رغم كفالة القانون للمدرجين عليها حق مقاضاة الجهات المسؤولة

لا أحد يستطيع تحدّي قائمة حظر الطيـران الأميركية بسبب «السرية» و«الأمن القـومي»

صورة

طبيب باكستاني بارز، يطالب بمعرفة سبب إدراج السلطات الأميركية اسمه في قائمة المحظورين من السفر إلى الولايات المتحدة. ويريد خوشنود علي باز أن يعرف ما هو التهديد الذي يفرضه على الأمن القومي للولايات المتحدة. باز جراح عظام باكستاني له تاريخ طويل من السفر إلى الولايات المتحدة والعمل فيها، وجد نفسه فجأة ممنوعاً من السفر إلى الولايات المتحدة في عام 2016.

- عام 2010، رفع اتحاد الحريات المدنية الأميركي دعوى قضائية لدى محكمة اتحادية نيابة عن 10 أشخاص أفادوا بأن الحكومة لم تخبرهم أبداً أنهم ضمن قائمة حظر الطيران، وحرمتهم من

حقوقهم في إجراءات التقاضي السليمة.


- عام 2014، حصل الاتحاد الأميركي للحريات المدنية على حكم من محكمة اتحادية يكفل الحق لمواطني الولايات المتحدة، والمقيمين الدائمين القانونيين معرفة ما إذا كانوا مدرجين في تلك

القائمة، والسبب في إدراج أسمائهم.

ورفع باز، مؤخراً، دعوى قضائية ضد المدعي العام الأميركي، جيف سيغنز، ووزارة الأمن الداخلي، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ومركز فحص الإرهاب، وإدارة أمن النقل، ورؤساء تلك الوكالات، في المحكمة الجزائية الأميركية بمقاطعة كولومبيا، من أجل شطب اسمه من القائمة. ويقول: «أولاً وقبل كل شيء، يجب أن أعرف لماذا أنا على قائمة حظر الطيران».

في عام 2014، حصل الاتحاد الأميركي للحريات المدنية على حكم من محكمة اتحادية يكفل الحق لمواطني الولايات المتحدة، والمقيمين الدائمين القانونيين معرفة ما إذا كانوا مدرجين في تلك القائمة، والسبب في إدراج أسمائهم. ويمكن لقضية باز، إذا نجحت، أن تكفل هذا الحق أيضاً للرعايا الأجانب.

وتقول المحامية الأميركية من أصل لبناني، سيرين شابايا: «يجب أن تطبق حقوق الإجراءات القانونية ذاتها في هذا السياق على شخص قادم إلى الولايات المتحدة، ولديه تاريخ طويل في القدوم إلى الولايات المتحدة، وله مصالح مهمة في الولايات المتحدة». وتمضي قائلة: «في هذا المستوى من العملية - تستطيع أن تعرف بأنك على القائمة، لتكون قادراً بعد ذلك على الطعن في أي نوع من الأدلة ضدك - وهذا هو الحد الأدنى من الإجراءات التي يمكنك القيام بها، وينبغي منح هذا الحق للدكتور باز».

في سياق التقاضي المتواصل بمحكمة الاستئناف الأميركية، يطلب باز وفريقه القانوني - المكون من المحامين من شركتي المحاماة هولويل شستير، وإيلاهي فاروقي، أن يتوافر له الحد الأدنى من الإجراءات المعتادة، التي يكفلها القانون للمواطن غير الأميركي. وهذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها مواطن غير أميركي إلى النظام القانوني الأميركي لشطب اسمه من قائمة حظر السفر. فبعد إلغاء تأشيرتها لأميركا واكتشاف أنها كانت ضمن قائمة الحظر الجوي، رفعت الأكاديمية الماليزية الحاصلة على دكتوراه من جامعة ستانفورد، راهينا إبراهيم، دعوى قضائية لمعرفة السبب. وردّ محامو الحكومة بأن جميع المعلومات المتعلقة بقائمة حظر الطيران يجب أن تبقى سرية ومخفية عن راهينا لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وأنها، بصفتها مواطنة غير أميركية، لا يتوافر لها الحق أمام المحاكم الأميركية. وبعد قرابة عقد من الزمان من رفع راهينا دعوى، قضت محكمة الاستئناف بأنه يمكنها مقاضاة الجهات المسؤولة بسبب صلاتها القوية بالولايات المتحدة.

تقول شابايا: «تعد قضية راهينا سابقة مهمة بالنسبة لحالة الدكتور باز، لأنها تعاملت أيضاً مع مواطن أجنبي كان خارج الولايات المتحدة، ولديه اتصالات مهمة مع الولايات المتحدة»، وتمضي قائلة: «هذا المنطق نفسه ينطبق على حالة الدكتور باز، لديه اتصالات ممتدة مع الولايات المتحدة، ولديه الحق في المطالبة بالإجراءات القانونية بموجب التعديل الخامس».

من المفترض أن تسمح قائمة المراقبة الإرهابية، التي يديرها مركز فحص الإرهابيين التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي، للحكومة الأميركية بمنع المشتبه فيهم بالإرهاب من الحصول على تأشيرات لدخول البلاد. وكجزء من قائمة المراقبة، تمنع قائمة حظر الطيران الأشخاص الممنوعين من السفر إلى ومن وفوق أراضي الولايات المتحدة الأميركية.

ومع ذلك، فإن قائمة حظر الطيران لها تاريخ متقلب. في عام 2006، كشف تقرير لمكتب المحاسبة في حكومة الولايات المتحدة أن الآلاف من إجراءات التعرف الخاطئة إلى أشخاص قد أدت إلى تفويتهم رحلاتهم الجوية، وخضوعهم للاستجواب، وتفتيشهم، ورفض دخولهم البلاد لدى وصولهم الحدود.

وانتقد تقرير لاحق أصدره مكتب المفتش العام بوزارة العدل في عام 2009 الضوابط الداخلية الضعيفة لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، التي بموجبها يتم إدراج الأشخاص في قائمة المراقبة. وكشف أيضاً أن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يقم بتحديث السجلات بشكل صحيح، وفشل في مسح الأسماء من القائمة في الوقت المناسب في 72% من الحالات المطلوب مسحها.

أوجه قصور

ويقول أحد محامي باز، وهو أندريه فرابي: «خلصت الحكومة في تقاريرها ودراساتها الخاصة إلى الإقرار بأوجه القصور في قوائم الحظر الجوي، وعدم الدقة والأخطاء التي نجمت عن ذلك، وإجراءات جبر الضرر وعدم كفاءتها»، ويضيف: «وبعبارة أخرى، تدرك الحكومة بأن هناك مشكلة، لكنها متشددة للغاية وتتردد في اتخاذ حل عملي».

في عام 2010، رفع اتحاد الحريات المدنية الأميركي دعوى قضائية لدى محكمة اتحادية نيابة عن 10 أشخاص أفادوا بأن الحكومة لم تخبرهم أبداً أنهم ضمن قائمة حظر الطيران، وحرمتهم من حقوقهم في إجراءات التقاضي السليمة. وبعد أربع سنوات من ذلك حكمت المحكمة بأن انعدام أي جبر للضرر يعتبر غير دستوري، وفي عام 2015 قالت الحكومة إنها ستخبر المواطنين والمقيمين الدائمين القانونيين، إذا كانت أسماؤهم مدرجة في القائمة، وتقديم ملخص لأسباب إدراجهم في القائمة في بعض الحالات.

وواصل الاتحاد الأميركي للحريات المدنية تحدي عدم كفاية إجراءات جبر الضرر الحكومية، من خلال رفعه دعوى قضائية في محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة التاسعة. ويقول كبير المحامين بمشروع الأمن القومي التابع لاتحاد الحريات المدنية الأميركي، هيو هاندايسايد: «تحتفظ الحكومة بالحق في حجب الأسباب التي تبرر استمرار إدراج شخص ما في القائمة». ويمضي قائلاً: «وهذا من شأنه أن يخالف إجراءات التقاضي، لأنه لا يشمل جلسة استماع حية أمام قاضٍ محايد أو صانع قرار».

ويعتقد الدكتور باز أنه من بين أولئك الذين وضعت أسماؤهم خطأً بسبب عدم الكفاءة التي تحيط بقائمة حظر الطيران. وبدأت متاعبه في فبراير 2016، عندما حمل جواز سفره وعليه تأشيرة دخول إلى أميركا، وتوجه لمطار إسلام أباد للسفر إلى أميركا، لحضور مؤتمر طبي في أورلاندو، واعتاد باز السفر بانتظام إلى الولايات المتحدة لحضور المؤتمرات الطبية، ويملك منزلاً في توليدو، بأوهايو. وقبل الصعود إلى الطائرة التي كانت ستقله من تورونتو بكندا، أبلغه أحد مسؤولي شركة الطيران أنه لن يُسمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة.

قدّم باز ما يُعرف بنموذج استعلام المسافر عن برنامج الاستقصاء الصادر من وزارة الأمن الداخلي. وبعد شهرين من ذلك زوّدته الوزارة بـ«رقم مراقبة» لتقديمه كلما قام بحجز رحلة جوية إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم يوضح ردّ وزارة الأمن الداخلي على استفسارات باز ما إذا كان على قائمة المراقبة أو قائمة حظر الطيران.

في يناير من السنة التالية، أخطر باز وزارة الأمن الداخلي بعزمه حضور مؤتمر بالأكاديمية الأميركية لجراحي العظام في سان دييغو. وبعد شهر من ذلك، كررت وزارة الأمن الداخلي نصائحها له بتقديم رقم «المراقبة» عند قيامه بالحجز. تصرف باز وفقاً لتعليمات الوزارة وقدّم الرقم لوكيل السفر، لكنه خلال انتظاره لرحلته في المطار، أخبره وكيل بيع التذاكر أن تذكرته تم تعليقها. اقتنع باز في تلك اللحظة أن اسمه قد تم إدراجه على قائمة حظر الطيران. وبعد شهر من إرسال بريد إلكتروني آخر إلى وزارة الأمن الداخلي يطالب فيه باسترداد تكاليف رحلته التي لم تتم، بسبب عدم إبلاغه بأنه لن يتمكن من السفر إلى الولايات المتحدة، تلقى رسالة نموذجية كاملة تحتوي على «رقم مراقبة» جديد ينص على أن «وزارة الأمن الداخلي لا يمكنها أن تؤكد أو تنفي أي معلومات متعلقة بك، وما إذا كنت ضمن قوائم المراقبة الفيدرالية، أو تكشف أي معلومات حساسة». كما أبلغت الوزارة باز أن الشكاوى تنشأ في الغالب، لأن الفرد لديه اسم أو معلومات شخصية أخرى مماثلة لشخص آخر في قواعد البيانات الحكومية، أو حتى من خلال الفحص العشوائي.

في يونيو 2017، قدم باز التماساً لمحكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا، يطلب فيه مراجعة وضعه، مطالباً المحكمة بإلزام الوزارة بإزالة اسمه من قائمة حظر الطيران، ثم سحب العريضة لتقديم دعوى هذا الأسبوع.

بعد شهر من تقديم باز الالتماس، أبلغته السفارة الأميركية في إسلام أباد، من خلال بريد إلكتروني، بأن تأشيرته وتأشيرات زوجته وابنته قد تم إلغاؤها. ويأمل باز في أن تنجح دعواه في إنقاذ وضعه الجيد في الولايات المتحدة وسمعته. ويقول: «إن الألم النفسي الذي تواجهه، والطريقة التي ينظر بها الناس إليك يدمر حياتك ونفسيتك، إذا كنت إنساناً محترماً في منطقتك، لأن الناس ينظرون فجأة إليك من زاوية مختلفة، ويشككون فيك».

تويتر