الحكومة الإسرائيلية وجمعيات استيطانية تكثف أعمالها جنوب الأقصى تحضيراً لمشروع «الهيكل»

القصور الأموية.. تاريخ عريق يواجه أخطر عمليات الحفريات والتهويد

صورة

تشهد منطقة جنوب المسجد الأقصى، في مدينة القدس المحتلة، عمليات حفريات خطيرة مكثفة، في منطقة القصور الأموية الواقعة في هذه الجهة، بالإضافة إلى أعمال تهويد، لتغيير معالمها العربية والإسلامية، وسرقة آثارها وحجارتها التاريخية العريقة، وذلك في إطار مساعي إسرائيل لفرض روايتها التلمودية، وللتحضير لتنفيذ مشروع إقامة «الهيكل»..

القصور الأموية بنيت منذ 1400 عام،

في الفتح الإسلامي المبكر كدار للإمارة،

وقصور للخلفاء المسلمين، ومؤسسات إسلامية

لإدارة شؤون القدس والمسجد الأقصى.

وتأتي العمليات الجديدة، التي تتم منذ 20 يوماً، في إطار الحفريات الإسرائيلية التي تتم منذ سنوات طويلة في منطقة القصور الأموية، والتي تضم آثاراً رومانية ويونانية وإسلامية، لتتصاعد وتيرتها في الوقت الراهن، بهدف تدمير ما تبقى من معالم وآثار فيها، وتحويلها بالكامل إلى مرافق للهيكل، ولمسارات تلمودية.

وكانت القصور الأموية قد بنيت منذ 1400 عام في الفتح الإسلامي المبكر كدار للإمارة، وقصور للخلفاء المسلمين، ومؤسسات إسلامية لإدارة شؤون القدس والمسجد الأقصى، فيما تزعم المنظمات الاستيطانية أن القصور مبنية في منطقة ما يسمى «الحوض المقدس» التابع للهيكل، فيما تسمي إسرائيل هذه المنطقة - الممتدة من الطرف الجنوبي الغربي إلى الطرف الجنوبي الشرقي للمسجد الأقصى - «مركز دافيدسون»، حيث تضم متحفاً يهودياً يروّج بناء الهيكل.

وتدار منطقة القصور الأموية من قبل شركة إسرائيلية حكومية هي «شركة تطوير شرقي القدس»، إلا أن هذه الشركة نقلت حقها في إدارة الموقع عام 2014 إلى شركة حكومية أخرى هي «شركة تطوير الحي اليهودي»، التي بدورها أوكلت ، العام الماضي 2017، لجمعية إلعاد الاستيطانية، وهي جمعية غير حكومية مشهورة بنشاطها الاستيطاني في القدس عموماً وحي سلوان خصوصاً، مهمة إدارة القصور الأموية، التي تضم آثاراً رومانية وإسلامية ويونانية.

وكان وزير القدس والتراث اليهودي، زئيف إلكاين، ورئيس بلدية القدس نير بركات، قد افتتحا في فبراير 2017، مساراً جديداً أطلق عليه اسم «مطاهر الهيكل» في المنطقة، استكمالاً لمشروع تهويد وطمس ما تبقى من معالم في القدس.

عمليات مستمرة

يؤكد أستاذ التاريخ والمختص بشؤون القدس، جمال عمرو، لـ«الإمارات اليوم»، أن عمليات الحفريات في منطقة القصور الأموية وصلت إلى عشرات الأمتار في الأعماق، وتحت القواعد، وتم من خلالها تدمير وتغيير المشهد الحضاري العربي في القدس.

يقول عمرو: «إن إسرائيل تنفذ خطة تهويدية خطيرة ضد القدس والأقصى، تهدف إلى تغيير الطابع التاريخي العريق للمدينة، واستحداث تاريخ عبري، وفرض روايتها التلمودية».

ويضيف: «عمليات الحفريات في القصور الأموية مستمرة، بتمويل ودعم من الحكومة الإسرائيلية، وجمعية إلعاد الاستيطانية، والتي تتخللها عمليات تدمير وسرقة لآثار عربية عريقة، في محاولة لاستحداث آثار يهودية تتبع الهيكل».

ويشير الباحث في شؤون القدس إلى أن أخطر ما يحدث في مدينة القدس، هو إنشاء مدينة أسفل مدينة، وحفر أنفاق أسفل المدينة والمسجد الأقصى، بالإضافة إلى الروايات الإسرائيلية بأن الآثار العربية والإسلامية بالمدينة هي يهودية.

وأنهت إسرائيل أعمال تحويل منطقة القصور الأموية إلى حديقة تلمودية، بهدف تقديم التاريخ وفق الرواية التوراتية الإسرائيلية.

تزييف الحقائق

من جهته، يقول رئيس قسم المخطوطات والتراث في المسجد، ناجح بكيرات، إن «سلطة الآثار الإسرائيلية تجري عمليات حفر جديدة، وسرقة للآثار الإسلامية في منطقة القصور الأموية، بالتعاون مع شركة تطوير الحي اليهودي، ووزارة الأديان الإسرائيلية والجامعة العبرية، حيث تتم أعمال حفريات في الجزء الجنوبي الشرقي للأقصى بمحاذاة المصلى المرواني، حيث يتم استخراج أتربة وحجارة أثرية إسلامية من المنطقة».

ويضيف «القوات الإسرائيلية أقدمت على سرقة الحجارة الأثرية الموجودة بالمنطقة، ونقلها إلى مناطق نائية بحجة أنها حجارة تابعة للهيكل، كما وضعت لافتات تهويدية، ونصبت جسوراً ومعابر حديدية ومظلات ومعرشات».

ويوضح بكيرات، في حديثه لـ«الإمارات اليوم»، أن الهدف من عمليات الحفريات هذه، هو تغييب وطمس الآثار والمعالم الإسلامية الأموية وتزييف الحقائق والتاريخ، والعمل على تهويد المنطقة بشكل كامل، تمهيداً لإقامة الهيكل.

ويشير بكيرات إلى أن أذرع الحكومة الإسرائيلية تعمل على تأهيل المنطقة، وتهويدها بالكامل، بحيث تتم تهيئة ذلك المكان للزيارات السياحية، ولإعداد الحفلات الدينية اليهودية، ولأغراض تخدم مشروع إقامة الهيكل، مضيفاً «شاهدنا بعض اليهود يؤدون صلوات تلمودية، عند الجهة الجنوبية للمنطقة».

ويقول بكيرات إن «القصور الأموية تشهد تغييراً واضحاً وخطيراً للغاية، بهدف التحضير لمشروع الهيكل، فالعمل يتم بشكل مباشر، لتكون هذه المنطقة مهيأة للمتطرفين اليهود، وجاهزة لتحقيق مشروعهم فيها».ويشدد على أن عمليات الحفريات، التي تجري في المنطقة، تشكل خطراً كبيراً على المسجد الأقصى، الذي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى السيطرة عليه بالكامل.

تويتر