الحفريات تسبّبت في تشقق المنازل.. وبلدية إسرائيل تخطر السكان بإخلائها

100 مقدسي بحي باب السلسلة.. عبئا ثقيلا على إسرائيل

صورة

عبر أزقة البلدة القديمة، وبين أسواقها العتيقة، توصل سلالم باب السلسلة، أحد الأبواب التاريخية للمسجد الأقصى المبارك، إلى حي باب السلسلة، أو كما يشتهر بـ«حوش النيرسات»، الذي تقطن منازله 20 عائلة مقدسية منذ مئات السنين، إلا أن هذا الحي التاريخي، رغم قلة عدد سكانه، بات حملاً ثقيلاً على إسرائيل، وتسعى لتهجير من يعيش بداخله، والسيطرة عليه بالكامل، بكل ما تمتلك من مخططات وأساليب تهويدية.

وقد بدأت شركة «جيحون» الإسرائيلية لمياه ومجاري القدس، في نهاية ديسمبر من العام الماضي، أعمال حفر في منطقة حي باب السلسلة، لتبديل أنابيب المياه في المكان، ومع انفجار أحد الأنابيب أسفل «حوش النيرسات»، وتسرب المياه منها بقوة تحت الأرض، أدى ذلك إلى تحرك الأتربة والحجارة، ما تسبب في هبوط الأرضيات في الحي وتصدع كل منازله وأزقته وتضررها بشكل كبير.

بفعل ذلك، إلى جانب الحفريات السابقة التي تجريها إسرائيل، نتجت تشققات في منازل حوش النيرسات، فيما توسعت رقعة هذه التصدعات، وظهرت انهيارات في أرضيات المنازل والمحال التجارية، وتسربت المياه من الأسقف والأرضيات.

هنا ظهر الهدف الحقيقي الذي تسعى إسرائيل للوصول إليه، فرغم أنها المتسبب في مأساة حوش النيرسات، إلا أنها طالبت السكان بإخلاء المنازل خلال 30 يوماً، وقد أصدرت بلدية الاحتلال في القدس، في 20 يناير الجاري، قراراً يقضي بإخلاء تسعة منازل بحي باب السلسلة في القدس القديمة، بسبب خطورة البناء القائم.

ليس هذا فحسب، بل تضمن قرار الإخلاء، الذي علقته طواقم البلدية على أبواب منازل السكان، بنداً يشمل دفع مخالفة بقيمة 3600 شيكل، إذا انتهت المدة التي حددتها البلدية، من دون أن يخلي السكان منازلهم، بالإضافة إلى دفع 160 شيكلاً عن كل يوم بعد انتهاء الـ30 يوماً.

مأساة حقيقية

«الإمارات اليوم» كانت في حوش النيرسات داخل باب السلسلة، الذي تؤوي منازله الـ20 نحو 100 مقدسي، فبمجرد دخول الحوش تنكشف حقيقة المأساة، حيث يظهر حجم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمكان، وبمنازل السكان المقدسيين، فيما يصدح صوت الأهالي بين الفينة والأخرى وهم يشتكون معاناتهم، في ظل خشيتهم من انهيار المنازل عليهم بين ليلة وضحاها.

وقال المقدسي، أبوتامر أبوعصب، أحد سكان حوش النيرسات في باب السلسلة المقدسي، لـ«الإمارات اليوم»: «إن التشققات بدأت تظهر تدريجياً في الأزقة المؤدية إلى منازل حوش النيرسات داخل باب السلسلة، وبعد أيام من الحفريات في المنطقة، سرعان ما انتقلت إلى داخل البيوت، لتشمل الأسقف والجدران».

ووصف حالة منازل العائلات في حوش النيرسات بالخطرة، على ضوء ظهور تشققات كبيرة منذ أسبوعين في العديد من المنازل، بسبب الحفريات التي قامت بها شركة جيحون للمياه في سوق باب السلسلة، مشيراً إلى أنه جرى اكتشاف تسربات للمياه تحت المنازل بسبب تضرر خطوط المياه، لتتدفق تحت المنازل طوال هذه الفترة، متسببة في تآكل قواعد البيوت.

وأوضح أن جميع منازل حوش النيرسات المقدسي تضررت بفعل الحفريات، التي أصابتها بتشققات واسعة، وأكثر العائلات، التي بات العيش في منزلها يهدده الخطر، عائلات: عابدين، والسلامة، والرشق، وسليمي، وزاهدة، وأبوعصب، ووزوز.

تجاهل المعاناة

وأشار المواطن المقدسي إلى أن بلدية الاحتلال في القدس تتجاهل مأساتهم، ولا تنظر إلى الخطر الذي يدهمهم، حيث ترفض إصلاح البنية التحتية في المنطقة، لافتاً إلى أن معاناة السكان تزداد كل يوم، جراء تسرب المياه إلى قواعد منازل العائلات المقدسية.

وترفض عائلات حوش النيرسات المقدسي إخلاء منازلها، بعد إمهالهم 30 يوماً من بلدية الاحتلال، مؤكدين تمسكهم بها، والإصرار على إعادة ترميمها للبقاء بها، وذلك بحسب المواطن المقدسي أبوعصب، الذي قال: «وُلدت في حوش النيرسات، والمنزل الذي أعيش به هو إرث الآباء والأجداد، ولن نخرج من منزلنا حتى لو تهدم علينا».

حفريات ممتدة

الحفريات في منطقة باب السلسلة بدأت منذ سنوات، ومازالت مستمرة ومتشعبة، وذلك بحسب أستاذ العمارة الإسلامية في جامعة بيرزيت الباحث في شؤون القدس، جمال عمرو.

وقال عمرو: «إن الحفريات في منطقة حوش النيرسات وباب السلسلة متجهة باتجاه الغرب، حيث باب الخليل والمسجد الأقصى، وباتجاه الشمال حيث باب العامود، وباتجاه الجنوب حيث يوجد نفق قديم باتجاه طريق باب الواد، إلى جانب نفق جديد شُق أخيرا».

وأشار إلى إن القاعدة الأساسية للأبنية في منازل حوش النيرسات أُنشئت في العهد المملوكي، وبُني الطابق الثاني منها في الفترة العثمانية المتأخرة، في حين توجد تحت الأرض أقبية تعود إلى الفترة الصليبية، مضيفاً أن «مباني تاريخية مثل هذه المنازل من المتوقع ألا تصمد، بعد سحب الأتربة والقواعد والحجارة من تحت قواعدها، بفعل حفريات الشركة الإسرائيلية».

ولفت أستاذ الهندسة المعمارية إلى أن إسرائيل تسعى، من خلال هذه الحفريات، إلى تهجير المقدسيين من حوش النيرسات وباب السلسلة، بفعل قربها من المسجد الأقصى المبارك، ولوصل البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة ببعضها.

بلدية الاحتلال في القدس تتجاهل مأساة سكان حوش النيرسات، ولا تنظر إلى الخطر الذي يدهمهم، حيث ترفض إصلاح البنية التحتية في المنطقة، والمعاناة تزداد كل يوم، جراء تسرب المياه إلى قواعد منازل العائلات المقدسية.

جمال عمرو:

«الحفريات متجهة إلى الغرب حيث المسجد الأقصى، وباتجاه الشمال حيث باب العامود، وباتجاه الجنوب وباب الواد».

تويتر