نتيجة الاضطرابات الدولية

العالم لايزال بحاجة إلى حلف الناتو

صورة

في شهر أبريل المقبل ستحتفل منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) بمرور 70 عاماً على إنشائها، في فترة كانت تمثل بداية الحرب الباردة التي يعيش عالمنا اليوم ظروفاً مشابهة لها، خصوصاً أن الكثيرين يشعرون بأن النظام العالمي يعاني اضطراباً. وفي واقع الأمر، لو أن حلف الناتو غير موجود أصلاً، لتوجب على المدافعين عن العالم الحر أن ينشئوه الآن.

وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي للحلف يظل ضمان أمن الدول الأعضاء المشاركة فيه، إلا أنه لم يكن حلفاً عسكرياً صرفاً، إذ إنه حلف سياسي ايضاً، استناداً إلى طموحات أعضائه الذين حسبما تقول اتفاقية الحلف «مصمّمون على حماية الحرية والإرث والحضارة المشتركة لشعوب دول الحلف الذي تأسس على مبادئ الديمقراطية والحرية الفدرالية وحكم القانون».

ولكن هذه المبادئ تتعرض للاعتداء الآن، فهناك الاعتداء الروسي في شرق أوروبا، والبلطجة الصينية في بحر الصين الجنوبي، وإرهاب تنظيم «داعش» الذي انتشر من الشرق الأوسط الى العواصم الأوروبية، وهناك الأنظمة الدكتاتورية التي تعمل على تطوير أسلحة نووية. وعلى الرغم من أن هذه التحديات تبدو مختلفة من حيث الشكل، إلا أنها تشترك في صفة واحدة مفادها أنها ناجمة عن لاعبين يعارضون النظام الدولي، وهم يحاولون تقويض أو حتى تغيير القوانين التي حكمت النظام الديمقراطي، والازدهار الذي حققه منذ الحرب العالمية الثانية.

ويتعين على دول الناتو أن تقف معاً، إذ إنها ستكون أكثر قوة وهي مجتمعة كي تتغلب على التحديات التي تواجهها. وبناء عليه ففي عام 2014 عند وقوع الغزو الروسي لأوكرانيا تكيف الحلف مع الوضع الراهن، كما فعل خلال تاريخه. وعلى الرغم من ان دول الحلف، البالغ عددها 29 دولة، تتميز بثقافات سياسية وآراء مختلفة، إلا أن هذا التكيف سيظل دائماً معقداً وأحياناً في حالة ارباك وفوضى. ولكن قدرة الناتو على تغيير أولوياته واستراتيجياته تضمن أن الحلف سيتحمل اختبار الوقت.

نتائج ملموسة

وتبدو النتائج ملموسة، فمن ناحية قامت جميع الدول الأعضاء في الحلف بزيادة انفاقها العسكري. وتزايدت الميزانية العسكرية الألمانية على سبيل المثال بنسبة 36%، مقارنة بما كان عليه الحال عندما تسلمت المنصب عام 2013. ولايزال يتعين علينا بذل مزيد من الجهود، ونحن مستعدون للقيام بذلك. ولكننا نأخذ في الاعتبار أن المشاركة في تحمل الأعباء لا تشمل المالية فحسب، وانما القدرات الفنية أيضاً. ومن المعروف أن المانيا ثاني أكبر مساهم في تعداد الجنود لحلف الناتو، ونشعر بالفخر لأننا نقود القوات الخاصة المشتركة التي تتميز باستعدادها السريع جداً.

ووسّع الناتو من وجوده في أوروبا الشرقية، ولعب دوراً فعالاً في تدريب قوات الأمن العراقية وأسهم في أعمال المراقبة والاستطلاع خلال الحرب على «داعش»، ودعم الحكومة الأفغانية، وطور شراكته مع الدول التي تحمل قيماً مشابهة لنا، مثل أستراليا واليابان.

والأهم من كل ذلك، فان حلف الناتو لا يمثل منظمة عابرة للأطلسي بالاسم فقط، وانما هو علاقة خاصة، وحتى عاطفية، بين القارتين الأميركية والأوروبية. وربما تكون الفائدة الأكثر أهمية للناتو هي أنه يقدم مصدراً للثقة في عالم لا يمكن التعويل عليه، اذ إن التزامنا الذي لا يتزعزع بالمادة (5) من اتفاقية الحلف المتعلقة بالمشاركة في الدفاع الجماعي تضمن أن أمننا المشترك لا يمكن اختراقه حقاً.

وثمة أمر جيد مفاده أن الاتحاد الأوروبي يقوم بخطوات مهمة في سبيل تعزيز قوته العسكرية. وإذا نجح أعضاء الاتحاد في خلق انسجام في خططهم الدفاعية، وتعاضد في قواتهم المسلحة، فسيسهم كل ذلك في زيادة قوة الناتو.

أورسولا فون دير لاين: وزيرة الدفاع الألمانية

تويتر