في كتابه «قمة الولاء: الحقيقة.. والأكاذيب.. والقيادة»

جيمس كومي يهاجم ترامب ويتهمه بالكذب

صورة

وصف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، في مذكراته التي أصدرها قبل أيام، أن الرئيس دونالد ترامب رجل «عديم الأخلاق»، و«لا يلتزم بالحقيقة والقيم المؤسسية»، ورسم كومي في مذكراته التي أصدرها بعنوان «قمة الولاء: الحقيقة.. والأكاذيب.. والقيادة»، صورة تعكس الرئيس كأنه يعيش في «شرنقة واقع بديل».

• علاقة غريبة

كما تلفت الوثائق الانتباه، مجدداً، إلى العلاقة الغريبة بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ففي الوقت الذي تشير فيه المذكرات إلى إنكار ترامب حول مزاعم علاقته بالغانيات الروسيات في سلوك بذيء بفندق في موسكو، فإنها تورد تعليقاً غريباً من الرئيس حول محادثة له غير مؤرخة مع بوتين. وكتب كومي يقول: «ينكر الرئيس هذا الشيء المثير للاشمئزاز، إلا أن بوتين أخبره إننا لدينا بعض من أجمل الغانيات في العالم، لكنه لم يقل متى أخبره بوتين بذلك».

وينفي ترامب بشدة الادعاء المتعلق بالغانيات، لكن لم تستوثق وكالات الاستخبارات الأميركية أو المؤسسات الإخبارية من ذلك.. حتى الآن.

• يعترف كومي بأنه افترض أن كلينتون هي الفائزة في الانتخابات، كما تشير كل التوقعات تقريباً في نقاط الاستطلاع الرئيسة، ويشير إلى أنه لم يكن يريد أن يجعل رئاسة كلينتون غير شرعية، إذا ظهر لاحقاً أن مكتب التحقيقات الفيدرالية قد حجب بعض المعلومات.

• كومي رسم في مذكراته صورة تعكس الرئيس وكأنه يعيش في «شرنقة واقع بديل».

وأعاد كومي، بطريقة احترافية، سرد مواجهاته مع ترامب، الذي أقاله من منصبه في التاسع من مايو من العام الماضي، وعن صداماته مع الرئيس في شهادته أمام الكونغرس ومواجهات عامة أخرى، واصفاً حياته المهنية، خلال الأشهر القليلة الأولى من إدارة ترامب، بالجحيم.

وعلى الرغم من أن الكتاب يكشف عن تفاصيل قليلة صادمة، فإن العديد من الملاحظات التفصيلية ظلت تملأ بعض الفراغات، في روايته عن تطورات الأحداث بشأن التحقيق الفيدرالي، حول التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وتحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالية، حول استخدام المرشحة الرئاسية السابقة، هيلاري كلينتون، بريداً إلكترونياً خاصاً، عندما كانت وزيرة للخارجية، وأيضاً ما يسمى «ملف ستيل»، حيث تزعم هذه المذكرات، المكونة من 35 صفحة، أن حملة ترامب الرئاسية تواطأت مع روسيا.

ولعل أكثر ما يلفت النظر في مذكرات كومي، هو وصفه ترامب ومستشاريه، خلال لقائه الأول معه في يناير 2017، في برج ترامب بنيويورك، بأنهم غير مكترثين تماماً بما إذا كانت روسيا تدخلت في الانتخابات أم لا. يقول كومي إنه بدلاً من ذلك «ناقش فريق ترامب، المكون من كبير موظفي البيت الأبيض السابق رينس بريبوس، ونائب الرئيس مايك بينس، والمتحدث باسم ترامب شون سبايسر، كيفية استغلال هذه النتائج للحصول على أقصى ميزة سياسية». ويمضي قائلاً «لقد حضرت العديد من اللقاءات الإعلامية مع الرئيسين السابقين: جورج بوش، وباراك أوباما، ولم أرَ أياً منهما يناقش الاتصالات والاستراتيجية السياسية أمام قادة مجتمع الاستخبارات».

وعلق كومي، في هذا الصدد، بأن ترامب وفريقه كانوا مثل منظمات مافيا نيويورك، التي طاردها عندما كان يعمل مدعياً فيدرالياً في بداية حياته المهنية. يقول «جلست هناك أفكر، إنها حماقة، إنهم يحاولون أن يجعلوا كل واحد منا - أي من مكتب التحقيقات الفيدرالية - صديقاً لكارتيل أرنسيا نوزسترا، من أجل استقطابنا»، واسترسل في سرده: «شعرت بأن هذه فكرة مجنونة، أن يجعلنا الرئيس المنتخب، في غمضة عين، جميعاً جزءاً من العائلة نفسها، وأن ترامب جعل هذه المافيا جزءاً منا».

كما كتب كومي، مطولاً، عن قراره في 28 أكتوبر 2016 - قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات الرئاسية - بشأن سعي التحقيقات الفيدرالية إلى بحث المزيد من رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بكلينتون. ويعترف بأنه افترض أن كلينتون هي الفائزة في الانتخابات - كما تشير كل التوقعات تقريباً في نقاط الاستطلاع الرئيسة - ويشير إلى أنه لم يكن يريد أن يجعل رئاسة كلينتون غير شرعية، إذا ظهر لاحقاً أن مكتب التحقيقات الفيدرالية قد حجب بعض المعلومات.

ولاحظ أن المدافعين عن كلينتون كثيراً ما كانوا يثيرون تقارير، تفيد بأن وزير الخارجية السابق، كولن باول، استخدم حساباً لـAOL «كأنما لو كان ذلك ذا صلة بالتحقيق». ويسترسل «هذا مجافٍ للواقع تماماً، لأنني لم أرَ قط أي مؤشر إلى أن باول ناقش معلومات حسابه في AOL، التي تعتبر سرية للغاية في ذلك الوقت، لكن هناك أمثلة عدة على قيام الوزيرة كلينتون بذلك».

وفي مكان آخر من الكتاب، يصف كومي ترامب بأنه يعاني جنون الارتياب بشأن «ملف ستيل»، خصوصاً أحد مزاعم الملف (غير المثبتة) بأن ترامب أقام علاقة غرامية - في وقت من الأوقات - مع غانيات في غرفة بفندق في موسكو.

وأثار ترامب هذه المزاعم أربع مرات على الأقل، حسب ما ذكر كومي في كتابه، وأنكر قضاءه الليل في غرفة الفندق المزعوم «وظل هذا الأمر يقلقه باستمرار، حتى مع عدم وجود نسبة 1% من حدوثه، لكن زوجته ميلانيا تعتقد أن هذا الزعم كان حقيقة». ويمضي كومي، في تعليقه على هذه الحادثة: «شتت هذا انتباهي قليلاً، لأنني بدأت أتساءل على الفور بأن اعتقاد زوجته يمكن أن يشير إلى وجود نسبة لحدوثه، حتى لو كانت ضئيلة»، ويعتقد أن هذا الادعاء كان صحيحاً.

سرد كومي، أيضاً، حادثة أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في يونيو الماضي، تتمثل في جهود الرئيس لحماية مستشاره للأمن القومي الجديد مايكل فلين، وهي الجهود التي وجدها كومي غير ملائمة إلى حد كبير.

استقال فلين في فبراير 2017، عندما ظهر للسطح أنه ضلل بنس، بشأن اتصالاته مع سفير روسيا السابق لدى الولايات المتحدة، سيرجي كيسلياك، بعد يوم الانتخابات. وكرر بنس المعلومات المضللة، خلال ظهوره على شاشة التلفزيون، واعترف فلين، في ديسمبر، بأنه كذب على مكتب التحقيقات الفيدرالية.

رجل طيب

وذكر كومي أنه في 14 فبراير 2017، بعد إحاطة إعلامية بشأن مكافحة الإرهاب، أمر ترامب الجميع بالخروج من الغرفة عدا كومي، الذي أراد أن يتحدث معه شخصياً. وحالما لم يكن في الغرفة سواهما، ناشد ترامب كومي «أن ينسى كل ما حدث»، واصفاً فلين بـ«الرجل الطيب»، الذي لم يكن ليوافق على إقالته لولا كذبه على نائب الرئيس. ووصف كومي طلب ترامب بأنه يتدخل بشدة في تحقيق مستقل لمكتب التحقيقات الفيدرالية. وكتب كومي معلقاً على ذلك: «تخيل رد الفعل، إذا طلبت الرئيسة هيلاري كلينتون التحدث إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية بمفرده، وحثته على التراجع عن التحقيق مع مستشارها للأمن القومي».

ويقول كومي إنه لم يقدم أي التزام، وإنه سرعان ما غادر الغرفة، وبمجرد أن وصل إلى سيارته، بعث برسالة إلكترونية لموظفيه، يخبرهم فيها بأنه كتب مذكرة لتوثيق المحادثة، لأن «حماية مكتب التحقيقات الفيدرالية، وحمايتي، تحتاجان إلى سجل حديث».

وفي أنحاء متفرقة من صفحات الكتاب، ذكر كومي أن الكذب يعتبر جزءاً لا يتجزأ من طبيعة ترامب: «لقد اكتشفت - على مر السنين - كيف ينسج الكذابون الكذبة بهذا الشكل، إنهم يفقدون القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خلاف ذلك». ويتوجه إلى الأميركيين، محذراً: «إننا نمر بوقت خطير في بلدنا، مع ظهور بيئة سياسية يتصارع فيها الناس للحصول على الحقائق الأساسية، حيث أصبحت الحقيقة الأساسية موضع تساؤل، وأصبح الكذب أمراً طبيعياً، ويتم التغاضي عن السلوك غير الأخلاقي، ويحصل صاحبه على مبرر أو مكافأة».

وتشير مذكرات كومي إلى أن ترامب يتميز بتفكير مشتت، وينتابه هاجس ذاتي، يتوجس خيفة من مرؤوسيه ومن التسريبات، ويرتاب حتى في حملته الانتخابية، وحجم الحضور في حفل تنصيبه، ولا يقدّر أو يهتم بالحدود البروتوكولية التي تفصل البيت الأبيض عن وزارة العدل. وعلاوة على ذلك، فإن المحادثة المنفردة التي جرت بينه وبين كومي، بعد وقت قصير من انتقاله إلى البيت الأبيض، ترسم صورة لرئيس جديد، مهتم أكثر بحظوظه الخاصة أكثر من عبء مسؤولياته الجديدة.

وتفاعل ترامب مع إصدار المذكرات على «تويتر»، في محاولة واضحة لتوجيه المحادثة بعيداً عن مضمون الوثائق المحرج. وأطلق ترامب، يوم الجمعة قبل الماضي، تغريدة ينتقد فيها مذكرات كومي: «هكذا يمكن تدمير حياة الجنرال مايكل فلين تدميراً كاملاً، في حين أن جيمس كومي يستطيع أن يتدخل، ويكسب الكثير من المال من كتاب من الدرجة الثالثة. هل هذه حقاً هي طريقة العمل في أميركا؟ لا أعتقد ذلك». لكنه قبل ذلك بساعات، أصر على أن المذكرات يمكن أن «تصدر دون عائق، أو تعطيل».

تويتر