الحلم وصل إلى نهايته

المهاجرون يواجهون عقبات لبلوغ «المدينة الفاضلة» في إيطاليا

«الداخلية» أوقفت خطط البلدة لاستقبال اللاجئين التي تمولها الحكومة. أرشيفية

عندما وصل دانيال، البالغ من العمر 36 عاماً، إلى إيطاليا قادماً من غانا قبل نحو 10 سنوات، اعتقد أنه عثر على المدينة الفاضلة (يوتوبيا)، التي يحلم بها المهاجرون.

وقال دانيال: «قال لي شخص ما سأصحبك إلى رياتشي، يوجد هناك عمدة عظيم لهذه البلدة، وحُسن ضيافة، يالها من روعة، ثم وصلت ووجدت أن الأمر صحيح».

وعلى مدار العقد الماضي، حصل دانيال على منزل ووظيفة، وأنجبت زوجته طفلين، واندمج أفراد الأسرة في المجتمع المحلي، وأتقنوا حتى اللهجة المحلية لمنطقة كالابريا، التي تقع جنوب إيطاليا.

أما الآن، فقد تغيرت الحال، وصار دانيال واحداً من 200 مهاجر يواجهون مستقبلاً مجهولاً، منذ أن بدأ دومينيكو (ميمو) لوكانو، الرجل الذي تبنى ما صار يعرف بـ«حلم» رياتشي، والذي يشغل منصب عمدة البلدة منذ فترة طويلة، يواجه أوقاتاً عصيبة.

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، تم وضع لوكانو قيد الإقامة الجبرية، وفُصل من عمله، كما أوقفت وزارة الداخلية خطط البلدة لاستقبال اللاجئين، والتي تمولها الحكومة.

وفي 16 أكتوبر، ألغت المحكمة الحكم بوضع العمدة قيد الإقامة الجبرية، لكنها أمرته بالانتقال خارج «رياتشي»، إلا أنه لايزال يخضع للتحقيق الجنائي بسبب انتهاك قوانين الهجرة، والمشتريات العامة.

يقول نائب العمدة والقائم بأعماله، جوزيبي جيرفاسي، إن الإجراء «غير مناسب» و«الأمر أشبه بذهابي إلى متجر بقالة، وقيامي بسرقة قطعة من الشوكولاتة، ثم الحكم عليَّ بالسجن مدى الحياة».

وكان لوكانو (60 عاماً) حظي باستحسان دولي، لقيامه بتوطين سكان جدد في بلدته شبه المهجورة، عن طريق توزيع مئات المهاجرين ومنحهم منازل هجرها سكان سابقون، وتعليمهم حِرفاً يدوية محلية.

وتم قبل عامين، إدراج اسم لوكانو ضمن قائمة «أعظم قادة العالم»، من جانب مجلة «فورتشن» الأميركية، كما حظي بانضمام صانع الأفلام الألماني فيم فيندرز، وعمدة برشلونة أدا كولو، إلى قائمة معجبيه.

أما السائح الألماني راينهولد كوهنريتش، فهو معجب آخر، لكن أقل شهرة. وقد قام كوهنريتش مع عائلته، بزيارة رياتشي ثلاث مرات، لـ«إظهار التضامن» مع مفهوم البلدة «الصديقة للمهاجرين».

وقال كوهنريتش، وهو يجلس في حانة بالبلدة برفقة زوجته وابنته وصديق مترجم يتحدث اللغات التركية والأوكرانية الشمالية والعربية: «أعتقد أنه من الممكن أن تكون رياتشي نموذجاً للعالم بأسره».

وشهدت رياتشي - مثل العديد من البلدات الداخلية في الجنوب الفقير بإيطاليا - انتقال الكثير من سكانها للعيش خارجها، بحثاً عن فرص عمل في شمال إيطاليا، أو في دول أوروبية أخرى، بينها ألمانيا.

مكان عادي ليس به ما يميزه عن أي مكان آخر، كان السبب الرئيس وراء شهرة البلدة حتى عهد قريب «برونزيات رياتشي»، وهي عبارة عن تمثالين يونانيين رائعين، تم اكتشافهما قبالة الساحل بالقرب من رياتشي قبل نحو 50 عاماً.

وفي ظل قيادة لوكانو، شهدت المدينة انتعاشاً، حيث صب تدفق المهاجرين في صالح أصحاب المتاجر المحلية، كما تم توفير فرص عمل في إطار خطط استقبال المهاجرين، والجذب السياحي.

من ناحية أخرى، يقول أليسيو فولكو، وهو مهاجر سابق عاد إلى رياتشي لإدارة مقهى في البلدة: «لقد استفاد الجميع، المهاجرون والسكان المحليون».

وكان لوكانو - وهو مدرس ومدرب كرة قدم سابق - عمل في البداية متطوعاً مع المهاجرين، حيث ساعد في استضافة مجموعة من الأكراد، الذين وصلوا إلى منطقة تقع بالقرب من رياتشي عام 2008، ثم أصبح عمدة للبلدة عام 2004.

وقام لوكانو بتزيين بلدته بجداريات مناهضة لعصابات المافيا، وتحتفي بالثوار، كما أصدر عملة محلية تحمل صور تشي جيفارا وغاندي ومارتن لوثر كينغ. لكن في إطار سعيه المثالي لمساعدة اللاجئين، تجاوز العديد من أركان الإدارة، وهو الأمر الذي عرضه للهجوم من قبل وزير الداخلية الإيطالي الجديد اليميني المتطرف، ماتيو سالفيني.

تويتر