سيناريوهات عدة للتعامل مع تصرفات الرئيس الأميركي المثيرة للجدل

البعض يأملون ترويض ترامب أو احتواء نزواته في 2019

صورة

في هذا الوقت القاتم من العام (أواخر أيام 2018)، والذي عادة يكون وقت استرخاء بالنسبة للسياسة والسياسيين، أود أن أكتب عموداً يعكس أخطائي في التحاليل السياسية للـ365 يوماً الماضية (أو أبعد من ذلك). هذا العام، سأتناول ما تغير في رئاسة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منذ فبراير الماضي، عندما كتبت عموداً يصف هذا الرئيس التنفيذي الديماغوجي بأنه أصبح «مروَّضاً» بفتح الواو وتشديدها، إذ في ذلك الوقت كان «مروِّضو» ترامب، الذين يتشكلون من زملائه الجمهوريين، ومزيج من أعضاء مجلس الشيوخ، ومسؤولين في الحكومة، كانوا هم الذين يوجهون إدارة ترامب الفعلية (وليس تغريداته في «تويتر») داخل قنوات الحزب الجمهوري. لهذا كان بالإمكان - في ذلك الوقت - وضع قائمة بوعود أو تهديدات حملة ترامب، وبالإمكان ملاحظة كيف تم تنفيذ أو متابعة عدد قليل منها بالفعل. في ذلك الوقت.. كان بالإمكان أيضاً مطالعة جدول أعمال ترامب الاقتصادي وسياسته الخارجية، ورؤية شيء تم إنجازه بالفعل تحت تأثير رئيس مجلس النواب، بول ريان، ووزير الدفاع المستقيل، جيمس ماتيس، أكثر من تأثير نزوات الرئيس المميزة.

عالم يتفكك

كان ذلك قبل 10 أشهر، ومنذ ذلك الحين بدأ عالم إدارة ترامب الذي وصفته يتفكك قطعة تلو الأخرى. رحلت الشخصيات التي كانت وراء إنجازات ترامب، أو تم رميها بشكل غير رسمي - ومن بين هؤلاء إتش آر ماكماستر، وغاري كوهن، وجيف سيشنز في وقت لاحق - وبدلاؤهم المؤقتون، الذين شكلوا الدائرة الداخلية لترامب في حملة عام 2016.

في تلك الأثناء، كان هناك المزيد والمزيد من العلل العلنية في سياسات الإدارة، مثل الحرب التجارية، وإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وسوء الأداء، وعسكرة الحدود، والصفقة مع كوريا الشمالية التي تشبه برامج تلفزيون الواقع، ولقاء الرئيس الغريب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتصاعد كلا الاتجاهين (الشخصي والسياسي)، ليبلغا القمة في موسم عيد الميلاد هذا مع الانسحاب المفاجئ من سورية، والمغادرة المفاجئة، لجيمس ماتيس، وحرب الرئيس مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي وسط سوق الأسهم المتداعية، والآن إغلاق الحكومة حول نقطة الخلاف الأشد جدلاً، والمتمثلة في الجدار الحدودي الأسطوري. وخلال الأسبوعين الأخيرين جاءت العناوين الرئيسة في الصحف كالآتي: وزير الدفاع يستقيل بينما يتهم ترامب بأنه ضعيف بشأن روسيا.. البورصة تنحسر بينما ينكر ترامب خطة لإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي.. ترامب يرحب بإغلاق الحكومة لحل مشكلة الهجرة.. ترامب ينسحب من سورية بعد محادثة مع الرئيس التركي.

مراوحة في المكان نفسه

إذاً.. نحن نراوح مكاننا، وترامب يواصل من غير رادع، لم تعد تهمه مغادرة الجنرال ماتيس أو أنه يأبه لتوجيهات رايان، لكنه يجد معارضة مباشرة من قبل مجلس النواب الديمقراطي المسلح بأمر استدعاء والمستعد لحرب سياسية. وترامب الحر الطليق هو أيضاً ترامب الذي يجد نفسه وحيداً، ذهب وهجه وألقه الانتخابي مع الانتخابات النصفية، وصار الجمهوريون في مجلس الشيوخ أكثر ميلاً إلى إبعاد أنفسهم عنه، كلما غاص أكثر في التحفظات السياسية، حتى إن كريس كريستي لم يُبدِ استعداداً لتولي مهمة إدارة البيت الأبيض.

لذا، فإن الرئيس أصبح أكثر خطورة، وأكثر صعوبة في السيطرة عليه، وأكثر تحرراً وأكثر عزلة – هذه حالة دخيلة حتى من خلال المعايير الغريبة لهذه الإدارة. ولكي أبرئ نفسي من عقدة الذنب مستقبلاً، لن أقدم أي توقعات، لكنني فقط أقدم سيناريوهات عن كيفية تشكيل تركيبة للسنة المثيرة التالية لترامب في البيت الأبيض.

احتمالات

- الاحتمال الأول، وهو الاحتمال الأقل احتمالاً بالنسبة لي، يتمثل في عودة ترامب إلى حالته الطبيعية (نسبياً). في هذا السيناريو، يتفاعل ترامب مع المؤشرات التي يفهمها بشأن سوق الأسهم المتوتر، وذلك عن طريق سيطرته على دوافعه قليلاً، والسعي للحصول على مساعدة من مؤسسة لتوجيهه، وإبرام صفقات مهمة مع الديمقراطيين في مجلس النواب، ومحاولة التراجع لكي ينقذ نفسه مما قد يشكله تحقيق مولر من مخاطر عليه. وتصبح سياسة واشنطن، حسب مقاييس هذه الرئاسة، مملة بشكل غريب. هناك مجموعة من مذكرات الاستدعاء والفضائح في الطريق، لكنَّ الجمهوريين سيقفون إلى جانب ترامب. لا يوجد أي تقدم في السياسة العامة، ولا أي ميزة ديمقراطية أساسية، ولا أي تغيير جذري.

- الاحتمال الثاني وهو ما ذهبت إليه مؤرخة فضيحة ووتر غيت، إليزابيث درو، التي ذكرت على هذه الصفحة قبل أيام خطة لإقالة ترامب، وربما استقالة ترامب بنفسه، والتي ذكرت فيها سلوك الرئيس غير المنتظم، والفوضى التي زرعها في الأسواق والتحالفات الأميركية، وتهديده للمصالح الذاتية للحزب الجمهوري، حيث سيتشكل كل ذلك في نهاية المطاف في تيار ديناميكي متماسك وجارف. وبعد تقرير مولر المدمر، ربما يعتبر الجمهوريون في مجلس الشيوخ أن الرئيس «يشكل عبئاً كبيراً على الحزب، أو خطراً كبيراً للغاية على البلاد»، إذا استمر في منصبه.

أجد أن هذا السيناريو أقل احتمالاً بشكل أكبر مما تعتقد درو، لكن من المرجح أن تكون عودة ترامب إلى الحياة الطبيعية أكثر احتمالاً.

- مع ذلك، فإن هذا السيناريو قد يتعايش مع إمكانية ثالثة، يمكن أن نطلق عليها سيناريو ترامب المبرر، الذي يبدو فيه ترامب غير «المروض» لا يحظى بشعبية، مقارنة بترامب «المروَّض» بفتح الواو وتشديدها، وأن سياساته تثبت أنها أقل زعزعة للاستقرار، مما كان يخشاه جميع الرجال الحكماء، ويأتي عام 2019 ونجد أن شعبية ترامب ترتفع بالفعل؟

هذا الاحتمال، كما أعتقد، أقل حدوثاً إلى حد ما، لأن بعض (وليس كل) أفكار ترامب الهوجاء، هي إما أكثر منطقية أو أكثر شعبية. لقد تسبب نفوذ بول ريان في هبوط شعبية ترامب، وليس العكس، وكانت قمة ترامب مع رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، أكثر شعبية. حتى في الخلافات الفوضوية التي شهدتها الأسابيع القليلة الماضية، هناك على الأقل مبرر للانسحاب من سورية، ربما أقوى من الانسحاب من أفغانستان، وبالتأكيد زعمه بشأن سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع سعر الفائدة، التي تضر الأسواق والعمال، وهناك دليل ضئيل على أن الناخبين المتأرجحين سيكونون غاضبين من ترامب، لإنهائه مهمات عسكرية غير مفهومة، أو الدخول في معارك مع محافظي البنوك المركزية.

لكن يتم قبول ترامب على هذا الأساس، وأن يحتفظ بتصنيف أدنى من 40 نقطة، وأن يتجنب الإقالة، وحتى تقليص إدارته لتضم فقط عائلته (كما يسخر كريس هيس بمحطة «إم أي إن بي سي»)، ينبغي أن تراعي إدارته عدم الدخول في أزمة كبيرة، يمكن أن تؤدي إلى عدم كفاءة البيت الأبيض على نطاق كارثي.

ومن المحتمل أن يجتمع الرجل والأزمة معاً. لذا فإن الاحتمال الأخير يستحق أن نتمعن فيه، وهو الاعتقاد نفسه الذي ذهبت إليه قبل عام من ذلك، والمتمثل في أن الخوف من ترامب «غير المروض» ليس سياسة سيئة. إنه حتى مع ذهاب ماتيس، وماكماستر، وكوهن، وكيلي، وبقاء غاريد وستيف فـ«كل شيء على ما يرام».

- قبل 10 أشهر كان هناك المزيد

والمزيد من العلل العلنية

في سياسات إدارة ترامب، مثل الحرب

التجارية، وإلغاء الاتفاق النووي

الإيراني، وسوء الأداء، وعسكرة

الحدود، والصفقة مع كوريا الشمالية

التي تشبه برامج تلفزيون الواقع،

ولقاء الرئيس الغريب مع بوتين.

روس دوذات : كاتب عمود رأي في الصحيفة

تويتر