أعطى الخرطوم وأوغندا نفوذاً واسعاً

اتفاق السلام الجديد في جنوب السودان يعزز تقسيم البـلاد

الوساطة السودانية الأوغندية جمعت الخصمين المتناحرين ريك مشار (يمين) وسيلفا كير. أ.ب

في الـ12 من سبتمبر وقع سيلفا كير بصفته رئيس جنوب السودان، وخصمه الرئيسي ونائبه السابق وزعيم المتمردين ريك ماشار، اتفاقية سلام في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، ليكون الاتفاق الثاني عشر بينهما من أجل إنهاء الحرب الأهلية الطويلة والوحشية التي قتلت الآلاف وشردت الملايين في جنوب السودان منذ ديسمبر 2013.

ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً وهو ما إذا كان اتفاق السلام الجديد يختلف عن الاتفاقات السابقة، وما إذا كان يمكن أن يبقى قائماً. هذه ليست اتفاقية بين كير الذي ينتمي إلى قبيلة الـ«دنكا»، ومشار الذي ينتمي إلى قبيلة الـ«نوير»، وإنما اتفاق بين الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره الأوغندي يوري موسيفيني، فهما اللذان يضمنان الاتفاقية.

تمثل الاتفاقية الجديدة تحولاً ملحوظاً مقارنة باتفاق السلام الشامل الموقع عام 2005 واتفاق الاستقلال عام 2011. جميع الاتفاقات السابقة يجمعها افتراض مشترك هو أن السودان مصدر المشكلة، وأنه يجب عزله واحتواؤه إذا كان لابد من سلام في جنوب السودان، ولإغلاق هذه الثغرة كان يجب الاعتراف بأن يكون السودان جزءاً من الحل وليس المشكلة.

الافتراض الذي يقوم عليه هذا الاتفاق الجديد هو أن الخرطوم هي الحل للسلام في جنوب السودان، ويمثل الاتفاق خطوة أولى نحو إعادة التأهيل الإقليمي والعالمي للسودان والبشير، الذي اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية عام 2009.

يمكن فهم ما حدث باعتباره نتاج عملية تعلم، جميع الاتفاقات السابقة تضمنت ثغرة كبيرة: السودان لم يكن من بين الموقعين أو الضامنين، ولم يكن لدى السودان أي سبب لدعم الاتفاق الذي كان أحد أهدافه عزلته، وهذا يعني أن كل من يريد الخروج من الاتفاق لديه مخرج جاهز.

والاتفاقية الجديدة هي تقاسم للشطيرة بين قبائل جنوب السودان: أولاً القبائل الرئيسة، الـ«دينكا والنوير»، ثم القبائل الأصغر، فهي لا تتصور جنوب السودان كدولة، بل ككيان مشترك بين القبائل، ويجب وضع علامة على كل بوصة من جنوب السودان كجزء من وطن قبلي لهذا أو ذاك، حتى المناطق التي بها تجمعات متعددة الأعراق يجب تعريفها على أنها تنتمي إلى قبيلة بعينها.

وستكون النتيجة حرمان جزء كبير من سكان جنوب السودان من حقوقهم، وسيعتبر كل وطن قبلي حكراً على أغلبيته الأصلية، كما سيتم حرمان الأقليات داخل كل مقاطعة من حقوقها الأساسية، مثل استخدام الأراضي «العرفية» والمشاركة في الحكم المحلي. سيكون من السهل الآن على الزعماء الطموحين من القبائل المختلفة تعبئة الاستياء الشعبي، وإشعال نار صراع مستقبلي.

وقع الاتفاق أطراف النزاع والحكومة والمعارضة وحضر الشهود، وكان البشير وموسيفيني ضامنين. وقال مسؤولون في الاتحاد الإفريقي إن هناك اتفاقاً ثانياً بين جنوب السودان والخرطوم على تقسيم النفط والدخل.

جنوب السودان في طريقه لأن يصبح محمية غير رسمية للسودان وأوغندا. من خلال الاعتراف الرسمي بهما «كضامنين»، يعترف الاتفاق بدورهما الاستراتيجي في تحديد مستقبل جنوب السودان: القوات الأوغندية حاضرة فعلياً لدعم فصيل كير، والسودان يقدم دعماً حاسماً لمجموعات المعارضة، بما فيها تلك التي يقودها مشار، ومن المحتمل أن يتحول جنوب السودان إلى مجتمع مفكك من الناحية القبلية.

مستقبل جنوب السودان تشوبه الفوضى المستمرة إلى حين ظهور مجموعة مهيمنة، وعندما يحدث ذلك من المحتمل أن تكون القوى الإقليمية أكثر جرأة في الصراع، وللتغلب على هذا التطور، يجب التعرف إلى أوجه القصور الرئيسة في الاتفاق الحالي، أي البنية القبلية وغياب عملية سياسية شاملة في جنوب السودان من خلال إيجاد طرق لإعطاء الأولوية لعملية سياسية حول المنافسة العسكرية.

- مستقبل جنوب

السودان تشوبه

الفوضى المستمرة

إلى حين ظهور

مجموعة مهيمنة.

- جنوب السودان

في طريقه لأن

يصبح محمية غير

رسمية للسودان

وأوغندا.

تويتر