بعد المحادثات المباشرة بين الكوريتين وانتظار لقاء بين أميركا وكوريا الشمالية لاحقاً

الصين تتخوف من فقدان نفوذها على بيونغ يانغ

صورة

تمثلت إحدى أسوأ مخاوف الصين، لسنوات عدة، في اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية، بيد أن هذه المخاوف تحولت الآن الى قلق بـشـأن السلام المحتمل في هذه المنطقة، فبعد عقد جولة محادثات مباشرة بين الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي يوم الجمعة الماضي، واجتماع محتمل بين كيم والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في وقت لاحق، تشعر الصين أن واشنطن تجاوزتها دبلوماسياً.

• لطالما كانت الصين الحليف المقرب لكوريا الشمالية، إلا أن علاقات الدولتين توترت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب برنامج بيونغ يانغ للأسلحة النووية، ودعمت الصين تشديد عقوبات الأمم المتحدة.

• نتيجة ليست مُرضية

يقول دبلوماسي أجنبي رفيع المستوى في سيؤول: «إن نزع الأسلحة النووية من جانب كوريا الشمالية ومن جانب واحد فقط، ليس نتيجة مُرضية للصين».

وفي الأسبوع الماضي قالت بيونغ يانغ إنها مستعدة لابرام معاهدة سلام لإنهاء الحرب الكورية رسمياً.

وينظر إلى هذه الخطوة على أنها مقدمة لإعادة التوحيد المحتمل، ويعتقد دبلوماسيون أنه من الأرجح أن يتم الاتفاق على التفكيك التدريجي لبرنامج أسلحة كوريا الشمالية النووية، ورفع العقوبات، بدلاً من اتفاقية كبرى.

ويعتقد أحد الدبلوماسيين الآسيويين أن «كيم سيفعل كل شيء لتأمين نظامه، ولن يرمي كل ما أنجزه فجأة من أجل التوحيد».

ويقول مدير معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، والخبير في السياسة الخارجية، تشنغ يونغ نيان، إن «أية صفقات ثنائية يمكن أن تتم على حساب الصين، إذا لم يكن لبكين مقعد على الطاولة»، ويعتقد المتخصص في شؤون شبه الجزيرة الكورية في مركز تسينغهوا كارنيغي في بكين، تشاو تونغ، أن الآراء العامة لخبراء الصين مثل تشنغ تعكس، في كثير من الأحيان، وجهات نظر صانعي السياسة، الذين يشعرون بالقلق جراء ذلك. ويرى «أن العديد من الخبراء الصينيين قلقون من عودة كوريا موحدة، بعلاقة تحالف أمني مع الولايات المتحدة، وبقاء القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية».

نتيجة غير محتملة

وعلى الرغم من أن المراقبين يقولون إن مثل هذه النتيجة النهائية غير محتملة إلى حد كبير، إلا أن الصين قلقة إلى حد بعيد، فمنذ الإعلان عن المحادثات المزمعة بين ترامب وكيم في مارس الماضي، ظلت الصين تتظاهر بانها ترحب بالحوار، الا أن المحادثات الثنائية مع بيونغ يانغ من المفترض أن يتم استبدالها قريباً باستئناف المفاوضات التي تضم كلاً من موسكو وبكين، وسيؤول، وطوكيو، وواشنطن. ويقول دبلوماسيون إن هذه المحادثات التي تعرف باسم المحادثات السداسية عقدت اخر مرة في عام 2007، ويمكن استئنافها في وقت مبكر من هذا الصيف. ولطالما كانت الصين الحليف المقرب لكوريا الشمالية منذ فترة طويلة، الا أن علاقات الدولتين توترت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب برنامج بيونغ يانغ للأسلحة النووية، ودعمت الصين تشديد عقوبات الأمم المتحدة.

ورداً على ذلك، قام كيم باختبار قنابل نووية على حدود الصين في مسعى لإرباك مؤتمرات القمة والمهرجانات الصينية. ومع استبعاد الصين من طاولة التفاوض، يبدو أن أي عدد من السيناريوهات الغريبة يمكن حدوثها في هذا الجو المشحون من مجتمع المحللين في الصين: من إعادة توحيد كوريا الشمالية والجنوبية تحت مظلة أمنية أميركية إلى كوريا الشمالية المؤيدة لأميركا، وانتهاءً بتوجيه أسلحة نووية نحو الصين.

مخاوف مبررة

هذه المخاوف لها ما يبررها، إذ تصر موسكو حتى يومنا هذا على أن القوى الغربية نكثت بتعهداتها التي قطعتها خلال إعادة توحيد ألمانيا عام 1990، وأن الخوف من احتمال حدوث اضطراب مماثل كان أحد بنود جدول أعمال الاجتماع المفاجئ في الشهر الماضي، الذي انعقد بين كيم والرئيس الصيني، شي جين بينغ.

ويبدو أن مشكلة النفط قد خفت كثيراً منذ رحلة كيم إلى الصين، وهو ما يعزوه الخبراء الى زيادة محتملة في الإمدادات الصينية لكوريا الشمالية. ويقول الباحث بمعهد شارهار في بكين، وانغ تشونغ، إن الاجتماع بين الزعيمين يعني «أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية قضية شبه الجزيرة الكورية من دون مساهمة الصين.. لا أعتقد أن الصين مستبعدة، فقط بعض الدول تتناوب على الظهور في المقدمة». وذهب كيم بعيداً لطمأنة الصين، وأن هناك جذور الاشتراكية التي توحد البلدين. وأدت فرقة موسيقية كورية شمالية رقصة في بيونغ يانغ، الاسبوع الماضي، تعود للثورة الثقافية الصينية يطلق عليها اسم «مفرزة النساء الحمراء».

وعندما تحطمت حافلة من السياح الصينيين في بيونغ يانغ، الأحد الماضي، ما أسفر عن مقتل 32 شخصاً، التقى كيم بالسفير الصيني في بيونغ يانغ لتقديم التعازي، ثم توجه إلى المستشفى للقاء الناجين، وهي خطوة لم يسبق أن قام الزعيم الكوري بمثلها من قبل. وتمثل القوة الاقتصادية الصينية ثقلاً في العلاقات بينها وبين كوريا الشمالية إلى حد كبير، حيث يمر 90% من تجارة النظام المعزول عبر الصين، ما يمنح بكين ثقلاً كبيراً.

إلا أن تشونغ يشير إلى أنه مع تنامي العداء بين واشنطن وبكين، قد تستغل كوريا الشمالية هذا العداء بين القوتين للمساومة والمرونة بشأن برنامجها النووي مقابل تغيير شامل في توجهاتها الجيوسياسية نحو واشنطن. ويعتقد تشونغ أن «ظهور كوريا الشمالية الموالية لاميركا وبأسلحتها النووية هو أسوأ كابوس للصين»، لكنه يضيف أن هذا غير محتمل. ويقول خبراء أميركيون إن واشنطن تتشكك في أي من وعود بيونغ يانغ.

ويصر البعض على أن كيم يفكر في مصطلحات أكبر - وأكثر تأييداً لأميركا - على أية حال. وفي مطلع الاسبوع قالت بيونغ يانغ إنها لن تعترض على بقاء القوات الاميركية في كوريا الجنوبية التي ظلت لفترة طويلة مقبولة لبكين. كما اختلفت كوريا الشمالية عن موقف الصين بإعلانها في عطلة نهاية الأسبوع، عن رغبتها في إغلاق موقع التجارب النووية ووقف تجارب الصواريخ من دون تعهد في المقابل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتجميد التدريبات العسكرية. وتفضل الصين «التعليق المزدوج» للتجارب والتدريبات.

تويتر