بعد أن خلا المكان من سيطرة «داعش»

الميليشيات المدعومة من إيران تستهدف القوات الأميركية في سورية

صورة

مع تراجع سطوة تنظيم «داعش» الإرهابي، والثوار المناهضين للنظام السوري، توجه الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في سورية اهتمامها نحو القوات الأميركية الموجودة على الأرض. ويعتقد المسؤولون العسكريون الغربيون والمحللون المستقلون، منذ فترة طويلة، أنها مسألة وقت فقط لكي تستهدف هذه الجماعات القوات الأميركية في سورية. الآن، يمكن للغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة، في نهاية الأسبوع، على المنشآت المزعومة للأسلحة الكيماوية تسريع هذه الهجمات.

ويعتقد الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فيليب سميث، أن الميليشيات «كثيراً ما تردد هذه النغمة المعادية للولايات المتحدة، لكن عندما يكون هناك تهديد تلو الآخر، فإنها تحاول إرسال رسالة محددة». هذا الشهر، أعلن لواء الباقر، وهو إحدى الميليشيات المدعومة من إيران والعاملة في سورية، على صفحته على «فيس بوك»، أنه سيبدأ الهجمات على الأفراد العسكريين الأميركيين. وتقول هذه الميليشيات، في بيان لها بتاريخ 6 أبريل، نشرته وسائل إعلام عدة: «نحن في قيادة لواء الباقر نعلن الخبر السار عن قرب إطلاق العمليات العسكرية والجهادية، ضد المحتل الأميركي، وجميع توابعه في سورية».

عداء يتخطى الوضع الطبيعي

وفي تقرير نُشر الأسبوع الماضي، روى سميث ازدياد عداء الميليشيات تجاه القوات الأميركية في شمال سورية، والذي يتخطى الحد الطبيعي. وأشار إلى أن إعلان لواء الباقر تجاوز حده في بيانه للدعوة إلى «الجهاد»، أو «الحرب المقدسة»، فالجماعة نفسها لا تستطيع أن تعلن الجهاد، ويجب أن يأتي ذلك من أعلى مرجعية إيرانية، كما يقول.

ويقول المحلل العسكري في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، نوار أوليفر، وهو مركز أبحاث في إسطنبول، إن إعلان لواء الباقر كان «شيئاً كبيراً»، ويمضي قائلاً «هذا الإعلان ليس مزحة، وسنرى في نهاية الأمر أفعالاً».

الغارات الجوية المحدودة، التي حدثت يوم الجمعة، دمرت بعض المواقع، والتي يقول مسؤولون غربيون إنها تنتج وتوزع أسلحة كيماوية، يتم استخدامها ضد المدنيين في مواقع الثوار، بما في ذلك مدينة دوما في 7 أبريل، لكن يبدو أن الضربات الجوية أيضاً حفزت أنصار الرئيس السوري، بشار الأسد، الذين تدفقوا إلى الشوارع في تظاهرات مؤيدة للنظام. ويقول زعيم «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، في خطاب له يوم الأحد «ما حدث صباح يوم السبت سيعقد الحل السياسي»، ويمضي قائلاً «سوف تلهب العلاقات الدولية.. وستؤجل محادثات جنيف إن لم تدمرها». وصارت الجماعات المسلحة في سورية، التي لها صلات مباشرة أو مشبوهة مع طهران، تتحدث على نحو متزايد عن نيتها استهداف القوات الأميركية في سورية، ومعظمها يتمركز في شمال البلاد وشمالها الشرقي. لقد حولت الميليشيات الموالية لإيران في الآونة الأخيرة في المنطقة اهتمامها من محاربة تنظيم «داعش» إلى محاربة واشنطن وحلفائها.

وتقول الباحثة في «تشاتام هاوس» في العراق، ريناد منصور، التي تحدثت مع قادة وأعضاء الميليشيات الموالية لإيران «بعد المعركة ضد تنظيم (داعش)، فإن هذه الميليشيات تقول الآن (نحن رقم 1 ضد أميركا، وكل شيء آخر هو رقم 2)»، وتسترسل «من الناحية الخطابية، فإنهم يشيرون إلى أن الأميركيين هم أعداؤهم، وإذا اشتد الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، فإن هؤلاء هم عملاء إيران على الأرض».

وبعد ساعات قليلة من الهجوم الأميركي على مواقع كيماوية مزعومة في سورية، حاصر مئات من مقاتلي الميليشيات المدعومين من إيران قاعدة جوية أميركية غرب بغداد، متحدين أوامر القادة العسكريين في المدينة، وفقاً لصحيفة الديار اللبنانية. ورفض المسؤولون العسكريون الأميركيون تأكيد أو نفي الحادث، لكنهم حذروا من أن جميع القوات العراقية، بما في ذلك الميليشيات، يجب أن تنصاع لأوامر الحكومة المركزية. ويقول أحد مصادر الجيش الأميركي، رداً على سؤال بالبريد الإلكتروني عن ذلك «قوات التحالف تحافظ على حق الدفاع عن نفسها، وشركائنا العراقيين، ضد أي تهديد».

وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، استهدفت الميليشيات الشيعية التي نظمتها قوات الحرس الثوري الإيراني القوات الأميركية، باستخدام قنابل خارقة للدروع على جانب الطريق وهاجمت الدوريات الأميركية، وأطلقت قذائف الهاون والصواريخ على قواعد أميركية. وفي سورية تتمركز القوات الأميركية في قواعد نائية، تتخذ من طرق صحراوية رملية خطوط إمداد لها، وقد تكون في وضع ضعيف بشكل خاص.

ويبلغ تعداد القوات العسكرية الأميركية في شمال سورية نحو 2000 من قوات الجيش والبحرية وقوات العمليات الخاصة، إلى جانب أعداد أقل من المملكة المتحدة وموظفين فرنسيين. بالإضافة إلى ذلك، هناك ما لا يقل عن 5500 متعاقد مع وزارة الدفاع، نصفهم من مواطني الولايات المتحدة، منتشرون في جميع أنحاء سورية والعراق، وفقاً لتقرير أصدرته القيادة المركزية الأميركية هذا الشهر.

المحافظات الشرقية

وتميل أكثر الميليشيات المناوئة لأميركا بشكل صارخ إلى التركيز على المحافظات الشرقية، التي تحصل فيها على مجندين من القبائل السنية الموالية للأسد، وكذلك من الأقلية الشيعية الصغيرة في سورية. وتبدو القوات السورية تحت القيادة المباشرة لنظام الأسد حذرة في الاحتكاك مع الأميركيين، لكن الميليشيات المدعومة من إيران تشابكت مراراً مع القوات الأميركية في البلاد.

إحدى الميليشيات الموالية للنظام، وهي المقاومة الشعبية في المنطقة الشرقية، وزعت شريط فيديو هذا الشهر، مدعية أنها تعرضت لهجوم بقذائف الهاون من قاعدة أميركية في بلدة عين عيسى السورية، شمال الرقة. وأعلنت المجموعة أنها ستهاجم القوات الأميركية والميليشيات الكردية المتحالفة معها.

وفي الأيام الأخيرة، أشارت القيادة الإيرانية أيضاً إلى أن الوقت قد حان للإسراع في رحيل أميركا عن سورية. وقبل ساعات من شن الولايات المتحدة غاراتها الجوية، ظهر مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، على شاشات التلفزيون الحكومي أثناء زيارة له لسورية، وصرح بأن «الأميركيين أضعف من أن يظلوا في شرق الفرات». ويقول ولايتي إنه بعد انتصار الحكومة السورية على الثوار في الغوطة الشرقية، حيث وقع الهجوم الكيماوي الأخير المزعوم، فإن الأميركيين سيضطرون في النهاية إلى المغادرة.

 

يبلغ تعداد القوات العسكرية الأميركية

في شمال سورية نحو 2000 من قوات

الجيش والبحرية وقوات العمليات الخاصة،

إلى جانب أعداد أقل من المملكة المتحدة،

وموظفين فرنسيين.

تويتر