في محاولة لمحاربة الرقابة الحكومية على وسائل الإعلام

صحافيون فنزويليون يقرأون الصحف على ركاب الحافلات والمارّة

صورة

في خضم الحملات القمعية التي يمارسها الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، على الصحافة الحرة، لم يعد بإمكان سكان 11 ولاية من أصل 23 الوصول إلى الصحف الإقليمية. ولهذا السبب ابتكر الصحافيون وسائل أخرى لنقل الأخبار، مثل تقديم نشرات الأخبار الحية في الحافلات وقراءة الصحف بصوت عالٍ في زوايا الشوارع.

اعتاد الصحافي، خوان بابلو لاريس، الجلوس في المقاعد الأمامية المواجهة للركاب في الحافلات، ويقوم بتشغيل ميكروفون ومكبر صوت، لإذاعة الأخبار على الركاب، بينما يحمل زميله إطاراً أسود من الورق المقوى ليحاكي شاشة تلفزيون يطل خوان من خلالها على الركاب أثناء قراءته الأخبار.

نظام بدائي

ويتوجه خوان محيياً الركاب «صباح الخير، نقدم لكم نشرة الأخبار في تلفزيون حافلات العاصمة»، ثم يقرأ عليهم الأخبار، ويستمع معظمهم باهتمام شديد، بينما يمر آخرون بجانبه للصعود أو النزول في محطاتهم، وهذه الأخبار التي ينقلها لا تُرضي دائماً الحكومة الاشتراكية الفنزويلية.

هذا النظام البدائي لنقل الأخبار أصبح واحداً من طرق عدة يحافظ بها الصحافيون على حرية الصحافة، في هذه الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية. وتكافح وسائل الإعلام المستقلة في فنزويلا، كما هو الحال في بلدان أخرى مشابهة، من أجل البقاء واقفة على قدميها، لكن الصعوبة لا تتمثل فقط في تضاؤل عائدات الإعلانات، بل تواجه هذه الصحف ضغوطاً متزايدة من حكومة تحاول السيطرة على تدفق الأخبار، بما في ذلك فرض غرامات على انتقاد المسؤولين، ووضع العقبات أمام شراء ورق الصحف، ما جعل ملايين القراء يلجأون إلى حد كبير لوسائل الإعلام الحكومية للحصول على الأخبار والمعلومات.

التحايل على الرقابة

ويشرح خوان لركاب الحافلة بعد الانتهاء من سرده الأخبار بأن «نشرة الأخبار هذه هي وسيلة للتغلب على الرقابة والمعلومات المضللة في فنزويلا». وتضمنت النشرة التي سردها خوان في ذلك اليوم انهيار جامعة تعتبر موقعاً للتراث العالمي، وآثار التضخم المفرط في البلاد. كما يقدم الصحافيون الصحف مجاناً لركاب الحافلات والأشخاص الموجودين في محطات الحافلات، ويشجعونهم على مشاركة الصحف مع الآخرين. ويتجول صحافيون آخرون في الأحياء ويقرأون الأخبار على أشخاص يتجمعون حولهم أو يستمعون من نوافذهم.

ومنذ أن تولى الرئيس مادورو منصبه في عام 2013، تم إغلاق أكثر من 60 منفذاً إخبارياً مستقلاً، بعضها أثقلته الحكومة بغرامات تقدر بملايين الدولارات فرضتها عليها لجنة اتصالات حكومية اتهمت هذه الصحف بالترويج للكراهية وزعزعة استقرار الحكومة.

ويتهم مادورو الصحافة بأنها تتآمر ضد حكومته وتنشر معلومات كاذبة، وهذه الاتهامات هي امتداد للتكتيكات التي استخدمها سلفه ومعلمه، الرئيس الراحل هوغو شافيز، الذي وصف وسائل الإعلام المستقلة بالعدو بعد توليه منصبه في عام 1999.

تقول منسقة برنامج أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، في لجنة حماية الصحافيين، ناتالي ساوثويك، إن فنزويلا هي واحدة من أصعب البيئات بالنسبة للصحافة المستقلة، حيث استخدمت الحكومة أدوات مختلفة، من بينها المضايقة الجسدية واحتجاز الصحافيين، واستخدام المحاكم من أجل تضييق مساحة الوسائط المهمة.

وتضيف ساوثويك أن ذلك «يساعد الحكومة في النهاية على تحقيق هذا الهدف العام المتمثل في محاولة السيطرة على المعلومات، ومحاولة التحكم في السرد داخل الدولة وخارجها».

في مايو صادرت إحدى المحاكم المقر الرئيس لصحيفة «ال ناسيونال» في كاراكاس، وهي منفذ ظل ينتقد مادورو وأقرب مساعديه. وصدر الحكم نتيجة دعوى تشهير رفعها نائب رئيس الحزب الحاكم، ديوسدادو كابيلو، حيث طلب دفع ملايين الدولارات كتعويضات له. وفي الشهر نفسه، توقفت صحيفة «ال تيمبو دي انزواتيغوي»، في شمال شرق البلاد عن الطباعة، لكنها احتفظت بنسختها الرقمية.

وتقول منظمة إسبانسيو ببليكو غير الحكومية، التي توثق الرقابة على وسائل الإعلام في فنزويلا، إن الصحيفة علقت إصدارها المطبوع بسبب التضخم المفرط، وزيادة تكاليف الصيانة، ونقص ورق الصحف. وأصبح استيراد ورق الصحف أمراً صعباً بسبب ضوابط الحكومة الصارمة على العملة، والتي لم يتم تخفيفها إلا أخيراً، بعد إنشاء شركة احتكارية تديرها الدولة لبيع الورق لشركات الإعلام.

• منذ أن تولى الرئيس مادورو منصبه في عام 2013، تم إغلاق أكثر من 60 منفذاً إخبارياً مستقلاً، بعضها أثقلته الحكومة بغرامات تقدّر بملايين الدولارات فرضتها عليها لجنة اتصالات حكومية اتهمت هذه الصحف بالترويج للكراهية.

• تكافح وسائل الإعلام المستقلة في فنزويلا، من أجل البقاء واقفة على قدميها، لكن الصعوبة ليس في تضاؤل عائدات الإعلانات، بل في ضغوط من قبل حكومة تحاول السيطرة على تدفق الأخبار، بما في ذلك فرض غرامات على انتقاد المسؤولين، ووضع العقبات أمام شراء ورق الصحف.

تويتر