وسط قلق منظمات حقوق الإنسان والمدنيين

تقدّم «طالبان» نحو السيطرة على كل أفغانستان يتسارع

صورة

يتسارع زحف حركة «طالبان» نحو السيطرة على الأراضي الأفغانية، وخلال نهاية الأسبوع الماضي اكتسح مقاتلوها سلسلة من المناطق في شمال أفغانستان، وفرّ نحو 1000 جندي حكومي في محاولة يائسة للنجاة عبر مقاطعة بادخشان المجاورة لطاجيكستان. وكانت هذه ثالث موجة من الهروب نحو طاجيكستان خلال ثلاثة أيام فقط، والخامسة خلال أسبوعين في منطقة كانت سابقاً معقل المقاومة ضد «طالبان».

وتقدم المنطقة الحدودية في شمال أفغانستان إشارة مقلقة حول الأمور المقبلة. وأمر الرئيس الطاجيكي، ايمومالي رحمن، بتعبئة نحو 20 ألف جندي على الحدود، في حين ذكرت وكالة رويترز للأنباء، أن طاجيكستان التي تعتبر أفقر دولة في منطقة وسط آسيا، تدرس احتمال إنشاء مخيمات لجوء في حالة تدفق المدنيين الأفغان. وتركت السلطات الطاجيكية الممرات الحدودية مفتوحة، مع العلم أنها خاضعة لسيطرة «طالبان» من جهة أفغانستان.

ومنذ إعلان الولايات المتحدة انسحابها من أفغانستان، بدأت حركة «طالبان»، التي تم طردها من كابول قبل 20 عاماً، بالتقدم في شتى أنحاء أفغانستان، خصوصاً في المناطق الريفية. ويعتقد أن «طالبان» تسيطر الآن على نحو ثلث مساحة الدولة، وتقاتل من أجل السيطرة على المزيد.

وأخبر العضو في مجلس مقاطعة بادخشان، أحمد جاويد، زملائي الصحافيين، أن «الوضع سيئ»، وقال إن معظم المقاطعة وقعت بأيدي «طالبان»، وإن عاصمتها فيزاباد أصبحت محاصرة من قبل مقاتلي الحركة. وقالت السلطات في كابول للإعلام إنها ستشن هجوماً معاكساً ضد «طالبان».

وقام الجيش الأميركي بإخلاء قاعدة باغرام الجوية الضخمة التي عمل فيها عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين منذ عملية «الحرية المتواصلة» في عام 2001. وكانت مركز اعتقال أيضاً، حيث قام الجنود الأميركيون ومحققون من المخابرات المركزية بتعذيب السجناء، وفق تقارير صادرة عن مجموعات حقوق الإنسان.

المغادرة تحت جنح الظلام

وأعلن المسؤولون الأميركيون مغادرتهم القاعدة قبل أيام قليلة، وبعد ذلك أخذت السلطات الأفغانية الصحافيين إلى القاعدة. ووفق ما ذكره المسؤولون الأفغان لوكالة الأسوشييتد برس الإخبارية، فإن آخر الجنود الأميركيين غادروا القاعدة تحت جنح الظلام ولم يبلغوا القائد الأفغاني الجديد للقاعدة بمغادرتهم، الأمر الذي فسح المجال للصوص بسرقة القاعدة. وكانت القوات الأميركية قد تركت ملايين الأشياء وراءها، بما فيها آلاف السيارات المدنية ومئات العربات المدرعة.

وكانت الفوضى التي انتشرت، خلال الأشهر القليلة الماضية، قد أثارت قلق المراقبين. وتحذّر المنظمات الإنسانية من حدوث أزمة لجوء جديدة إذا اندلع الصراع من جديد، وتخشى مجموعات حقوق الإنسان من أن الحريات وحقوق المرأة ستضيع في المناطق التي تسيطر عليها «طالبان». وأما مجتمعات الأقليات، خصوصاً طائفة الهزارا الشيعية ربما سيواجهون رد فعل شرساً من «طالبان». وقال الطالب الجامعي (أبولطيف، 22 عاماً)، الذي قتلت أخته في هجوم بالقنابل على مدرسة في حي أغلبية سكانه من الهزارا في كابول، لأحد زملائي الصحافيين: «نريد الحصول على التعليم والتمسك بالقانون، ولكن الإرهابيين يريدون القضاء على طائفتنا».

كابول عصية

ولايزال الاستيلاء على كابول القوية التحصين بعيد الاحتمال. ولكن الدول المجاورة والولايات المتحدة تعتمد على عملية سياسية متوقفة بين الميليشيات والحكومة الأفغانية لبدء الحياة في الأشهر المقبلة. وعلى الرغم من تقدم قوات «طالبان» في كل المناطق، إلا أنهم يوضحون أنهم مستعدون للعودة إلى المفاوضات. وقال المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، لـ«رويترز»: «سيتم تسريع عملية مفاوضات السلام في الأيام القليلة المقبلة».

ومن غير المعروف حتى الآن فحوى هذه المفاوضات مع حركة «طالبان»، بالنظر إلى أن المسؤولين في كابول لايزالون ينتظرون رؤية المقترحات المكتوبة التي ستقدمها الحركة حول وجهة نظرها للسلام والمصالحة. وخلال هذا الوقت، يبدو أن الوضع الأمني يسوء. وأعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبل أيام، عن قلقه لتغيّر معادلة ميدان المعركة في شمال أفغانستان، وأعرب عن قلقه من أن الفصائل المرتبطة بتنظيم «داعش» كانت تحقق الانتصارات هناك. وأنحى باللوم لهذه التطورات «على التصرفات اللامسؤولة لبعض المسؤولين في كابول من ناحية، و«انسحاب حلف شمال الأطلسي السريع» من ناحية أخرى.

ويبدو أن الرئيس بايدن متعجّل للتخلص من أفغانستان، وخلال مؤتمر صحافي عقده في الرابع من يوليو الجاري، سأله أحد الصحافيين عن انسحاب الأميركيين من أفغانستان فتنهّد قليلاً، ثم أجابه قائلاً: «أريدك أن تسألني عن أشياء مفرحة»، ولكن رئيسة لجنة حقوق الإنسان المستقلة الأفغانية، شهرزاد أكبر، قالت: «كامرأة أفغانية لا أملك ترف الحديث عن أشياء مفرحة، وإنما عليّ الشعور بالقلق من المخاطر المحدقة».

إيشان ثارور ■ كاتب زاوية في «واشنطن بوست»

• تحذّر المنظمات الإنسانية من حدوث أزمة لجوء جديدة إذا اندلع الصراع من جديد. وتخشى مجموعات حقوق الإنسان من أن الحريات وحقوق المرأة ستضيع في المناطق التي تسيطر عليها «طالبان».

• لايزال الاستيلاء على كابول القوية التحصين بعيد الاحتمال. ولكن الدول المجاورة والولايات المتحدة تعتمد على عملية سياسية متوقفة بين الميليشيات والحكومة الأفغانية لبدء الحياة في الأشهر المقبلة.

• الرئيس بايدن متعجّل للتخلص من أفغانستان، وخلال مؤتمر صحافي عقده في الرابع من يوليو الجاري، سأله أحد الصحافيين عن انسحاب الأميركيين من أفغانستان فتنهّد قليلاً، ثم أجابه قائلاً: «أريدك أن تسألني عن أشياء مفرحة»، ولكن رئيسة لجنة حقوق الإنسان المستقلة الأفغانية، شهرزاد أكبر، قالت: «كامرأة أفغانية لا أملك ترف الحديث عن أشياء مفرحة».

تويتر