خلافاً لواشنطن التي خفّضت الإنفاق على وزارة الخارجية

بكين تعزّز ذراعها الدبلوماسية لتحقيق رؤية 2049

ترامب والرئيس الصيني لديهما رؤيتان مختلفتان. أرشيفية

برزت الدبلوماسية الصينية كركيزة قوية في مؤتمر الشعب الوطني لهذا العام. وخرجت الصين من مؤتمرها الوطني بخمسة مسؤولين كبار، على الأقل، عن السياسة الخارجية للبلاد. أما وزارة الشؤون الخارجية التي لقيت في السابق تهميشاً كبيراً، فقد شهدت زيادة في الميزانية وتغييرات قيادية وإصلاحات هيكلية. وستكون وكالة الدولة للتنمية الدولية، المنشأة حديثاً، مسؤولة عن تنسيق ميزانية الصين المتنامية للمساعدات الخارجية.

من خلال الاستفادة من الفراغ الذي تركته واشنطن، تبدو بكين مصمّمة على إنفاق المزيد على بصمتها العالمية.


ستكون السياسة

الخارجية لبكين مستقبلاً

في أيدي

دبلوماسيين صينيين

أكثر خبرة وتأثيراً.

وتعكس كل هذه التغييرات الأولوية العالية التي يعطيها الرئيس شي جين بينغ للسياسة الخارجية كجزء من رؤيته لتحويل الصين إلى قوة عالمية بحلول عام 2049، الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الشعبية. من أجل الدفاع عن مصالح الصين في الخارج ودفع مبادرة «الحزام والطريق» إلى الأمام دون التسبب في صراعات كبيرة، تحتاج الصين إلى سياسة خارجية ودبلوماسية أكثر فاعلية وكفاءة. وتأتي الإصلاحات أيضاً في وقت ترى فيه الصين فرصة لتوسيع حضورها العالمي وتأثيرها، حيث تتراجع الولايات المتحدة عن بعض أنشطتها والتزاماتها الدولية.

ستكون السياسة الخارجية لبكين في أيدي دبلوماسيين صينيين أكثر خبرة وتأثيراً. وقد احتفظ وزير الخارجية، وانغ يي، بمنصبه، ولكن تمت ترقيته أيضاً خلال هذا المؤتمر إلى منصب عضو مجلس الدولة، مسؤولاً عن الشؤون الخارجية. إنه تعزيز مهم لسلطته، إذ إن عضواً في مجلس الدولة يتفوق على وزير الشؤون الخارجية. وتعزيز سلطة وانغ يي يمكن أن يؤدي إلى عملية أكثر كفاءة لصنع القرار في السياسة الخارجية.

من خلال الاستفادة من الفراغ الذي تركته واشنطن، تبدو بكين مصممة على إنفاق المزيد على بصمتها العالمية. وعلى الرغم من أن ميزانية الشؤون الخارجية لاتزال منخفضة للغاية مقارنة بميزانية الدفاع الصينية، فإن ميزانية عام 2018 للعمل الدبلوماسي، تمثل زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة.

تصعب مقارنة ميزانيات الشؤون الخارجية للولايات المتحدة والصين، خصوصاً بسبب عدم وجود ميزانية صينية وممارسات محاسبية مختلفة. ما هو واضح، هو أنه في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بخفض تصنيف وزارة الخارجية الأميركية، فإن الصين تمنح سلطات أكثر بكثير لدبلوماسييها. إن ميزانية 9.5 مليارات دولار، وزيادة بنسبة 15.6% على ميزانية عام 2017، وزيادة بنحو 40% على ميزانية عام 2013، أول دعم تقترحه إدارة شي الجديدة، يتناقض مع طلب ميزانية الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعام 2018 البالغ 28.2 مليار دولار أميركي لوزارة الخارجية والبرامج الدولية الأخرى، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 29.1% عن عام 2017.

في خطوة أخرى لتنظيم فاعلية جهاز السياسة الخارجية، أفادت التقارير أن بكين بدأت إصلاحات هيكلية ستمنح وزارة الخارجية سلطة أكبر على قرارات موظفي السفارة. وفي حال تنفيذها، سيكون ذلك بمثابة فوز كبير للدبلوماسيين الصينيين، حيث إن الوزارة لم يكن لديها، حتى عهد قريب، أي سيطرة على الموظفين الموجودين في السفارات الصينية من وزارات أو هيئات أخرى. كما أن حقيقة قيام الصين بتأسيس مؤسسة لها مهمة محددة بمراقبة وتوزيع الأموال لبرامج المساعدات الدولية، تؤكد الأهمية البالغة التي توليها قيادة شي لتعزيز مصالحها الأمنية العالمية من خلال الوسائل الاقتصادية.

ويشير إصلاح جهاز السياسة الخارجية الصيني، الذي سينتج هيكلاً دبلوماسياً أكثر قوة وتماسكاً، إلى أننا سنرى قيادة صينية تواصل الضغط من أجل أولويات السياسة الخارجية للرئيس، وهدفه هو تحويل الصين إلى قوة عالمية بحلول عام 2049. وفي السنوات الخمس المقبلة، ستصبح الصين حاضرة أكثر وأكثر في الخارج، سواء من خلال المبادرات الدبلوماسية أو المال.

هيلينا ليجاردا :  باحثة متخصصة في السياسات الخارجية والأمنية للصين.

 

تويتر