تشكّل تحدياً كبيراً للرئيس الجديد

إيران تزيد تخصيب اليورانيوم لتعزيز قوتها التفاوضية مع إدارة بايدن

صورة

يُتوقع أن يؤدي قرار إيران استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، في منشأة «فوردو» النووية الإيرانية الموجودة تحت الأرض، إلى تفاقم التوتر الموجود أصلاً في العلاقات الأميركية - الإيرانية، وتشكيل عقبة جديدة لآمال إدارة الرئيس المنتخب، جو بايدن، في إنعاش الاتفاقية النووية الإيرانية.

ومع تجدد التوتر بين الدولتين، قال كبار مستشاري بايدن إن الإدارة المقبلة تخطط لإعادة فتح المفاوضات مع إيران، لوضع حد لبرنامجها النووي، وخلال إدارة الرئيس، دونالد ترامب، التي انسحبت من الاتفاقية النووية مع إيران عام 2018، استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم وباتت قريبة من صنع القنبلة النووية، على الرغم من استراتيجية إدارة ترامب التي تُعرف بـ«الضغوط القصوى».

وقال مستشار بايدن للأمن القومي القادم، جاك سوليفان، لمحطة «سي إن إن»، في مقابلة أجراها يوم الأحد الماضي: «قال بايدن إذا عادت إيران إلى الامتثال للشروط المنصوص عليها في الاتفاقية النووية، سنعود إلى التفاوض معها، لكن هذا سيكون الأساس للعودة إلى المفاوضات»، وأضاف سوليفان: «يجب أن يكون برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية (مطروحاً على الطاولة) في أي مفاوضات يمكن أن تأتي بعد عودة واشنطن وطهران إلى الاتفاقية النووية الإيرانية، التي كانت نقطة أساسية بالنسبة لمنتقدي الاتفاقية النووية في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما».

وهذه الملاحظات منسجمة إلى حد كبير مع موقف الرئيس السابق أوباما، والرئيس المنتخب جو بايدن، التي تفيد بأن عدداً من القضايا الشائكة، بما فيها برنامج صواريخ إيران الباليستية، ومغامراتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، ستتم معالجتها بصورة منعزلة بعد الانتهاء من الاتفاق على الاتفاقية النووية.

ويرى العديد من الخبراء خطوة إيران الأخيرة، المتمثلة في استمرار إيران في برنامج التخصيب إلى مستويات أعلى، يُقصد منها هدفان، الأول داخلي لمواجهة الضغوط التي يمارسها البرلمان الإيراني لزيادة مستوى التخصيب، خصوصاً بعد مقتل أحد كبار علماء إيران النوويين، في نوفمبر الماضي، وهو محسن فخري زاده، والثاني خارجي يهدف إلى تعزيز قوة إيران، في الوقت الذي تستعد للعودة إلى المفاوضات مع إدارة بايدن المقبلة.

وقال الخبير من جامعة كولومبيا، ريتشارد نيفيو، الذي كان كبير أعضاء الوفد الذي كان يتفاوض مع إيران خلال إدارة أوباما: «بالتأكيد فإن هذا يبدو موقفاً متعمداً من أجل إدارة بايدن المقبلة، وثمة قلق لدى الإيرانيين من أنه لن يكون لديهم ما يمكن أن يقايضوه مع الأميركيين للحصول على قبولهم بالاتفاقية النووية، وربما يشعرون بأنهم غير قادرين على معاقبة الولايات المتحدة، وليست لديهم القوة المناسبة في المفاوضات لإجبار الولايات المتحدة على إلغاء العقوبات الاقتصادية».

المدة باتت أقصر

وقال نيفيو إن إعلان طهران عن منشأة «فوردو» النووية يقصر المدة التي تحتاج إليها إيران لتخصيب اليورانيوم إلى المستوى الملائم لصنع القنبلة النووية، الذي يقدره نيفيو بأنه يمكن أن يكون ستة أشهر أو أقل، ومع وجود كمية كافية من اليورانيوم المخصب إلى نسبة 20%، يستطيع الإيرانيون تضييق هذه الفترة إلى نحو شهر ونصف الشهر، وهذا التحول من النسبة الحالية التي تخصب بها إيران اليورانيوم، وهي أقل من 5% إلى 20% يعد قفزة تكتيكية مهمة تقرب طهران أكثر إلى إنتاج الوقود النووي المناسب لصنع السلاح النووي.

وقال المدير التنفيذي لاتحاد مراقبة التسلح، داريل كيمبال: «إنه أمر مقلق جداً لأنه ليست هناك حاجة تقنية إلى رفع مستوى التخصيب إلى 20% بالنسبة لأي برنامج نووي سلمي، وهم من الواضح يحاولون تعزيز قوتهم في المفاوضات، لكن أعتقد أنهم يتجاوزون ويخاطرون بإمكانية إنقاذ الاتفاقية النووية»، وأضاف: «والأمر المهم هو سرعة التقدم في المفاوضات، وأتوقع أنهم يهتمون بسرعة التفاوض مع إدارة بايدن، ولطالما كانت وجهة نظرنا مفادها أن إيران غير متسرعة للحصول على السلاح النووي، كما يقول قادة إسرائيل، وهم يريدون الانتقام بصورة محسوبة ويمكن عكسها».

وإثر إعلان الإيرانيين عن منشأة «فوردو» النووية، أعرب المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر سانتو، وهو طرف في الاتفاقية النووية، عن قلقه من أن خطوة إيران تشكل «ابتعاداً كبيراً عن التزامات إيران النووية بموجب الاتفاقية النووية الموقعة معها»، وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية في تغريدة له: «قرار إيران الاستمرار في انتهاك التزاماتها برفع مستوى التخصيب، واللجوء إلى التخصيب في منشأة تحت الأرض، لا يمكن تفسيرهما بأي طريقة إلا من خلال التأكيد على نيتها تطوير برنامج نووي عسكري».

تعزيز السلوك العدواني

وحذر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في مقابلة مع موقع بلومبيرغ الإخباري، الاثنين الماضي، من أن إيران تعزز من سلوكها العدواني في الشرق الأوسط للضغط على إدارة بايدن المقبلة، وأضاف: «بالنظر إلى أنهم يعتقدون أن الرئيس المقبل في البيت الأبيض يمكن التوصل معه إلى اتفاق مرة ثانية، فإنهم يرفعون من مستوى نشاطهم تهديداً له».

في الأسابيع الأخيرة من إدارة الرئيس ترامب، قال المسؤولون الأميركيون إنهم ظلوا على أهبة الاستعداد واليقظة في ما يتعلق بمواجهة ما مع إيران، في الوقت الذي يتزامن مع مرور عام على قيام الولايات المتحدة باغتيال الجنرال الإيراني، قاسم سليماني. وطلبت إدارة ترامب من موظفي السفارة الأميركية في بغداد الانسحاب منها.

وأمر الرئيس ترامب حاملة الطائرات «يو إس إس نيمتز» ومجموعاتها الضاربة، بالعودة إلى الشرق الأوسط، ملغياً بذلك قرار وزير الدفاع بالوكالة، كريس ميللر، لإعادة الناقلة إلى الوطن، وفي اليوم ذاته، احتجزت إيران ناقلة نفط تابعة لكوريا الجنوبية، في تصعيد آخر للتوتر في المنطقة.

وقالت السلطات الإيرانية إن احتجاز الناقلة يتعلق بتلوث البيئة، ولكن هذه الخطوة التي ربما كان يقصد بها الضغط على سيؤول للإفراج عن الأموال الإيرانية المصادرة فيها، تزامنت مع إشارات تفيد بأن إيران تعزز من وجود قواتها البحرية في المنطقة، وحذر مسؤولون من خارج الإدارة الأميركية وداخلها، إضافة إلى آخرين حاليين وسابقين، من أنه يتعين على الولايات المتحدة الانسحاب إذا وقع هجوم ضدها.

وقال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، خلال إدارة ترامب، مايك مالوري، الذي أصبح الآن محللاً للأخبار في محطة «إيه بي سي نيوز»: «إيران تملك القدرة على وقف مرور السفن عبر مضيق هرمز وباب المندب، وهذا التدفق يمكن إن يسبب ضرراً للاقتصاد العالمي»، وأضاف: «إذا كانوا ينوون الهجوم على القوات الأميركية، فإنهم واثقون من أن جيشنا سيدافع عن نفسه ويرد بقوة كاسحة. وإذا كانت إيران تريد تجريب ذلك فإنها سترتكب خطأ كبيراً».

روبي غرامر وكولم لينش وجاك ديتش متخصصون في الصحافة والأمن الوطني


بومبيو حذر من أن إيران تعزز من سلوكها العدواني في الشرق الأوسط للضغط على إدارة بايدن المقبلة، إذ إنهم يعتقدون أن الرئيس المقبل في البيت الأبيض يمكن التوصل معه إلى اتفاق مرة ثانية، لذلك يرفعون من مستوى نشاطهم تهديداً له.

الخبير من جامعة كولومبيا ريتشارد نيفيو:

«إعلان طهران عن منشأة فوردو النووية يقصّر المدة التي تحتاج إليها إيران لتخصيب اليورانيوم إلى المستوى الملائم لصنع القنبلة النووية، الذي يقدر بأنه يمكن أن يكون ستة أشهر أو أقل».

تويتر