الكاتب الفرنسي ليونيل لوران:

المستبدون يتحكمون في الإنترنت بعد حقبة «كورونا»

صورة

أظهرت جائحة «كوفيد-19» جانبين من التقدم التكنولوجي: الأول إيجابي، وقد ساعد على توفير اللقاحات الآمنة والفعالة في وقت قياسي، ودعم الاقتصاد بأدوات الإنترنت للعمل من المنزل، كما أدى إلى تحسن رصد الأمراض، وتحسن الصحة العامة.

وأضاف الكاتب الصحافي الفرنسي ليونيل لوران، في تحليل نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أن الجانب الثاني هو الجانب السلبي الذي عزز حملات التضليل التي تشنها جهات مغرضة فاعلة، ونظم استبدادية، والذي عزز أيضاً القرصنة والتشويش على الخصوم، كما زاد من الأضرار العامة، مثل تعرض أشخاص لهجمات من أجل طلب فدية، والاحتيال.

حقيقة قاتمة

هذه هي الحقيقة القاتمة التي يتعين على الغرب التصدي لها مع إعادة فتح الاقتصاد، وتشكل قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى المقررة الشهر الجاري، توقيتاً مثالياً لذلك.

ولطالما صدرت تحذيرات العام الماضي من وقوع هجمات إلكترونية (سيبرانية)، ولكن حجم المشكلة ومدى انتشارها وصلا إلى آفاق جديدة.

ويقول لوران إنه لا يوجد علاج سهل لهذه المشكلة، فروسيا على سبيل المثال تركت دولاً مثل المملكة المتحدة في غضب شديد وهي عاجزة عن ملاحقة مرتكبي الهجمات الالكترونية.

كما أن توجه موسكو وبكين نحو «السيادة» الرقمية شجع نظماً ديكتاتورية أخرى، كما ظهر في إجبار بيلاروسيا طائرة ركاب شركة «ريان إير» الأيرلندية على الهبوط في مطار مينسك الأسبوع الماضي. وفي حرب المعلومات تكمن جذور هذه الأزمة التي أدت إلى صدع جديد بين الغرب ورئيس بيلاروسيا القوي، ألكساندر لوكاشينكو، الذي يتمتع بدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وكان الهدف الظاهر للوكاشينكو من إجبار الطائرة على الهبوط هو الصحافي البيلاروسي المعارض رومان براتاسيفتش، الذي يبلغ من العمر 26 عاماً، والذي يعيش في المنفى. وبراتاسيفتش هو رئيس التحرير السابق لقناة نيكستا التي تعمل من خلال تطبيق المراسلة المشفرة «تليغرام».

نمط من التصعيد

ويشير التحليل إلى نمط من التصعيد، ففي الشهر الماضي، بعد أيام من اعتقال أجهزة الأمن في روسيا اثنين من بيلاروسيا واتهامهما بالتخطيط لتنظيم ثورة، قالت مينسك إنها أحبطت «انقلاباً» كان يجرى الإعداد له عبر تطبيق زووم لاجتماعات الفيديو.

وتبعث حادثة «ريان إير» برسالة مفادها أن من ينتقدون مينسك عبر الانترنت ليسوا في مأمن حيثما كانوا حتى لو في المنفى. ويتفق هذا مع عقلية الحصار الدؤوبة التي يتسم بها لوكاشينكو، حيث يتصدى لتهديد حرب «هجين»، عبر الإنترنت وغيره، وهو يفترض أن الغرب يشن هذه الحرب ضده.

ويقول لوران إن صياغة استراتيجية لمواجهة ذلك، تتطلب القفز على لغة الماضي بشأن الدفاع عن «حرية الانترنت». وتستحق الأحداث التي تدور بشأن بيلاروسيا الرد عليها بما هو أبعد من العقوبات الضرورية، كما يتعين على الاتحاد الأوروبي وأميركا إظهار مزيد من التضامن مع المجتمع المدني في بيلاروسيا (والصحافيين في الخارج مثل براتاسيفتش) عبر مزيد من الدعم والتمويل.

وتقول المستشارة في مجال المخاطر السياسية، كاتيا جلود، إن الإعلام المستقل يحتاج إلى دعم من أجل مواجهة الغرامات التي لا تتوقف، والتصدي للمعلومات المضللة، وكذلك لإطلاق مواقع إلكترونية بديلة.

زيادة الموارد

كما أن وجود المزيد من الموارد لتعزيز الثقافة الرقمية من شأنه أيضاً أن يقدم مساعدة. وتقول الصحفية هانَّا ليوباكوفا، من بيلاروسيا، إن الإعلام المستقل سيستفيد من وجود المزيد من الأدوات لمكافحة الرقابة، وسواء كان ذلك من خلال شبكات افتراضية خاصة، أو مواقع إلكترونية متطابقة (وهي وسيلة لتكرار المحتوى نفسه عبر خادم ونطاق مختلفين من أجل التحايل على الحجب)، أو عبر أي أدوات أخرى.

وقد عطلت حكومة لوكاشينكو في بيلاروسيا معظم خدمات الإنترنت خلال الاحتجاحات على إعادة انتخاب الرئيس الصيف الماضي، باستخدام تكنولوجيا من إنتاج شركة «ساندفاين» الأميركية. وألغت الشركة في نهاية المطاف صفقتها مع بيلاروسيا، ولكن فقط بعدما فضحت وكالة بلومبرغ للأنباء الأمر.ويرى الكاتب لوران أنه يتعين على مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى تحديد المشتبه فيهم من مجرمي الهجمات الالكترونية، وفضحهم، وكذلك التهديد بالرد على الدول التي ترفض باستمرار معاقبة هؤلاء. ويجب على المجموعة توفير الموارد لمراقبة أسواق الإنترنت المظلمة، المجهولة، حيث تزدهر الجريمة كخدمات يتم تقديمها، وكذلك تجار التضليل في ما يتعلق بـ«كوفيد-19»، بدعم من عملات مشفرة وأسماء مستعارة.

وتعد شبكة «تور»، التي تخفي هويتها، من أفضل الأدوات المستخدمة ضد الرقابة، ولها استخدام مزودج، حيث إنها تستضيف الأسواق التي تتسم بالإجرام، والأنشطة المشروعة أيضاً التي تريد أن تهرب من أعين المتطفلين.

وعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2014 أكثر من 100 ألف دولار لمن يستطيع أن يكشف هويتها من أجل الوصول لمعارضين سياسيين، ولكن سعيه قوبل بالرفض. وأظهر بحث أعده إيريك غاردين، من جامعة «فيكتورا تيك» البحثية، كيف تتجمع أوجه الاستفادة من «تور» بشكل غير متناسب في دول لا تعد حرة، في حين تتجمع أضرارها في الدول الديمقراطية.

• يتعين على مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى تحديد المشتبه فيهم من مجرمي الهجمات الإلكترونية، وفضحهم، وكذلك التهديد بالرد على الدول التي ترفض استمرار معاقبة هؤلاء.

تويتر