تحركاتها تهدد بإضعاف موقف الاتحاد

الدول الأوروبية الصغيرة تدرس استئناف العلاقات مع سورية

صورة

بعد بضعة أسابيع من إعادة انتخاب الرئيس السوري، بشار الأسد، تحاول دول أوروبية صغيرة عدة تحسين علاقتها مع الحكومة السورية، وانتقلت قبرص إلى سفارة جديدة في دمشق، في حين أن صربيا أرسلت سفيرها إلى العاصمة السورية.

وتعد هذه مجرد خطوات صغيرة، وليست تغيرات مهمة، غير أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خصوصاً الكبيرة منها، مثل فرنسا وألمانيا، لن تغير مواقفها، على الأرجح، في المنظور القريب، لكن هذه الخطوات وإن كانت مترددة، توضح مدى التحديات التي ستواجه الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يعود الوضع في سورية إلى حالته الطبيعية.

وقالت، كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات التي تركز على أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لوري فوشر: «تعمل التحركات التي تقوم بها هذه الدول الصغيرة على إضعاف موقف الاتحاد الأوروبي، وتعرف الحكومة السورية كيف تستغل ذلك».

اتهامات

ولقي نحو نصف مليون شخص مصرعهم خلال الصراع، الذي استمر عقداً من الزمن تقريباً، تم خلاله استخدام شتى أنواع الأسلحة من قبل المتحاربين، وتنصّ سياسة الاتحاد الأوروبي على عدم إرسال السفراء إلى سورية، التي تواجه حكومتها اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان.

وبالنظر إلى أن الحكومة السورية تسيطر الآن على 70% من أراضي سورية، التي تعاني تدميراً كبيراً نتيجة الحرب الأهلية، ترغب دول أوروبية صغيرة في فتح أقنية مباشرة مع حكومة دمشق، وذلك لأسباب براغماتية.

وأرسلت اليونان قائماً جديداً بالأعمال إلى دمشق، العام الماضي، وهو نيكولاس بروتونوتاريوس، الذي قال: «اليونان مهتمة بأن تكون موجودة في دولة تؤثر التطورات بها في مصالحنا اليومية، مثل أزمة الهجرة مثلاً».

عودة اللاجئين

ومع وجود نحو 3.6 ملايين سوري في تركيا، فإننا نجد أنه ليس من المستغرب أن «نجد اليونان تريد تقديم المساعدة من أجل جهود إعادة إعمار سورية، كي يتمكن السوريون المقيمون في تركيا واليونان من العودة إلى بلادهم، وفق ما ذكره أحد الدبلوماسيين، ويبدو أنه ليست اليونان فقط تريد ذلك، ففي شهر أبريل الماضي أعلنت الدنمارك أن دمشق والبلدات الموجودة في محيطها أصبحت آمنة، كي يعود إليها اللاجئون السوريون.

وحاولت روسيا التي تقدم الدعم للحكومة السورية، بإقناع دول العالم أن سورية آمنة، وعلى الرغم من أن القتال قد خفت حدته كثيراً، إلا أن الصراع لايزال موجوداً في شمال غرب سورية، الذي تسيطر عليه منظمات متشددة دينياً. وتتهم أجهزة مخابرات أجنبية عدة «بالحصول على معلومات من المخابرات السورية عن الآلاف من الإرهابين»، وفق ما ذكرت الأمم المتحدة، العام الماضي. واقتنعت بعض الدول العربية بإعادة العلاقات مع سورية، وإن كان لايزال هناك رفض لإعادتها إلى الجامعة العربية، وذلك لأن بعض هذه الدول ترى أن دمشق ترفض الانخراط في عملية سياسية ذات معنى.

تقلص الطموحات

ومن دون التسوية السياسية، فإن الاتحاد الأوروبي الذي قدم مليارات الدولارات من أجل المساعدات للشعب السوري، يرفض المشاركة في دفع مليارات الدولارات من أجل عملية إعادة إعمار سورية، وقال المحلل والاقتصادي السوري، كرم شعار: «ألمانيا وفرنسا مهتمتان كثيراً بالتسوية البعيدة الأمد للصراع في سورية، لأن عدم التوصل إلى تسوية سياسية تعتبرانه فشلاً ذريعاً».

وتقلصت طموحات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، إلى مجرد جلب الحكومة السورية والمجموعات المعارضة معاً لوضع مسودة دستور جديد، ومع ذلك لم تتوصل إلى أي نتائج حتى الآن.

ولهذه الأسباب فإن التحركات من أجل التقارب مع سورية تقوم بها الدول المحاذية لسورية، التي تريد فتح قنوات مباشرة مع دمشق، وفق ما قاله أحد الدبلوماسيين الأوروبيين. ومع ذلك فإن مثل هذه التحركات ينذر بحدوث انقسامات

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يرفض تمويل إعادة بناء سورية، إلا أن العديد من الدول يمول مشروعات يمكن أن تصب في مصلحة الشعب السوري، مثل إعادة تأهيل المدارس، وقالت فوشر: «إن موقف الاتحاد الأوروبي السياسي يمكن أن يستمر لفترة طويلة، والسؤال المطروح الآن: ما الذي يحدث على أرض الواقع؟ فهناك الآن فجوة بين موقف الاتحاد الأوروبي، وما يحدث على الأرض في ما يتعلق بالمساعدات».

وفي نهاية المطاف، فإن دبلوماسيين عديدين في الدول الأوروبية الجنوبية يشتكون من أن نظراءهم في الدول الشمالية، لا يفهمون الرغبة لديهم في إيجاد علاقات جيدة مع محيطهم المتوسطي، وهذا يتعلق بالمشاركة وليس الدعم»، وفق ما قاله أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي.

تشيلو كورنيش ■ صحافية بريطانية مهتمة بالشرق بالأوسط

مع وجود نحو 3.6 ملايين سوري في تركيا، فإنه ليس من المستغرب أن نجد أن اليونان تريد تقديم المساعدة من أجل جهود إعادة إعمار سورية، كي يتمكن السوريون المقيمون في تركيا واليونان من العودة إلى بلادهم، وفق ما ذكره أحد الدبلوماسيين.

• تقلصت طموحات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، إلى مجرد جلب الحكومة السورية والمجموعات المعارضة معاً لوضع مسودة دستور جديد، ومع ذلك لم تتوصل إلى نتائج حتى الآن.

تويتر