الصين تفرض شروطها وتغير استراتيجيتها

التناغم بين روسيا والصين سطحي تحكمه المصالح المتضاربة

صورة

فيما أصبح الرئيس فلاديمير بوتين هو الزعيم الروسي الأطول خدمة منذ ستالين، يميل الركود الاقتصادي والسياسي في البلاد أكثر فأكثر إلى عهد برجنيف، ولا يمكن للنظام السياسي لبوتين أن ينجو من الضغوط التي تفرضها الإصلاحات الرئيسة اللازمة لتحسين الاقتصاد، ما يخلق تبعية عميقة في السياسة الخارجية بكل أشكالها لضمان الشرعية، والأهم من ذلك، المال. في المقابل، يشدد نظيره الصيني، شي جين بينغ، سيطرته على الدولة والسياسة، وتشكل هذه الديناميكية مشكلات لعلاقة الكرملين الأكثر أهمية مع قوة غير غربية.

تقوم الصين بإعادة تنظيم عدد من هياكلها السياسية والتجارية التي تدير أو تؤثر في مفاوضات الصفقات كما يضطر بوتين إلى تجديد السياسة والنخب التكنوقراطية التي يحيط نفسه بها للحفاظ على السلطة.

إن الحديث عن العلاقة الشخصية الوثيقة بين بوتين وبينغ هو إلى حد بعيد مسألة علاقات عامة، في وقت تحتاج فيه روسيا إلى الصين. التصريحات الإيجابية لا تفعل الكثير لإخفاء الصعوبة التي يواجهها كلا الجانبين في التوصل إلى اتفاقيات اقتصادية حقيقية، بشكل خاص.

وتشير التطورات الأخيرة في علاقات الطاقة بين الدولتين، والنفوذ المتغير بين صناع القرار في الكرملين والمقربين منه، إلى أن العلاقات مع بكين ستظل دافئة، أكثر من أي وقت مضى، على السطح، ولكن من الصعب إدارة الخلاف السياسي الداخلي بين الدولتين.

وبالنظر إلى الطابع الشخصي المفرط لمجتمع صناعة السياسات في روسيا، فإن الفجوات المؤسسية في المعرفة تفرض مخاطر جسيمة. وتعاني النخبة الروسية مما وصفه ألكسندر غابوييف، من جامعة كارنيغي، في موسكو، بأنها «أمية شبه كاملة» في ما يتعلق بالصين. وبرزت شركة النفط الحكومية العملاقة «روسنفت» كسلطة واقعية لكثير من سياسة موسكو تجاه الصين، بسبب أهميتها في تمويل ميزانية الكرملين، لكن الشركة وتأثير سياستها على رئيسها التنفيذي، إيجور سيتشين، قد واجهت عقبة كبيرة أخيراً بأخبار حول شريكها الصيني الرئيس، إضافة إلى التحول في المشهد المؤسسي للصين.

قررت الصين، أخيراً، عدم تقديم قروض جديدة لحكومة نيكولاس مادورو في فنزويلا، وقد تنافست شركتا النفط الروسية والصينية من أجل السيطرة على الإنتاج في هذا البلد، لتشكيل موطئ قدم في منطقة الكاريبي. ومنحت «روسنفت» 6.5 مليارات دولار قروضاً لمصلحة كاراكاس، رغم أنها تدعي أن نصف المبلغ قد سدد، لكن من دون المزيد من القروض من الصين، ستذهب موسكو وشركتها النفطية لمنع الانهيار الكامل لنظام مادورو، عندما يحتاج إلى المزيد من التمويل. وبذلك، فإن بكين تضعهم في خانة الالتزامات التي ستتكلف مليارات الدولارات، وهي مبالغ يجب صرفها في أماكن أخرى.

وستؤثر التوجهات بعد الانتخابات داخل الجهاز السياسي الفوضوي، في الكرملين، بشدة على العلاقات الصينية الروسية. إن نقل مراكز القوى بين موظفي ومستخدمي الكرملين سيخلق بيئة سياسية تزداد تحدياً لمصالح «روسنفت» وروسيا، وفي بعض الحالات، الصين أيضاً.

وتقوم الصين حالياً بإعادة تنظيم العديد من هياكلها السياسية والتجارية التي تدير أو تؤثر في المفاوضات الخاصة بالصفقات، كما يضطر بوتين إلى تجديد وتحديث السياسة والنخب التكنوقراطية التي يحيط نفسه بها للحفاظ على السلطة، وهذه العملية ستؤذي على الدوام شركات روسيا. في المقابل، ستستمر تكاليف المواجهة بين روسيا والغرب في الارتفاع، مع فرض عقوبات مستمرة، وطرد الدبلوماسيين الروس من دول غربية عدة، وتزايد الاستياء من سوء إدارة البلاد.

على الرغم من أن وزير المالية السابق، أليكسي كودرين، أعطى الكرملين مدة عامين لإطلاق إصلاحات كبيرة، إلا أن سياسة الموارد البشرية في قطاع النفط لا توحي بأي تطور كبير في المستقبل القريب.

تويتر