بعد تقديمه عدداً من الأسئلة للرئيس

مولر يعرف مدى تورّط ترامب في علاقة حملته بروسيا

صورة

الأسئلة الـ49 التي سيطرحها المدعي الخاص، روبرت مولر، على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في ما يتعلق بمزاعم تورّط روسيا في حملته الانتخابية، تدل على أن مولر يعرف أكثر مما نتوقع. وبعد تقديمه الأسئلة، التي نشرتها صحيفة التايمز الإثنين الماضي، على فريق ترامب القانوني في مارس، حث المحامي الشخصي للرئيس في ذلك الوقت، وهو جون دود، حث ترامب على تجنب مقابلة مولر. وعندما أصر ترامب على أنه ينوي، على أي حال، مقابلة مولر، استقال دود من منصبه.

لم يحاول أي رئيس سابق الاعتداء علانية على سيادة القانون، أو تقويض مجتمع إنفاذ القانون.

وبالاطلاع على تلك القائمة، نستطيع أن ندرك لماذا كان دود قلقاً للغاية. فمن المعروف أن المحققين الفيدراليين لا يحبون أن يكذب عليهم من يستجوبونه، وأن ترامب لديه ميل واضح لقول أشياء غير صحيحة، فإذا وافق على التحدث مع فريق مولر، فسيتعين عليه الإجابة عن بعض الأسئلة الأساسية للغاية حول ما يعرفه، ومتى عرفه، وما الذي دفعه للإتيان ببعض الأفعال الصادمة العام الماضي، والتي لا يمكن تبريرها.

من هذه الأسئلة على سبيل المثال لا الحصر: متى ولماذا قررت طرد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، جيمس كومي، الذي كان يقود تحقيق حول تورط روسيا في حملتك الانتخابية في ذلك الوقت؟ وماذا كنت تقصد عندما أخبرت «ليستر هولت» من قناة «إن بي سي» أنك طردت كومي «لأن علاقة روسيا بحملة ترامب هي قصة مختلقة»؟ وهل حاولت إقناع المدعي العام، جيف سيشنز، بحمايتك من التحقيق؟ هل وعدت سراً بالعفو عن مستشار الأمن القومي السابق، مايكل فلين، الذي أقر بأنه كذب على المحققين الفيدراليين بشأن اتصالاته مع السفير الروسي؟

هذه الأسئلة هي تذكير عن مدى شذوذ هذا البيت الأبيض.

لم يحاول أي رئيس سابق الاعتداء علانية على سيادة القانون، أو تقويض مجتمع إنفاذ القانون. وفي ضوء ذلك، توفر أسئلة مولر أيضاً قدراً من الارتياح، بأنه في خضم كل هذه الفوضى والاضطرابات التي تشهدها هذه الإدارة، يواصل الموظفون العموميون في مجال إنفاذ القانون أداء وظائفهم والتحقيق في الجرائم، والسعي لتحقيق العدالة.

قد يزعج هذا الأمر ترامب، الذي أمضى حياته متجاوزاً للقانون ومتجنباً للمساءلة الكاملة، ولكن هذه هي الطريقة التي يعمل بها القانون. ومن دون أن يشرح ذلك علانية، يؤكد مولر وفريقه من المحققين ذوي الخبرة أن أي حكومة أميركية ينبغي أن ترتكز على حكم القانون. قد تبدو هذه العملية بطيئة، لكن ذلك ينبع من الحصافة والحذر، وأن الهدف الأساسي هو البحث عن الحقيقة، على عكس، على سبيل المثال، التصريح المحرج للقادة الجمهوريين بلجنة الاستخبارات في مجلس النواب، والذي برأ الأسبوع الماضي ترامب وحملته من ارتكاب أي مخالفات، في تقريرها المكون من 250 صفحة، والذي يبدو في كنهه ضرباً من الخيال، أكثر من كونه تحقيقاً حكومياً. وفي وقت مبكر من صباح الثلاثاء، قال ترامب إن تسريب أسئلة مولر كان «مشيناً» و«نجد من الصعب جداً عرقلة العدالة لجريمة لم تحدث أبداً!».

لا بل إنه خطأ، لأن «عرقلة العدالة في حد ذاتها جريمة فيدرالية بغض النظر عما إذا كان المدعون العامون قد توصلوا إلى حدوث ضمني لجريمة»، كما ورد على سبيل المثال، في المادة 1505 من الباب 18 من قانون الولايات المتحدة. ويسخر ترامب والمدافعون عنه من أنها عبارة عن «جريمة إجرائية»، لكن حكم القانون سينهار إذا استطاع الناس أن يتدخلوا في عملية سير القانون لتحقيق العدالة، ويفلتون من العقاب. يجب ألا ننسى أن كلاً من الرئيسين اللذين واجها إجراءات العزل في العقود القليلة الماضية، ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون، كانا متهمين بعرقلة العدالة.

على أي حال، يبدو أن مولر لديه على الأقل بعض الأدلة على ارتكاب جريمة. ويبدو هذا ضمنياً من عشرات الأسئلة، بما فيها أكثر الأسئلة إثارة للدهشة: هل كان ترامب يعلم بأي جهود خلال حملته، وتحديداً من قبل رئيس حملته السابق، بول مانافورت، بشأن طلبه مساعدة روسيا للفوز في انتخابات عام 2016؟ لا نعرف بالضبط ما الذي يدفع مولر لطرح هذا السؤال على ترامب، لكن ما يجدر ذكره هو أنه في أغسطس 2017، ذكرت شبكة «سي إن إن» أن أجهزة الاستخبارات الأميركية قد اعترضت اتصالات بين مشتبه فيهم روس ناقشوا في ما بينهم محادثات زعموا أنها كانت مع مانافورت، الذي طلب مساعدتهم في الإضرار بحظوظ المرشحة الرئاسية آنذاك، هيلاري كلينتون. وقد حصل مولر بالفعل على قرار بإدانة مانافورت بتهم اتحادية، بما في ذلك غسيل الأموال، والاحتيال الضريبي، وإدلائه ببيانات كاذبة، وحصل على إقرار بالذنب من كبير مساعدي مانافورت، ريك غيتس، بتهم ذات صلة. وظل مانافورت يواجه الاتهامات، بينما يتعاون غيتس الآن مع المحققين. ومهما كانت المعلومات التي لديه، فإن مولر، مثل أي مدعٍ عام محنك، لا يطرح أسئلة ما لم يكن يعرف ما ستتمخض عنه الأجوبة بالفعل. وسواء قرر ترامب التحدث معه أم لا، فسنعرف قريباً جداً ما ستسفر عنه الأيام في هذا الخصوص.

تويتر