يضطر طالبو لجوء إلى الاقتراض لتغطية نفقات المحكمة. أرشيفية

محامون في بريطانيا يبتزون اللاجئين بمنحهم آمالاً كاذبة

يخسر المهاجرون اليائسون دعاوى مشروعة، ويحصلون على تطمينات وآمال كاذبة، بشأن قضايا لا يمكن الفوز بها، بعد دفع مبالغ كبيرة من المال للمحامين الذين لا يقدمون لهم خدمة مهنية. وأقرت محكمة بريطانية، أخيراً، بأن المساعدين القانونيين، هم الأشخاص غير المؤهلين لصياغة الطلبات التي تبقى «أقل بكثير من المعايير المقبولة»، والتي يجب على القضاة رفضها، باعتبارها «غير قابلة للنقاش، ولا تستحق حتى النظر فيها».

يخسر المهاجرون اليائسون دعاوى مشروعة،

ويحصلون على تطمينات بشأن قضايا لا يمكن

الفوز بها، بعد دفع مبالغ كبيرة من المال

للمحامين، الذين لا يقدمون لهم خدمة مهنية.

وأدى هذا الوضع بالعديد من الأشخاص البسطاء إلى دفع آلاف الجنيهات الإسترلينية، وغالباً اقترضوا من العائلة والأصدقاء، بسبب صعوبة الوصول إلى المساعدة القانونية، وفق عدد من القضاة المتخصصين. وعلمت «الإندبندنت» أنه في بعض الحالات، لا يقوم المحامون بتضمين الأدلة ذات الصلة المقدمة لهم من قبل العملاء في الطلبات أمام المحكمة، ما يجعل ادعاءاتهم غير قابلة للحياة، بسبب انعدام الحقائق المهمة.

وتؤكد طالبة لجوء من زيمبابوي أنها دفعت 1600 جنيه إلى محامٍ رفض مقابلتها، ووصل إلى المحكمة قبل دقيقتين من بدء الجلسة. وتقول مابل كايبا، التي جاءت إلى المملكة المتحدة بعد فرارها من الصراع في بلادها، للصحيفة، إنها تشعر بالهزيمة بعد أن دفعت لمحامٍ لتمثيلها في طلب اللجوء الذي قدمته، لكنه قدم أدلة غير صحيحة في المحكمة.

وتضيف «لقد استنفدت بالفعل أموال الأقارب والأصدقاء، وأنشأت حساباً مصرفياً على الإنترنت، وتمكنت من جمع مبلغ 1600 جنيه إسترليني، وهو المبلغ المطلوب».

وتقول المرأة المحبطة: «رأيته (المحامي)، خلال الاستشارة لمدة ساعة، ثم كانت الفكرة أن التقي معه مرة أخرى، وحصلت على عنوان بريده الإلكتروني ورقم هاتفه، لكنه ظل يقول إنه مشغول طوال الوقت».

وأرسلت كايبا الأدلة إلى محاميها المختفي وأكد تلقيه لها. ولأن موعد الجلسة في محكمة برمنغهام قد حان، فقد حاولت إقناعه بالحضور، وفي نهاية المطاف فعل، لكن المشكلة أنه جاء قبل خمس دقائق من بدء الجلسة، لذلك كان لدى المرأة دقيقتان فقط للتحدث معه. وفي ذلك تقول: «عندما وصلنا إلى المحكمة بدا الأمر كأنه كان ضدي في بعض النقاط. وكان أسوأ ما في الأمر عندما طلب القاضي الأدلة، وعندما صعد وقدمها، اتضح أن صوري لم تكن مرفقة». وتوضح «خسرت القضية، وهذا ليس مستغرباً، وخرجت وأنا أشعر بكل هذا الغباء، وقال (المحامي) لا تقلقي بشأن ذلك، يمكن أن أستأنف، وهذا يعني أن عليَّ دفع المزيد من المال له».

وفي حالة أخرى، قدم محامٍ يمثل رجلاً وصل إلى بريطانيا من بلد مزقته الحرب عندما كان طفلاً، نصاً إلى المحكمة تضمن «بالكاد أي مضمون»، لقضية صاحب المطالبة. وفي ذلك يقول مساعد مدير شركة «كفالة لمحتجزي الهجرة»، بيار مخلوف: «هناك مشكلة كبيرة مع المستشارين الخاصين، الذين يتقاضون رسوماً عالية، ثم لا يقومون بعملهم»، متابعاً «لا يمكن البدء من جديد، ما لم يحصلوا على طلب جديد ومشكلة جديدة، وهكذا يصبح طالب اللجوء قد فشل، إنها مشكلة كبيرة».

ويقول سلمان ميرزا، وهو مستشار قانوني في خدمة استشارات «برش ستروكس»، إن نحو 20 حالة تسجل أسبوعياً، يتم فيها «خداع» مهاجرين عن طريق سلب المحامين أموالهم، و«يتقاضى هؤلاء المحامون رسوماً باهظة، ويعطون الناس آمالاً كاذبة، إنهم يستغلون ضعف الناس»، ويضيف «بسبب صعوبة الوصول إلى المساعدة القانونية الرسمية، فإن الكثير من المحامين المحترمين لم يعودوا يفعلون ذلك. وقد نتج عن ذلك فراغ وفسح المجال للآخرين، لتأسيس المكاتب ونهب الأموال». وفي المحكمة العليا، حكم قاضٍ في بيرمنغهام، على ثلاثة مكاتب محاماة، هي: «ديفيد وايلد للمحاماة»، و«سابز»، و«توبستون»، بالتقصير والفشل في الالتزام بالمعايير السليمة، في العديد من الحالات.

ويقول القاضي، الذي لم يذكر اسمه، إن «المهنيين القانونيين، الذين يهتمون بهذه الإجراءات أخفقوا في الوفاء بالمعايير المطلوبة»، متابعاً «مقدمو طلبات اللجوء يدفعون أموالهم الخاصة، وعادة يكونون ضعفاء ويائسين».

يأتي ذلك في وقت يصعب فيه الوصول إلى الدعم القانوني، إذ يجد عدد متزايد من المهاجرين، وطالبي اللجوء غير القادرين، أنفسهم أمام خيارات محدودو للغاية، وهو ما يقول الخبراء إنه يمكّن المحامين الخاصين من فرض رسوم «ابتزازية».

وأظهر أحدث البيانات، عن مدى توافر التمثيل القانوني للأشخاص المحتجزين في مراكز الهجرة، والتي جمعتها منظمة «كفالة لمحتجزي الهجرة»، أن ما يقرب من ثلث المحتجزين لم يكن لديهم أبداً ممثل قانوني، أثناء وجودهم في مراكز احتجاز المهاجرين، وكان أقل من النصف (44%) من الأشخاص المحتجزين لديهم ممثل قانوني، فيما حصل 55% منهم على خبير للمساعدة القانونية.

وهذا يدل على تحول كبير منذ عام 2012، عندما تم تقليص المساعدة القانونية. وقبل هذا التغيير، كان لدى 79% من المحتجزين في المراكز ممثل قانوني، وتم تمويل 75% منهم بواسطة المساعدة القانونية. ويضيف مخلوف: «كثير من الأشخاص المحتجزين لديهم قضايا رابحة، لكن لا يتم تمثيلهم بشكل صحيح، ولن يكونوا على الأرجح في الاحتجاز إذا حصلوا على الدعم الضروري». وينتظر أصحاب الحالات السيئة فترة أطول، لأن المحامين يقدمون لهم أملاً زائفاً.

الأكثر مشاركة