تشرف على 70 بؤرة استيطانية في البلدة جنوب المسجد الأقصى

جمعية إلعاد.. أخطبوط استيطاني يهدّد وجود 45 ألف فلسطيني في سلوان

صورة

مع بداية كل يوم جديد، يصحو 45 ألف فلسطيني من سكان بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك على نكبة جديدة تهدد وجودهم في البلدة المقدسة، فالإجراءات والمخططات التهويدية للاستيلاء على ممتلكاتهم مستمرة دون توقف، فتارة يستلمون إخطارات بهدم منازلهم، وتارة أخرى تصادر أراضيهم لمصلحة مشروعات استيطانية وتهويدية، إلى جانب عمليات الحفريات المتواصلة أسفل المقدسات وبيوت الموطنين، فسلوان تعد الخاصرة الجنوبية للمسجد الأقصى.

جميع تلك الإجراءات تشرف عليها جمعية إلعاد الاستيطانية، المخولة من قبل الحكومة الإسرائيلية تنفيذ المخططات التي تقرها، إذ تشرف على 70 بؤرة استيطانية في سلوان، البالغ عددها 80 بؤرة، يقع معظمها في حي وادي حلوة بسلوان، إلى جانب تمويلها لعمليات الحفريات.

النشأة

تعود نشأة جمعية إلعاد إلى عام 1986، إذ أسسها المستوطن دافيد باري، وهي اختصار للجملة العبرية «إل عير دافيد»، وتعني بالعربية «نحو مدينة داوود»، إذ أطلقت الجمعية على نفسها هذا الاسم اعتماداً على النصوص التوراتية، والادعاء بأن القدس هي مدينة النبي داوود عليه السلام.

ويقول عضو لجنة الدفاع عن أهالي سلوان، فخري أبودياب، إن «جمعية إلعاد لها مجموعة من الأهداف، أبرزها غرس فكرة الحوض المقدسي والهيكل المزعوم داخل الأجيال اليهودية المتلاحقة، ولذلك فهي تسعى بشكل متصاعد لتحقيق تلك الأهداف، من خلال السيطرة على منازل الفلسطينيين، وتسريب ملكيتها لمصلحة إقامة بؤر استيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية وإسكانها بالمستوطنين». ويشير إلى أن جمعية إلعاد الاستيطانية تنشط بشكل كبير في بلدة سلوان، حيث تمول الحفريات الإسرائيلية في عدد من المناطق، إلى جانب السيطرة على أراضي الفلسطينيين ومنازلهم، إما بالمال أو بالتحايل القانوني. وتسيطر الجمعية حالياً، بحسب أبودياب، على إدارة ثلاث مناطق أثرية في سلوان، التي تعرف لدى اليهود بـ«الحدائق القومية»، وهي منطقة الآثار المسماة «مدينة داوود» أو بالعبرية «عير دافيد»، ومنطقة القصور الأموية، إلى جانب منطقة «موقف جفعاتي».

ويشير أبودياب، خلال حديثه لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن جمعية إلعاد تربطها علاقة قوية مع الحكومة الإسرائيلية، حيث يتخذ التعاون بينهما أشكالاً مختلفة، بدءاً من تلقي تمويلات من جهات رسمية، أو التغاضي عن أي تجاوزات قانونية للجمعية، أو تنسيق جولات لطلاب المدارس وجنود الاحتلال، لنشر الروايات التوراتية، إلى جانب إدارتها للمواقع الأثرية في سلوان.

مشروعات خطرة

يبرز الدور الأساسي لجمعية إلعاد بشكل أساس مع ثلاث جهات إسرائيلية حكومية، وهي سلطة الآثار الإسرائيلية، وسلطة الحدائق والطبيعة، وشركة تطوير الحي اليهودي، من أجل تنفيذ مخططاتها كافة داخل سلوان.

ومن أخطر المشروعات التي تنفذها جمعية إلعاد لمصلحة الجهات الإسرائيلية الرسمية، سماح الكنيست الإسرائيلي بقانون يسمح بالبناء الاستيطاني في الأراضي المصنفة حدائق وطنية، وبموجب هذا القانون تسلمت الجمعية حق التصرف في المساحات الخضراء والحدائق العامة في سلوان، إذ يتلاءم ذلك القانون مع مقاييس مشروعات البناء في الحديقة القومية المسماة «مدينة داوود» في سلوان، والتي تشرف عليها وتنفذها مؤسسة إلعاد الاستيطانية.

وبموجب هذا القانون، سيبقى الفلسطيني خالد الزير في سلوان مشرداً دون إيجاد مأوى لعائلته المكونة من ثمانية أفراد، بعد أن هدمت الجرافات منزله، ومنعته من الإقامة داخل كهف قديم كانت عائلته تسكنه قبل 58 عاماً، واليوم تمنع إقامته في المناطق الخضراء داخل الحدائق العامة، أو استصلاح مساحة صغيرة في أرض عائلته للعيش فيها.

ويقول الزير: «أكثر ما يؤلمني هو مشهد بناتي وأبنائي الذين يضيق بهم المنزل الذي نقطن فيه حالياً، فابنتي رشا (10 أعوام) تخاطبني دائماً بأن أكثر ما تشتاق إليه هو أن تجتمع هي وأشقاؤها لوحدهم على طاولة الغداء، وغرفة تضمهم معاً، فكانت غرفتها تطل على المسجد الأقصى المبارك مباشرة».

ويضيف: «كنت أعيش في بيت متواضع، لم تتجاوز مساحته 60 متراً مربعاً، في سعادة كبيرة ودفء لم تنسه العائلة، لكن مخالب الاحتلال نالت منه في ساعات الفجر، فبعثرت السعادة، واقتلعت الزرع فيه، وبعد أن هدم الاحتلال بيتي، انتقلت وعائلتي للسكن في كهف يقع تحت الجبل الذي يحمل ركام بيتي، وعندما بدأت في ترميمه، قدمت سلطات الاحتلال وهدمت ما رممت، ولسوء حالة الطقس وتسرّب المياه من صخور الكهف، انتقلت للعيش في بيت والدي وشقيقي».

سيطرة إلزامية

جمعية إلعاد الاستيطانية، التي تعد المسؤولة المباشرة عن الاستيطان في الأماكن العامة والأثرية في القدس، وهي التي عرضت مواصفات مشروعات بناء للمستوطنين على مساحات خضراء في الحديقة القومية في سلوان، وذلك بحسب مدير مركز معلومات وادي حلوة - سلوان جواد صيام.

ويؤكد صيام أن القانون الجديد جاء بضغط من جمعية إلعاد، التي وضعت ثقلها لسن قانون يمكنها من البناء في أراض تصنفها حكومة إسرائيل «حدائق وطنية»، مشيراً إلى أن ذلك القانون يمكنها من تحقيق أهدافها في السيطرة الكاملة على بلدة سلوان، التي تسميها «مدينة داوود»، وكذلك مساعدتها في تطويق السور الجنوبي للقدس والمسجد الأقصى، كون سلوان تعد الخاصرة الجنوبية لهما.

ويقول إن «مجرد الاستيلاء على المنازل العربية لا يمكن الجمعيات الاستيطانية من إحداث خلل ديمغرافي، فكان لزاماً أن تسيطر جمعية إلعاد على مساحات واسعة من الأرض وتستوطن فيها، واستطاعت بالفعل سن هذا القانون الذي يمكنها من ذلك».


جمعية إلعاد الاستيطانية مسؤولة مباشرة عن الاستيطان في الأماكن العامة والأثرية في القدس، وهي التي عرضت مواصفات مشروعات بناء للمستوطنين على مساحات خضراء في «الحديقة القومية» في سلوان.

تويتر