فشل الإطلاق الأخير أثار كثيراً من المخاوف

تعطّل صواريخ سويوز يُفقد روسيا ريادتها في علوم الفضاء

صورة

نجا رائدا فضاء، أحدهما روسي والآخر أميركي، من الموت في كازاخستان، قبل أيام، عندما تعطّل صاروخ سويوز، الذي كان يحملهما، بعد دقيقتين من انطلاقه. وفي أول استخدام لنظام إلغاء الطيران، تم فصل الكبسولة عن الصاروخ، وعادت إلى الأرض. ولحسن الطالع كانت قوة الجاذبية ضمن الحدود التي يمكن تحمّلها من قبل البشر، وفتحت مظلة الكبسولة.

ولكن تعطّل هذا الصاروخ ينطوي على آثار كبيرة بالنسبة لمحطة الفضاء الدولية التي كان رائدا الفضاء متجهين إليها. ومنذ نصف قرن من الزمن تلعب صواريخ سويوز دوراً أساسياً في استمرار برامج الفضاء الروسية، والسوفيتية سابقاً. وبعد أن أوقفت إدارة الفضاء الوطنية (ناسا) برنامج المكوكات الفضائية عام 2011، أصبحت روسيا هي المزود الوحيد للصواريخ التي تحمل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، وهي التي تزود المهمات الفضائية الأخرى غير المأهولة بالصواريخ أيضاً.

ويوجد الآن ثلاثة رواد فضاء على متن محطة الفضاء الدولية، وهم أميركي، وألماني، وروسي. ومن المقرر أن يعودوا الى الأرض بحلول شهر ديسمبر المقبل، وهم قادرون على ذلك، لأن كبسولة سويوز الخاصة بهم لاتزال موجودة على متن المحطة الدولية. ولديهم وفرة من الطعام والشراب بفضل الرحلة الأخيرة التي تمت على متن عربة الشحن اليابانية، التي كانت غير مأهولة.

ولاتزال المحطة الدولية مسكونة منذ نحو عقدين من الزمن بصورة متواصلة، وهي تمثل استثماراً ضخماً في العلوم والتكنولوجيا، وهي أضخم مشروع علمي أنجزه البشر. ولكن هذه الأنظمة المعقدة، التي عفى الزمن على الكثير منها، تتطلب صيانة وتطويراً متواصلين. وتقدّر «ناسا» أن نسبة المخاطر التي يمكن ان تؤدي الى خسارة المحطة برمّتها تقدر بـ10%، اذا تركت المحطة ستة أشهر خالية من البشر.

وهناك مخاطرة كبيرة تواجه الحكومة الروسية، إذ إن الدولة تفقد موقعها القديم الذي طالما حافظت عليه بريادتها في عالم الفضاء، وما يترتب على مكانتها الجيوسياسية، إضافة الى صورة شعبها. وبناءً عليه فليس من قبيل المصادفة قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعيين أحد معاونيه، الذي يكنّ له أشد الثقة وهو ديميتري روغوزين، مديراً عاماً لـ«روسكوزموس»، وهي وكالة الفضاء الروسية.

وتعطلت حالتان من صواريخ سويوز التي تم إطلاقهما عامي 2015 و2016، ولم يكن على متنهما أي رواد فضاء، وانما كانا يحملان الإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية. ولكن العطل الأخير في الرحلة التي كان على متنها رواد فضاء تعيد إلى الأذهان رحلة الصاروخ سويوز عام 1983، عندما انفجر الصاروخ، وهو على منصة الإطلاق.

وفي شهر أغسطس الماضي تم اكتشاف ثقب صغير في القمرة، التابعة للمحطة الدولية، التي تضم كبسولة سويوز الموجودة حالياً في المحطة الدولية. وأثار هذا الثقب، الذي أسفر عن تسرب كمية صغيرة من الهواء، خلافاً بين وكالتَي الفضاء الأميركية والروسية، حيث زعم الروس أنها عملية تخريب مقصود، في حين قالت «ناسا» إن هناك عيباً في الصناعة.

ومن المبكر معرفة أسباب العطل الذي وقع الأسبوع الماضي خلال انطلاق الصاروخ، وإن كان من الواضح أن المرحلة الأولى من الصاروخ كان يجب أن تسقط ويبدأ اشتعال المرحلة الثانية، لكن ذلك لم يحدث.

وتخشى «ناسا» من اعتمادها على الصواريخ الروسية، وقد بدأت عام 2014 بتطوير مركبة فضائية تجارية لنقل رواد الفضاء إلى المحطة الدولية. وتخطط شركة «سبيس إكس» لصناعة المركبات الفضائية، لإجراء الرحلة التجريبية على مركبتها الجديدة التي تحمل اسم «كرو دراغون»، وتتبع ذلك رحلة أخرى مع وجود رواد الفضاء على متن المركبة في يونيو المقبل. وتعتزم شركة بوينغ لصناعة الطائرات التجارية اختبار مركبة فضائية صنعتها وأطلقت عليها اسم «ستارلاينر» في شهر مارس المقبل، وتتلو ذلك رحلة أخرى بوجود رواد فضاء على المركبة في شهر أغسطس المقبل. ويمكن تسريع هذه البرامج في ظل الوضع الحالي لصواريخ سويوز.

ويبدو أن الروس لديهم خططهم للتعامل مع الوضع الناجم عن فشل الرحلة الاخيرة، إذ نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء الروسية، عن مصادر في وكالة «روسكوزموس» قولها إن رواد الفضاء الموجودين حالياً في محطة الفضاء الدولية، يمكنهم الانتظارالى بداية عام 2019، قبل انتهاء التحقيق في فشل الرحلة السابقة، وإعداد رحلة جديدة.

ولكن كبسولة سويوز الموجودة حالياً على متن محطة الفضاء الدولية معدّة للبقاء في الفضاء لمدة 210 أيام فقط، وينبغي إعادتها قبل نهاية شهر ديسمبر، من أجل تجنب مزيد من الأخطار على حياتهم. وهذا يترك لكل من «ناسا» و«روسكوزموس» ثلاثة خيارات فقط: إطلاق رحلة سويوز المقبلة قبل أسبوعين من نهاية التحقيق في مركبة الأسبوع الماضي، أو ترك رواد الفضاء الثلاثة على محطة الفضاء الدولية دون خيار المغادرة الآمنة للمحطة، وثالثاً ترك المحطة دون طاقم للقيام بالصيانة الضرورية.

وبالطبع فإن كل خيار ينطوي على مخاطر جمّة. وتعتبر كندا الدولة الأكثر اهتماماً بهذا الوضع الدرامي، لأن رائد الفضاء ديفيد سات جاكس سيشارك في رحلة سويوز المقبلة في 20 ديسمبر، والتي أصبحت أكثر خطورة بالنظر إلى رحلة الأسبوع الماضي. وبالطبع فإن جاكس لن يتردد، إذ إن رواد الفضاء يعرفون أن عملهم ينطوي على الكثير من المخاطر. ولكن بقية الشعب الكندي عليه أن يكون مستعداً لكل المفاجآت، لأن العمل في الفضاء ليس أمراً سهلاً.

- «ناسا» تخشى اعتمادها على الصواريخ الروسية،

إذ بدأت عام 2014 بتطوير مركبة فضائية تجارية

لنقل رواد الفضاء إلى المحطة الدولية.

- كندا تعتبر الدولة الأكثر اهتماماً بهذا

الوضع الدرامي، لأن رائد الفضاء ديفيد سات

جاكس سيشارك في رحلة سويوز المقبلة

في 20 ديسمبر، والتي أصبحت أكثر خطورة بالنظر

إلى رحلة الأسبوع الماضي.

تويتر