يعانين إهمالاً طبياً وانعدام زيارات الأهل

39 أسيرة فلسطينية يواجهن ظروفاً إنسانية واعتقالية صعبة

صورة

منذ خمسة أعوام مضت، غيب الاحتلال مصطلح الطفولة عن حياة الطفلة الفلسطينية أميرة أبوكميل من قطاع غزة، إذ أصبحت أماً منذ الصغر، تُلقى على كاهلها مهمة رعاية وتربية أشقائها الأطفال الستة (ثلاث إناث، وثلاثة ذكور)، وذلك بعد أن اعتقلت إسرائيل والدتها نسرين، في شهر أكتوبر لعام 2015، حيث كانت تبلغ من العمر حينها «11» عاماً.

أما شقيقها أحمد، فكان يبلغ من العمر ثمانية أشهر، لحظة اعتقال والدته، واليوم بلغ سن السادسة، إذ كبر عاماً تلو آخر، وهو محروم دفء حضن والدته، التي لا يعرفها إلا من خلال الصور، حيث تمنع إسرائيل أطفال الأسيرة أبوكميل من زيارتها منذ لحظة اعتقالها، ولم تسمح لهم بمحادثتها إلا مرة واحدة هاتفياً، لمدة 15 دقيقة، طوال السنوات الخمس الماضية.

معاناة وحرمان

الأسيرة الفلسطينية نسرين أبوكميل (45 عاماً)، تقضي حكماً مدته ست سنوات داخل سجن الدامون الإسرائيلي، المخصص لاعتقال الأسيرات الفلسطينيات، فيما تعاني أمراضاً خطرة أصيبت بها داخل المعتقلات، كالسكري، والضغط، والتهاب القدمين، وذلك بحسب زوجها حازم أبوكميل.

ويمضي أبوكميل، قائلاً: «زوجتي الأسيرة أصيبت بالأمراض داخل معتقلات الاحتلال، حيث عانت ولاتزال ظروفاً إنسانية قاسية، خلال تنقلها على مدار السنوات الخمس الماضية بين السجون الإسرائيلية، منها: الرملة، وعسقلان، والشارون، وصولاً إلى معتقل الدامون».

كما تعاني الأسيرة نسرين أبوكميل إهمالاً واضحاً في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، وتوفير العلاج اللازم لها، الأمر الذي تسبب في تدهور حالتها الصحية، وفاقم معاناتها داخل السجن، نتيجة حرمانها رؤية أطفالها، وزيارتهم لها.

ويشير أبوكميل إلى أنه لم يتمكن، هو وأطفاله، من زيارة زوجته الأسيرة منذ اعتقالها، مضيفاً: «لم نرها سوى في الصور، بعد السماح للأسيرات بالتصوير، إذ أرسلت لنا صورها مع أهالي الأسرى الذين يتمكنون من زيارة أبنائهم».

مآسٍ إنسانية

معاناة الأسيرة نسرين أبوكميل تعد جانباً من معاناة الأسيرات الفلسطينيات في معتقلات الاحتلال، اللواتي يعانين أوضاعاً معيشية واعتقالية قاسية للغاية، حيث كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عن تعرض 39 أسيرة فلسطينية في معتقلي الدامون والشارون، لمآسٍ إنسانية صعبة للغاية من قبل إدارة السجون الإسرائيلية.

ويشير مدير التوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، عبدالناصر فروانة، في حديث خاص لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن الأسيرات الفلسطينيات يتعرضن للإهمال الطبي من قبل إدارة المعتقلات الإسرائيلية، وعدم تقديم العلاج الطبي اللازم لهن، خصوصاً للمريضات منهن، وتركهن للأوجاع تنهش أجسادهن النحيلة، مبيناً أن جميعهن بحاجة لمتابعة طبية حثيثة ومتخصصة.

ويقول فروانة: «الإهمال الطبي مأساة حقيقية، تتجرع مرارتها الأسيرات، خصوصاً الحالات المصابة بأمراض خطرة ومزمنة، وأخطر تلك الحالات الأسيرة إسراء جعابيص، التي أصيبت بحروق بالغة أثناء عملية اعتقالها، حيث تحتاج لعمليات جراحية عدة، والأسيرة أمل طقاطقة المصابة بخمس رصاصات في جسدها، وتحتاج إلى إجراء عملية جراحية، لإزالة البلاتين من ساقها، والأسيرة سمر أبوطاهر التي تشتكي من مرض السكري.

ويضيف: «الأسيرة إيمان أعور تعاني كتلاً سرطانية في الأوتار الصوتية، وروان أبوزيادة التي تعاني أوجاعاً في الرقبة والمعدة، إلى جانب العديد من الأسيرات اللاتي يعانين أمراضاً مزمنة، ومختلفة، وبحاجة إلى متابعة طبية مستمرة».

أبسط الحقوق

وبحسب فروانة، قدمت الأسيرات الفلسطينيات، في الدامون، مطالب عدة لإدارة المعتقل، لتحسين ظروفهن المعيشية، من بينها: إزالة كاميرات المراقبة من ساحة الفورة، والبالغ عددها 20 كاميرا، كونها تحد من حركتهن وتنتهك خصوصيتهن، والسماح لهن بإجراء مكالمات هاتفية مع الأهل، في ظل انقطاع الزيارات، حالياً، بسبب ظروف كورونا.

وطالبت الأسيرات بإيجاد حل لقسم «المعبار» بمعتقل الشارون، حيث تحتجز فيه الأسيرات الموقوفات والمعتقلات حديثاً بظروف سيئة وغير إنسانية، وإصلاح المرافق التالفة في القسم، خصوصاً ساحة الفورة، وطلاء أرضيتها بمادة مناسبة لمنع التزحلق.

ويشير مسؤول وحدة التوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى أن هذه المطالب العادلة، تقدمها الأسيرات للمرة العاشرة على التوالي، للحصول على أبسط حقوقهن المكفولة بكل القوانين والأعراف الدولية، مبيناً أن إدارة السجون الإسرائيلية تتبع سياسة المماطلة، والوعود الوهمية.

من جهة ثانية، تؤكد أم علي أبوعيادة، والدة الأسيرة شاتيلا، في حديثها لـ«الإمارات اليوم»، أن ابنتها تعاني نقصاً وانعدام الاحتياجات والمتطلبات الأساسية داخل معتقل الدامون، لافتة إلى أنها لم تتمكن من زيارة ابنتها الأسيرة داخل المعتقل، أو الحديث معها هاتفياً، منذ شهر مارس الماضي، بسبب إجراءات «كورونا».

وتقضي الأسيرة شاتيلا أبوعيادة (27 عاماً)، وهي فتاة بدوية من سكان بلدة كفر قاسم في المثلث الفلسطيني المحتل، داخل معتقل الدامون حكماً مدته 16 عاماً، منذ اعتقالها عام 2016، وهو الأعلى بين الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال.

وتوضح أم علي أبوعيادة أن من أشكال المعاناة التي تواجهها ابنتها، وجميع الأسيرات الفلسطينيات، النقل عبر سيارات البوسطة، حيث تمكث بداخلها ساعات طويلة منذ الفجر، حتى وقت الليل، دون توافر وسائل السلامة داخلها، إلى جانب اختلاطها مع سجينات جنائيات إسرائيليات، ما يعرضها للاعتداء الجسدي واللفظي منهن.

حقائق وأرقام

يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين، في معتقلات الاحتلال، 4400 أسير، من بينهم 155 طفلاً.. و39 سيدة، منهن 16 أماً.

ويشير مسؤول وحدة التوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، عبدالناصر فروانة، إلى أن أعداد الأسيرات الفلسطينيات تتوزع على جميع المناطق الفلسطينية، حيث يبلغ أعداد الأسيرات من مدينة القدس 12 أسيرة، وأسيرتين من قطاع غزة، وست أسيرات من الداخل الفلسطيني المحتل، أما الأسيرات من سكان الضفة الغربية فيبلغ عددهن 19 أسيرة.

ومن بين إجمالي الأسيرات توجد 23 أسيرة، صدرت بحقهن أحكام مختلفة، إذ تقضي ثماني أسيرات أحكاماً عالية، تزيد على 10 سنوات، وتسع أسيرات أخريات يقضين أحكاماً تراوح بين خمس و10 سنوات، فيما تعد الأسيرتان: شروق دويات، وشاتيلا أبوعيادة، أعلاهما حكماً، وهو 16 عاماً.

فيما تعد الأسيرة أمل جهاد طقاطقة، أقدم الأسيرات، إذ تقضي حكماً مدته سبعة أعوام.


- قدمت الأسيرات الفلسطينيات، في «الدامون»، مطالب عدة لإدارة المعتقل، لتحسين ظروفهن المعيشية، من بينها: إزالة كاميرات المراقبة من ساحة الفورة، والبالغ عددها 20 كاميرا، كونها تحد من حركتهن، وتنتهك خصوصيتهن، والسماح لهن بإجراء مكالمات هاتفية مع الأهل.

- يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال 4400 أسير، من بينهم 155 طفلاً..  و39 سيدة، منهن 16 أماً.

تويتر