حالة أفغانستان فقد غيرت لهجتها، محذرة من أن واشنطن تتحمل الآن المسؤولية عن النهاية المتعجلة لحربها التي استمرت عقدين هناك.
وقال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، هذا الشهر، بمنتدى في بكين: «يجب على الولايات المتحدة، التي خلقت القضية الأفغانية في المقام الأول، أن تتصرف بمسؤولية لضمان انتقال سلس في أفغانستان»، مضيفاً «لا ينبغي لها ببساطة أن تنقل العبء إلى الآخرين وتنسحب من البلاد مع ترك الفوضى وراءها دون معالجة».
وبينما لم تطالب الصين الرئيس بايدن بالتراجع عن الانسحاب العسكري الذي أمر به أوضحت تصريحات كبار المسؤولين أنهم سيلقون باللوم على الولايات المتحدة في أي حالة من انعدام الأمن تنتشر في المنطقة.
وأثار الزعيم الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مخاوفهما بشأن الانسحاب في مكالمة هاتفية في 29 يونيو، مستشهدين بالوضع الأمني المعقد والخطير بشكل متزايد، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

بينما تتصدر الصين عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم لاستخدامها أموالها لبناء مشروعات تجارية كبيرة، لم يكن ذلك حقاً أولوية بالنسبة لبكين في أفغانستان، حيث كانت مصالحها متواضعة نسبياً.

توصلت الصين إلى طرق عملية للعمل مع «طالبان»، لكن لايزال لديهم مخاوف من أن تكون أفغانستان بيئة متساهلة لمقاتلي الأويغور، وأن انتصار «طالبان» سيكون له تأثير أكثر جرأة على التشدد في جميع أنحاء المنطقة.

• لدى بكين مخاوف خاصة من أن عدم الاستقرار الإقليمي يمكن أن يعيد إشعال دعم الأفغان للمقاتلين المرتبطين بحركة تحرير تركستان.

تويتر