البلدان الثلاثة تتحالف من أجل مصلحتها

العقوبات الأميركية تدفع إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية إلى التقارب

صورة

يبدو أن العقوبات الشديدة على إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا قد فرضت على هذه الدول تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع استمرار الولايات المتحدة في الضغط على مواردها المالية. وفي السنوات الأخيرة سعى هذا التحالف الناشئ إلى تعزيز التعاون العسكري، والاستخباراتي، والاقتصادي، والإلكتروني، وبالتالي التهرب من العقوبات الأميركية. ومع الوقت يمكن لهذه البلدان أن تصبح أكثر مهارة في التهرب من العقوبات وتوسع القدرات العسكرية التي تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، فإن التداعيات الإنسانية الناجمة عن العقوبات لها نتائج سلبية على سمعة أميركا، ويمكن أن تعزز الخطاب المعادي لأميركا، والذي يضفي الشرعية على الأنظمة أمام شعوبها. ويجب على صانعي السياسة الأميركيين التفكير في كيفية تكييف تنفيذ العقوبات لتقويض التحالف العدائي للدول الخاضعة للعقوبات، وقدرتها المتزايدة على الإضرار بالمصالح الأمنية الأميركية وتهديد سلامة حلفائنا.

إن السياسة الأميركية تجاه إيران لم تمنع بشكل فعال التعاون بين إيران وكوريا الشمالية، لتطوير الأسلحة؛ طالما كانت الدولتان تشتركان في عدم الثقة في السياسة الخارجية الأميركية، وتم التقارب بينهما بمجرد انسحاب إدارة ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة وتشديد العقوبات. وأشار الدبلوماسي الكوري الشمالي، ري يونغ هو، خلال زيارة لإيران، في عام 2018، إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران تجعلها «غير جديرة بالثقة ولا يمكن الاعتماد عليها»، وأن إيران وكوريا الشمالية «لديهما دائماً وجهات نظر متقاربة»، بشأن العديد من القضايا. ويتجلى هذا العداء تجاه الولايات المتحدة على أعلى مستوى في كل جانب تقريباً، من جوانب التعاون بين كوريا الشمالية وإيران.

أولاً: تتعاون طهران وبيونغ يانغ لتطوير الأسلحة وبيعها، ما يوفر الأساس للشراكات المستقبلية. ويعتمد برنامج إيران النووي بشكل كبير على المعرفة الكورية، ومبيعات الأسلحة لإيران تدعم احتياطيات بيونغ يانغ من العملات الأجنبية.

ثانياً: تقوم كوريا الشمالية أيضاً بشراء الطاقة من إيران، إذ تشير الأدلة إلى نقل النفط الإيراني من الصين إلى كوريا الشمالية. وعلى الرغم من أن الرغبة في الاكتفاء الذاتي قد تؤدي في النهاية إلى تقويض علاقة الاعتماد المتبادل هذه، فإنه يتعين على الزميلين الاستبداديين التعاون مع بعضهما بعضاً، للتخفيف من الضغوط الناجمة عن العقوبات الأميركية الشديدة. وجدير بالذكر أن الدولتين قد تتعاونان بشأن الهجوم السيبراني، وقدرات الدفاع، ويمكنهما تبادل المعلومات الاستخباراتية التي تضر بمصالح حلفاء الولايات المتحدة. وفي المقابل، يمكن أن ترتبط الدولتان ببعضهما بعضاً لأنهما تواجهان عقوبات أميركية قاسية.

مشاعر معادية

مع استمرار الحكومة الأميركية في فرض عقوبات اقتصادية، ودعوات لتغيير النظام، عززت فنزويلا علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وكوريا الشمالية. وعلى الرغم من أن العقوبات الأميركية على فنزويلا وإيران قد خفضت بشكل فعال عائدات التصدير المستقلة، فإنها شجعت عن غير قصد على زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وسط تزايد المشاعر المعادية لأميركا. وفي وقت سابق من هذا العام، تحدت إيران حملة الضغط الأقصى لإدارة ترامب بأسطول من ناقلات الوقود المتجهة إلى فنزويلا، تحمل 1.53 مليون برميل من البنزين، ومستلزمات التكرير؛ في انتهاك واضح للعقوبات الأميركية.

بالإضافة إلى ذلك، تواصل إيران الاستفادة بشكل جيد من وضعها كمراقب داخل تحالف «ألبا» البوليفاري للأميركتين من أجل تعزيز الروابط التجارية القائمة مع فنزويلا، وتفادي العقوبات الاقتصادية الأميركية. وافتتحت إيران، أخيراً، أول متجر لها في كاراكاس، والذي اعتبره القائم بأعمال وزير الخارجية الأميركي، مايكل كوزاك، بمثابة «تحالف من دول منبوذة». وتضع هذه الاستثمارات التجارية الثنائية الأساس للجهود التعاونية المستقبلية للتهرب من العقوبات الأميركية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية التي تضر بالأمن القومي للولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية لا يمكنها أن تدعم فنزويلا مالياً، بسبب هشاشتها الاقتصادية، فإنها تستطيع تزويد فنزويلا بالتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، والمعرفة المؤسسية اللازمة لاستغلال العقوبات الأميركية بشكل أكبر لمصلحتها.

في مارس 2020، حذر خبراء الأمم المتحدة من أن أحدد الموالين للرئيس نيكولاس مادورو، ويدعى ديوسداد كابيلو، ربما يكون قد توسط في صفقة عسكرية وتكنولوجية غير قانونية مع كوريا الشمالية، خلال زيارته لبيونغ يانغ، في سبتمبر 2019، وبعد شهر منذ ذلك، افتتحت فنزويلا سفارتها الأولى في بيونغ يانغ، كما تم التوصل إلى «اتفاقيات هائلة» في الزراعة والتكنولوجيا والتمويل مع كوريا الشمالية. وعلاوة على ذلك، التزم وزير خارجية كوريا الشمالية بتقديم «مساعدة ودعم شامل لحكومة فنزويلا»، خلال حفل افتتاح السفارة. وقبل عام 2019، أجرت كاراكاس مراسلات دبلوماسية مع بيونغ يانغ من خلال سفارتها في بكين.

تواصل مباشر

لذلك، يشير قرار مادورو بمواصلة التواصل الدبلوماسي المباشر مع كوريا الشمالية من خلال سفارته إلى إعادة ترتيب أولويات العلاقة بين فنزويلا وكوريا الشمالية، وتحوط محتمل ضد الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن تفاصيل الصفقة غير معروفة، فإن تاريخ كوريا الشمالية في تزويد الأنظمة الاستبدادية، في إيران وسورية، بتكنولوجيا الأسلحة النووية والبالستية والكيمياوية، يشير إلى أن فنزويلا يمكن أن تصبح أيضاً عميلاً في المستقبل. وستتاح لإدارة الرئيس جو بايدن الفرصة قريباً لردع هذا التهديد الناشئ عن طريق إعادة بناء طريقة التعامل الاقتصادي الأميركي. وظل الرئيس كيم جونغ أون هادئاً بشكل غير مسبوق، بعد نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، بينما أعرب مادورو عن اهتمامه باستئناف الحوار مع الرئيس الأميركي المنتخب. ويمكن لإدارة بايدن الاستفادة من المساعدات الغذائية، لتحسين العلاقات مع هذه الدول دون إضفاء الشرعية على أنظمتها الديكتاتورية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تخفيف العقوبات بسبب الجائحة، والمساعدات الغذائية، سيسهمان في التخفيف من المشكلات الصحية المتعلقة بـ«كوفيد-19»، والتي تزيد من زعزعة استقرار كوريا الشمالية وفنزويلا وإيران، وقد يؤدي هذا أيضاً في نهاية المطاف إلى تقليل اعتمادها الكلي على الصين وروسيا من أجل استقرارها مالياً خلال الوباء. وفي حين أن إدارة بايدن لا ينبغي أن تسعى إلى تنشيط اقتصادات خصوم الولايات المتحدة، يجب أن تدرك أن الاستمرار في تطبيق حملة عقوبات قصوى لن يؤدي إلا إلى تفاقم معاناة الناس العاديين، وتشجيع المزيد من التشابك الاقتصادي مع قوى مثل الصين وروسيا.


تداعيات

التداعيات الإنسانية الناجمة عن العقوبات لها نتائج سلبية على سمعة أميركا، ويمكن أن تعزز الخطاب المعادي لأميركا، الذي يضفي الشرعية على الأنظمة أمام شعوبها.


• في حين أن إدارة بايدن لا ينبغي أن تسعى إلى تنشيط اقتصادات خصوم الولايات المتحدة، يجب أن تدرك أن الاستمرار في تطبيق حملة عقوبات قصوى، لن يؤدي إلا إلى تفاقم معاناة الناس العاديين.

• تضع الاستثمارات التجارية الثنائية الأساس للجهود التعاونية المستقبلية للتهرب من العقوبات الأميركية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية التي تضر بالأمن القومي للولايات المتحدة.

جيسون بارتليت وإميلي جين - باحثان في برنامج الطاقة والاقتصاد والأمن بمركز الأمن الأميركي الجديد

تويتر