تفكيك الوكلاء إحدى أولويات ترامب

واشنطن تتجه للضغط على الحوثيين بعد التصعيد ضد إيران

صورة

يتزامن إعلان الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني مع تصاعد اهتمام الولايات المتحدة الأميركية بالأوضاع السياسية والأمنية في اليمن، في ظل إدراك واشنطن لتهديدات التمدد الإيراني في اليمن على المصالح الأميركية، وأهمية محاربة التنظيمات الإرهابية التي تتواجد في بعض الأقاليم اليمنية، بالإضافة إلى احتمالات تحول اليمن إلى ساحة للمواجهات بالوكالة بين واشنطن وطهران، ضمن استراتيجية تفكيك شبكة امتدادات إيران في منطقة الشرق الأوسط.

• سيكون اليمن إحدى ساحات المواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي ستعتمد عليها واشنطن للقضاء على التهديد الإيراني، دون أن تقوم واشنطن بالدخول في مواجهات مباشرة مع الحوثيين، مكتفية بتقديمها الدعم للحكومة الشرعية.

تغير الموقف

لم تقم الولايات المتحدة لسنوات عدة بالتنديد بتجاوزات الحوثيين وجرائمهم ضد المدنيين في تعز بشكل خاص، وضد معارضيهم أو حتى ضد حلفائهم في بعض الأحيان، مع تجاهل هذا الصراع بعض الشيء، وهو ما كان يصب في مصلحة الحوثيين، بيد أن هذا الموقف قد يتغير بشكل جذري بعد قرار «ترامب» الانسحاب من الاتفاق النووي، وهو ما سيزيد من الضغط على أذرع إيران في الإقليم وأهمها الحوثيون.

ردود الأفعال الداخلية

رحبت السلطة الشرعية في اليمن بقرار «ترامب»، حيث أشار الرئيس «هادي» خلال لقائه السفير الأميركي لدى اليمن «ماثيو تولر»، إلى أن النظام الإيراني استغل الاتفاق النووي، وعمل على تصدير العنف والإرهاب والتدخل في شؤون المنطقة، ضمن إطار أجندته وأطماعه التوسعية.

كما أصدرت الخارجية اليمنية بياناً صحافياً في 8 مايو 2018، قالت فيه «إن الجمهورية اليمنية ترحب وتؤيد قرار الرئيس ترامب إنهاء مشاركة الولايات المتحدة في خطة العمل المشتركة الشاملة مع إيران، وإن اليمن يدرك أن الاتفاق النووي مع إيران قد فشل في حماية المصالح الحيوية، ليس فقط للولايات المتحدة الأميركية ولكن أيضاً لحلفائها وشركائها في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن، إذ استغل النظام الإيراني الفوائد التي حصل عليها من الاتفاق النووي».

بينما لم يصدر عن الحوثيين أي تصريح، ويرجع ذلك إلى حالة الضعف التي تمر بها الجماعة في ظل تزايد الخسائر التي تلحق بها في كل الجبهات، وفقدانها عدداً من الأراضي لصالح قوات الشرعية، بالإضافة إلى تنفيذ قوات التحالف هجمات مركّزة عدة على أماكن تجمعاتهم.

تداعيات الانسحاب

يتوقع أن يتأثر الحوثيون بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، نظراً للعلاقة التي تربط الجماعة بإيران، لاسيما أن «ترامب» ذكر في خطابه اسم «الحوثيين» لدورهم في تهديد دول المنطقة، والملاحة الدولية في البحر الأحمر. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى أبرز التداعيات لقرار الانسحاب، وذلك في ما يلي:

1- تراجع الدعم الإيراني

يتوقع أن تزيد الضغوط الأميركية على الحوثيين، باعتبارهم إحدى أذرع إيران في المنطقة، ضمن إطار سعي الولايات المتحدة إلى تحجيم القوة الإيرانية والأطراف الموالية لها، كالحوثيين في اليمن، وستؤثر العقوبات التي تفرضها واشنطن سلباً على الدعم الإيراني لميليشيات الحوثي.

2- تقوية السلطة الشرعية

تأتي تداعيات هذا القرار داعمة لموقف الحكومة الشرعية، ومؤيدة لخطواتها في صراعها مع ميليشيا الحوثي الانقلابية، فقد ندد «ترامب» في تصريحاته بتهديدات الأذرع الإيرانية لأمن المنطقة وعلى رأسها الحوثيون، وهو ما يقوّي ويدعم السلطة الشرعية أمام المجتمع الدولي.

3- صعود الدور الأميركي

قد تقوم الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة بتقديم بعض الدعم للسلطة الشرعية، مثل: تزويدها بمعلومات عن أهداف الحوثيين، وبيع الأسلحة المختلفة، بما سيؤثر على مسار الحرب ويؤدي لإجبار الحوثيين على الخضوع لتسوية سياسية. وفي هذا الإطار، نشرت وكالة «إيجيس» الدولية للأخبار والدراسات في باريس، خبراً عن أن مصادر من واشنطن تؤيد تحركات القوات اليمنية لتحرير الحديدة، وبدء عمليات الإغاثة الإنسانية بعدها.

4- تغير موازين القوى

يتوقع كثير من المحللين أن يكون لخروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني تأثير كبير على موازين القوى في اليمن، حيث من المحتمل أن يميل ميزان القوى لصالح السلطة الشرعية، فعلى الرغم من أن الحكومة الأميركية لم تركز في ما سبق على القضاء على نفوذ الحوثي، فإنه من المتوقع بعد هذا القرار أن تسعى واشنطن لتحجيم الخطر الإيراني في المنطقة.

وسيكون اليمن إحدى ساحات المواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي ستعتمد عليها واشنطن للقضاء على التهديد الإيراني، وذلك دون أن تقوم واشنطن بالدخول في مواجهات مباشرة مع الحوثيين، مكتفية بتقديمها الدعم للحكومة الشرعية، وهو ما يجعل الأمر أقل كلفة بالنسبة للولايات المتحدة مقارنةً بدخولها في صراع مع «حزب الله» في لبنان على سبيل المثال، ما سيؤدي إلى حرب إقليمية كبرى، أو التصعيد في العراق، ما يهدد مصالحها هناك.

وقد تحدث «ترامب» عن «تغيير النظام»، فهو يرى إمكانية استغلال التذمر الشعبي لدى الإيرانيين بسبب غلاء الأسعار، وتراجع قيمة العملة الإيرانية، وفي حالة نجاح أميركا في تحقيق هدفها فإن هذا يعني القضاء على الحوثيين بالتبعية.

تحديات مقبلة

يحتمل أن تسعى طهران لتحريك ميليشيا الحوثي لتهديد أمن المنطقة، إذ قد تدفع حلفاءها الحوثيين لإطلاق المزيد من الصواريخ، فقد أطلقت جماعة الحوثيين دفعة من الصواريخ الباليستية على الرياض عقب يوم واحد من انسحاب الرئيس «ترامب» من الاتفاق النووي. وقد صرح العقيد «تركي المالكي» المتحدث باسم قوات التحالف في بيان صادر في 9 مايو 2018، أن «قوات الدفاع الجوي السعودي اعترضت صاروخاً بينما سقط آخر في منطقة صحراوية غير مأهولة بالسكان جنوب العاصمة».

ويبدو أن الولايات المتحدة في عهد «ترامب» تتجه للضغط على إيران بكل الوسائل الممكنة، والتنسيق مع بعض حلفائها مثل إسرائيل للقضاء على تهديدها تماماً، وهو ما سيدفع إيران لاستخدام كل أدواتها المتاحة للرد على التهديد الأميركي الإسرائيلي، وتخفيف الضغط على الداخل الإيراني.

تويتر