محللون اعتبروه الأسوأ منذ أكثر من عقد

قمع المتظاهرين في العراق يعيد إلى الأذهان ممارسات العهد الديكتاتوري

متظاهرون عراقيون يشتبكون مع قوات الأمن. أ.ف.ب

بعد مضي 16 عاماً على سقوط الحكم الديكتاتوري للرئيس العراقي السابق، صدام حسين، يواجه العراقيون مرة أخرى حملة من القمع تشنها الدولة على المعارضة، وهذه المرة من حكومتهم المنتخبة ديمقراطياً.

فقد أدى القمع الوحشي للاحتجاجات، منذ بداية شهر أكتوبر من قبل قوات الأمن الحكومية ومسلحين مجهولي الهوية، إلى مقتل أكثر من 325 شخصاً، وإصابة 15 آخرين على الأقل. ويقول محللون إنها أسوأ موجة قمع تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد، وتعكس إشارة حتى الآن إلى أن حكومة بغداد تنحرف عن وعدها بإرساء الديمقراطية. ويقول الخبير بشؤون العراق في «تشاتام هاوس»، توبي دودج: «لقد استخدمت الدولة القوة القسرية لقمع التعبير السياسي، ما يضر بتقدم الديمقراطية العراقية».وتستخدم الحكومة تكتيكات ظلت تستخدمها الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، ما يقوض أكثر ثقة العراقيين الهشة بالنظام الديمقراطي، الذي أقامته القوات الأميركية بعد غزوها للبلاد عام 2003. فإطلاق النار على المتظاهرين، وفرض الرقابة على استخدام «فيس بوك»، بسبب الانتقادات الموجهة إلى الحكومة، والإغلاق الشامل للإنترنت، كل ذلك حمل إلى الأذهان الممارسات القمعية المتطابقة مع ممارسات الديكتاتور العراقي السابق. ويتساءل موظف حكومي بوزارة التعليم، كان في خط المواجهة بالاحتجاجات: «نحن في بلد يسمونه ديمقراطياً، فلماذا أسقطوا صدام إذا كان هذا ما يحدث لنا الآن؟».

القمع الذي تمارسه الدولة، والمتمثل في اشتباك قوات الأمن مع المتظاهرين، يتعرض له أيضاً النشطاء، الذين يتم اعتقالهم ويرغمون على توقيع تعهدات بعدم مشاركتهم في التظاهرات، بينما يتعرض آخرون للسجن بعد نشر دعمهم للاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووصفت الباحثة في «هيومن رايتس ووتش» بالعراق، بلقيس ويلين، ذلك بأنه «نهج متعدد المستويات»، للحد من حرية التعبير التي ظل العراقيون يمارسونها منذ إطاحة صدام، ما يرسل «إشارة قوية إلى أن النقد العلني للحكومة لم يعد مقبولاً».

وأصبحت الأدوات الرقمية للقمع مهمة بالقدر نفسه، حيث قيدت الحكومة الوصول إلى الوسائط الاجتماعية لمدة 50 يوماً، تم خلالها قطع الإنترنت تماماً لمدة أسبوعين تقريباً، وفقاً لما ذكره مؤسس «نيت بلوكس»، آلب توكر، وهو مراقب لحرية الإنترنت. وعند نقطة ما، تم فرض حظر على الإنترنت كل ليلة، في حين يتم فرض قيود مستهدفة يومياً، تقريباً، من حين لآخر.

وانصب الكثير من الغضب الشعبي على رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، الذي يتولى، كقائد أعلى، المسؤولية الأمنية. ويقول محللون وبعض المسؤولين العراقيين: إنه على الرغم من أن عبدالمهدي قد لا يكون قد أمر بالقمع الوحشي، فإنه مسؤول عن ذلك.

ويقول المحلل الأمني بمعهد واشنطن، مايك نايتس: «عادل ليس سيكيوقراطياً»، ويردف قائلاً: «لقد فوض خليته الأمنية معالجة العمليات المضادة للاحتجاج، جزئياً لعدم اهتمامه بالأمر، وجزئياً للحفاظ على يده نظيفة».

وكان عبدالمهدي، وهو خبير اقتصادي له صلات بواشنطن وطهران، قد ارتقى إلى رئاسة الوزراء بعد انتخابات العام الماضي، في صفقة بين أكبر تكتلين برلمانيين، يعتقد على نطاق واسع أنهما يتلقيان الدعم من إيران.


فرض الرقابة على استخدام «فيس بوك»، بسبب الانتقادات الموجهة إلى الحكومة، والإغلاق الشامل للإنترنت، حملا إلى الأذهان الممارسات القمعية المتطابقة مع ممارسات الديكتاتور العراقي السابق.

تويتر