تشمل حاملات طائرات

الصين تبني سفناً حربية متطـورة لردع خصومها في آسيا

صورة

كان الانطلاق في بناء حاملة الطائرات الصينية الأولى «لياونينغ»، قبل ست سنوات، والتوسع اللاحق للأسطول البحري، مع ثلاث سفن حربية جديدة في مراحل مختلفة من الاختبار أو البناء، سبباً للتخوف الشديد لدى الخصوم المحتملين في آسيا والغرب. وأقدمت بكين على الاستعانة بشكل كبير ببرامج الحاملات السوفييتية، التي بدأت في أواخر الثمانينات، والتي توقفت بعد انهيار البلاد. وتخطط الصين لامتلاك أربع ناقلات بحلول عام 2025.

تزامناً مع النمو السريع في أسطول المدمرات، والشروع في إنتاج فئة من المدمرات الجديدة من نوع «055»، تشهد قدرة الصين القتالية نمواً متسارعاً في بحار جنوب وشرق الصين المتنازع عليها.

النسخة الصينية من «ياك 141» يتم تطويرها لنقل 30 طائرة لكل بارجة، ما يجعلها رصيداً هائلاً لخطة بكين للمواجهة في بحار جنوب وشرق الصين.

لا يقتصر الأمر على عدد قطع أسطول البحرية الصينية المتزايد، ولكنّ هناك تطوراً ملحوظاً في الحجم والتقنية المستخدمة. وفي حين تعتبر البارجة «لياونينغ» الشقيقة المطورة لحاملة الطائرات الروسية «أدميرال كوزنيتسوف»، والأكثر حداثة، فإن التقنيات الحديثة التي طورتها البحرية الصينية ستجعلها أكثر قدرة بشكل كبير. وتشمل هذه التقنيات أنظمة الإطلاق الكهرومغناطيسية (إيمالز)، ما يسهل نشر المقاتلات الأكبر حجماً والأفضل تسليحاً، إضافة إلى طائرات الإنذار المبكر المزودة بها البارجة، وقد اكتمل تطويرها في عام 2017. وتطور الصين، حالياً، طائرات نفاثة فائقة التقنية مخصّصة للاستخدام على متن حاملات الطائرات، وهي حالياً في مرحلة النموذج الأولي. هذه القطع والمعدات الحديثة ستسمح للبحرية الصينية بالتصدي بشكل أفضل للسفن الحربية المنافسة التي تمتلكها اليابان والولايات المتحدة وغيرهما من الخصوم المحتملين في المحيط الهادي. ومع النمو السريع في أسطول المدمرات، والشروع في إنتاج فئة من المدمرات الجديدة من نوع «055»، تشهد قدرة الصين القتالية نمواً متسارعاً في بحار جنوب وشرق الصين المتنازع عليها.

سفن هجومية

جنباً إلى جنب مع تطوير ثلاث سفن حربية ناقلة، بدأت الشركات الصينية في بناء ثلاث سفن هجومية بحجم 40 ألف طن، أي بحجم حاملة الطائرات الفرنسية «شارلز ديغول» نفسها. وتشبه هذه السفن الحربية إلى حد كبير السفن الحربية التابعة للبحرية الأميركية، وهي متطابقة تقريباً في الحجم والمظهر.

وتضم البحرية الأميركية حالياً 20 حاملة طائرات، 11 منها بحجم 100 ألف طن. وفي حين أن الولايات المتحدة هي المنتج الوحيد لحاملات الطائرات ذات مدارج الإقلاع السريع- للطائرات النفاثة مثل «إف 35 ب»، إلا أنها ليست الدولة الوحيدة التي طورت مثل هذه التقنيات. لقد كان الاتحاد السوفييتي، في الواقع، رائداً في هذه التكنولوجيا خلال الحرب الباردة، وكان أسطوله من الحاملات في هذه الحقبة يعتمد حصرياً على طائرات الإقلاع والهبوط العمودية، التي تتضمن مفاهيم تصميم مشابهة للإقلاع الأفقي السريع. وكجزء من خطط الاتحاد السوفييتي للتوسع الطموح في أواخر الثمانينات، طوّر حاملة طائرات على درجة عالية من التقنية، وهي «ياك 141»، ولتي صُممت لتكون قادرة على الانتشار تماماً مثل السفن الهجومية الأميركية المشابهة، إلا أن البرنامج ألغي في نهاية المطاف بعد تفكك الاتحاد، بعد أن كانت قد وصلت إلى مرحلة تطوير متأخرة مع أربعة نماذج جاهزة.

أنظمة تسلل

ومثلما فعلت الصين مع عدد من برامج الأسلحة السوفييتية الملغاة في التسعينات، كان بوسع بكين شراء تقنيات «ياك 141» من روسيا لتطوير حاملات المقاتلات من الطرازين: الإقلاع العمودي والأفقي السريع. وإلى جانب أحدث تقنيات الطيران العسكري، طور الجيش الصيني أخيراً أنظمة التسلل ورادارات الرصد المتقدمة، فضلاً عن عدد من المحركات النفاثة الرائدة في العالم وصواريخ «جو-جو». أما النسخة الصينية من «ياك 141» فيتم تطويرها لنقل ما يصل إلى 30 طائرة لكل بارجة، ما يجعلها رصيداً هائلاً لخطة بكين للمواجهة في بحار جنوب وشرق الصين. ومع عدد من التقارير التي تشير إلى أن روسيا نفسها تدرس إعادة تشغيل برنامج «ياك 141»، في ضوء خططها لبناء أربع سفن هجومية خاصة بها، يمكن للبرنامج أن ينطلق بجهود مشتركة بين البلدين لتطوير هذه الحاملات والطائرات التي تستخدمها. ومع انتشار قطع البحرية الأميركية، اليوم، بشكل متزايد، على جبهات رئيسة عدة، والتوقعات بأن تكثف مشاركتها في الشرق الأوسط في ضوء التوترات المتصاعدة مع إيران، تبدو مهمة بناء أسطول صيني مكون من سبع سفن حربية، في غضون سبع سنوات فقط، شاقة للغاية. وستستمر الخطة في الاحتفاظ بميزة حاسمة من حيث قدرتها على تركيز جهودها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في حين يواجه الأسطول الحربي الأميركي، رغم ضخامة حجمه، التزامات عالمية تحد من قدرته على مواجهة تحديات سريعة النمو في آسيا.

نمو الميزانية العسكرية

ومع نمو ميزانية الدفاع الصينية بأكثر من 7% سنوياً، بما يتماشى مع النمو الاقتصادي للبلاد، فإن البحرية الصينية لديها مجال لإدخال المزيد من حاملات الطائرات، سواءً تعلق الأمر بالسفن الهجومية أو السفن التقليدية الكبيرة، بحلول عام 2025. وفي الوقت نفسه، فإن من غير المرجح أن ينمو أسطول البحرية الأميركية إلى أكثر من 20 سفينة حربية، لمواءمة النمو السريع في قدرات الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادي، لأن ذلك يعني التضحية بالتزامات في أماكن أخرى. وقد يكون عام 2025 بمثابة نقطة تحول كبيرة في ميزان القوى في المحيط الهادي، ما يشكل أول تحد حقيقي لهيمنة السفن الحربية الصينية في آسيا منذ غرق السفينة الحربية اليابانية الإمبراطورية «شينانو» في عام 1944.

أبرهام أيت محلل الشؤون العسكرية ومؤسس مجلة «ميلتري ووتش ماغزين»

تويتر