استقالة كونتي تظهر مدى عمق الأزمة الإيطالية

سالفيني شعر بأن الفرصة سانحة للاستفادة من شعبيته الكاسحة وطالب بانتخابات جديدة. رويترز

غرقت إيطاليا في هذه الأزمة منذ 12 يوماً، عندما شعر رئيس حزب الرابطة ونائب رئيس الوزراء، ماثيو سالفيني، بأن الفرصة سانحة للاستفادة من شعبيته الكاسحة وطالب بانتخابات جديدة. وعلى الرغم من تلميحاته الأخيرة، بما فيها ما قاله يوم الثلاثاء الماضي بأن كلاً من شريكي الائتلاف سيكونان قادرين على إصلاح الأمور في نهاية المطاف، إلا أن الائتلاف كان قد انتهى، وتبخرت الثقة بين أطرافه. ويصف حزب «حركة 5 نجوم» الآن سالفيني بأنه «لا يستحق الثقة».

وشن رئيس الحكومة المستقيلة جوزيب كونتي هجوماً في خطابه الذي ألقاه أمام الكونغرس الإيطالي على سالفيني واتهمه بـ«الانتهازية السياسية» كما أنه «يظهر افتقاراً كبيراً للثقافة الدستورية» وذلك من خلال إقالة الحكومة، عندما كان البرلمان في عطلته الصيفية. وانتقد عادة الزعيم اليميني المتطرف لأنه يمسك مسبحة خلال إلقائه الخطاب أو المناقشات. وزعم كونتي بأن حزب الرابطة حاول الحصول على تمويل لحزبه من طرف غير مشروع في روسيا.

وعندما أنهى سالفيني الائتلاف، بداية الشهر الجاري، بينما كان يقوم بحملة على شواطئ إيطاليا، كان واثقاً بحدوث انتخابات مبكرة والفوز فيها. ولكن ثبت أن الأمور أكثر تعقيداً مما يعتقد. وكانت فكرة الائتلاف بين حزبي «5 نجوم» و«يسار الوسط الديمقراطي»، وهما حزبان يكرهان بعضهما بعضاً، قد حظيت بدعم أكثر مما كان متوقعاً، الأمر الذي طرح احتمال إبعاد حزب الرابطة عن السلطة لسنوات عدة.

وكان سالفيني يمتلك الفرصة لإقالة الحكومة في الوقت الذي أكد فيه حزب الرابطة على انتصاره في انتخابات الاتحاد الأوروبي في نهاية مايو الماضي، ولكنه تردد في ذلك. إلا أنه عاد وقام بهذه الخطوة بينما كان البرلمان الإيطالي في إجازته الصيفية، وبذلك منح منافسيه فرصة إعادة تجميع قواهم. على الرغم من أنه لايزال متألقاً، ولكنه لم يعد يبدو عبقرياً في التكتيك السياسي. وبدا خطابه في مجلس الشيوخ ارتجالياً على نحو يثير الفضول.

وأما ما سيحصل لاحقاً فيعتمد على الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا. وربما يقرّر العودة إلى إجراء اقتراع كأمر لا مفر منه. ويمكن أن يستغرق تشكيل ائتلاف بين حزب «5 نجوم» و«الحزب الديمقراطي» أشهراً عدة، على الرغم من أن الأخير عمل على نشر الفكرة بصورة سيئة، وسيظهر إنجاز الميزانية مدى التوتر بين الطرفين. وبالطبع فإن مثل هذه الحكومة لن تكون أكثر استقراراً من التي سبقتها. ويقوم سالفيني حالياً بتصوير الفكرة باعتبارها حيلة خادعة تقوم بها المؤسسة السياسية لإبعاده عن السلطة.

واستبق زعيم حزب الرابطة اجتماعات الكونغرس ليوم الثلاثاء عارضاً حزمة لتحفيز الاقتصاد تقدر بـ50 مليار يورو في ميزانية 2020، والتي يمكن أن تقدم إلى المفوضية الأوروبية في منتصف أكتوبر المقبل، ويصادق عليها البرلمان قبل نهاية العام الجاري. وإذا كان جدياً فإن ذلك سيؤدي إلى مواجهة كارثية مع الاتحاد الأوروبي، نظراً إلى الديون الهائلة التي تعانيها إيطاليا.

تويتر