اعتباره «سباق تسلح» أمر خاطئ ويؤدي إلى نتائج عكسية

الذكاء الاصطناعي يتجه ليصبح وسيلة للتطوير الشامل وتعزيز الاستقرار الاستراتيجي

صورة

في آخر مناظرة رئاسية للديمقراطيين، أعلن المرشح الرئاسي، أندرو يانغ، قائلاً «إننا في طريقنا إلى خسارة سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي لمصلحة الصين». وكدليل، أشار إلى حصول بكين على كميات هائلة من البيانات ذات الأهمية الكبيرة، فضلاً عن استثمارها في البحث والتطوير في هذا المجال. ويبدو أن يانغ وآخرين، وعلى رأسهم لجنة الأمن القومي المعنية بالذكاء الاصطناعي، التي أصدرت تقريرها المؤقت لـ«الكونغرس»، الشهر الماضي؛ محقون بشأن نقاط القوة الحالية للصين في تطوير الذكاء الاصطناعي، والمخاوف الخطرة التي يجب أن يثيرها هذا التوجه في الولايات المتحدة، لكن تأطير التقدم في الميدان باعتباره «سباق تسلح» أمر خاطئ، ويؤدي إلى نتائج عكسية، وبدلاً من ذلك، تسعى بكين سعياً حثيثاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية، وللمراقبة التكنولوجية التي تنتهك حقوق الإنسان، لذا يجب على واشنطن أن تجد طريقها إلى الحوار والتعاون بشأن هذه التقنية، لأن مزيجاً عملياً ودقيقاً من المنافسة والتعاون من شأنه أن يخدم المصالح الأميركية بشكل أفضل من تبني مقاربة «سباق التسلح».

توازنات السلطة

ليس من المفاجئ إذاً أن تكون فكرة المنافسة بين القوى العظمى قد أعادت إحياء توازنات السلطة، وقد بات الذكاء الاصطناعي ضمن خطاب «السباق». ويقال للأميركيين إن الصين تتقدم في هذا المجال، لدرجة أن الولايات المتحدة ستتخلف عن الركب قريباً. ومثل المخاوف التي أحاطت بالنهوض الاقتصادي لليابان في الثمانينات، أو بالاتحاد السوفييتي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فإن القلق بشأن الهيمنة التكنولوجية يعكس انعدام الثقة في الولايات المتحدة حول براعة هذا البلد الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

الذكاء الاصطناعي، كتقنية، لا يندرج بشكل طبيعي في هذا الإطار، ولا يمثل سلاحاً استراتيجياً. وعلى الرغم من الادعاءات بأنه سيغير كل شيء تقريباً في الحروب المقبلة، وعلى الرغم من إمكاناته النهائية المحتملة، فمن المحتمل، فقط، أن يحسن هذا الذكاء، في المستقبل المنظور، بشكل تدريجي، المنصات الحالية والأنظمة غير المأهولة، مثل الطائرات بدون طيار، والأداء في ساحة المعركة. ومع ذلك، من المهم ضمان تفوق الولايات المتحدة على منافسيها وخصومها في التطبيقات العسكرية والاستخبارية في ما يتعلق بهذه التقنية، لكن هذه التطبيقات ليست سوى عنصر واحد من عناصر تطوير الذكاء الاصطناعي، ولا ينبغي أن تهيمن على نهج الولايات المتحدة بأكمله.

القيادة لا تعني الفوز

إن الحقل الفرعي لهذا الذكاء، والمتمثل في التعلم الآلي، له مستقبل واعد، وهو مجموعة أدوات واسعة من الإمكانات والأساليب الإحصائية، ومجموعة من التقنيات التي تساعد على تطوير الكثير من الأشياء. ومن غير الواضح ما الذي سيشكله بالضبط «الفوز» في «سباق» الذكاء الاصطناعي.

لجنة الأمن القومي محقة تماماً في أن «التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي لا يمكن فصلها عن المنافسة الاستراتيجية الناشئة مع الصين، والتطورات في المشهد الجيوسياسي الأوسع».

وقيادة أميركا لهذا المجال أمر أساسي، لكنها لا تعني الفوز، ومع ذلك، فإن الحفاظ على التفوق في هذا المجال أمر ضروري، ولكنه غير كافٍ. وتتطلب القيادة العالمية الحقيقية صياغة القواعد والمعايير لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل استباقي، وضمان نشر فوائده في جميع أنحاء العالم، على نطاق واسع ومنصف، كما يجب العمل على تهدئة المنافسة بين القوى العظمى، لأنها قد تؤدي إلى صراع كارثي.

وهذا يتطلب تعاون الولايات المتحدة مع الأصدقاء وحتى المنافسين مثل الصين. هنا، يُعتقد أن الجوانب المهمة من ملاحظات لجنة الأمن القومي حول تقرير الذكاء الاصطناعي الأخير لم تلق سوى اهتمام ضئيل للغاية.

أولاً، كما تلاحظ اللجنة، فإن الحوار الرسمي الأميركي مع الصين وروسيا بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في القيادة والسيطرة النووية، والتطبيقات العسكرية، وسلامة آليات الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يعزز الاستقرار الاستراتيجي.

ثانياً، يمكن أن يساعد تعاون الباحثين والمهندسين والشركات الصينية والأميركية، وكذلك الحوار الثنائي بشأن القواعد والمعايير الخاصة بتطوير الذكاء الاصطناعي، على تخفيف التوتر والتنافس المتزايد في العلاقة الأميركية الصينية.

أخيراً، هناك عائق أكبر بكثير لمشاركة عناصر الذكاء الاصطناعي الأساسية، مثل البيانات والبرامج وبناء الذكاء الاصطناعي، لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، إذا كانت أميركا ترى أن الذكاء الاصطناعي هو سباق تسلح. وعلى الرغم من تزايد الطلبات التجارية والعسكرية على الذكاء الاصطناعي، إلا أن الطلب لأعراض مجتمعية، بما في ذلك معالجة تغير المناخ، وتحسين الاستجابة للكوارث، وتعزيز القدرة على الاستجابة، ومنع ظهور الأوبئة، وإدارة النزاعات المسلحة، والمساعدة في التنمية البشرية، كل ذلك لايزال دون المستوى. وستستفيد هذه المجالات من التعاون والاستثمار متعدد الأطراف، بقيادة الولايات المتحدة والصين.

تتصدر أخبار سباق الذكاء الاصطناعي عناوين الصحف الكبرى، لكن التنافس الأميركي - الصيني، غير المقيد، ينطوي على مخاطر دفع الولايات المتحدة والعالم إلى مسار خطر. وينبغي على واشنطن وبكين الاعتراف بخطأ سباق تسلح يشمل الذكاء الاصطناعي، لا يوجد فيه رابحون. وبدلاً من ذلك، يجب أن يتصدر كلاهما (واشنطن وبكين) من خلال الاستفادة من التكنولوجيا لتحفيز الحوار بينهما، وتعزيز التعاون العملي لمواجهة القوى العديدة التي تفرق بينهما، بما يفيد العالم بأسره، في هذه العملية.


- تتطلب القيادة العالمية الحقيقية صياغة القواعد

والمعايير لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل

استباقي، وضمان نشر فوائده في جميع أنحاء

العالم، على نطاق واسع ومنصف، كما يجب العمل

على تهدئة المنافسة بين القوى العظمى.

 

تويتر