إسرائيل تمنع إقامة محطات تنقية.. وترفض فحص خطوط المياه العادمة في معسكر عوفر

وادي بيت عور.. مكرهة صحية بسبب «مجاري» المستوطنات

صورة

أربعة كيلومترات من الطرق المدمرة والوعرة، يقطعها الزائر للوصول إلى قرية بيت عور، ليصدمه مشهد على عكس ما توقع، إذ يشاهد نهراً من المياه العادمة حل مكان عين المياه ووادي بيت عور المشهور بوادي جريوت، فيما باتت الأشجار اليانعة الخضراء قاحلة متيبسة.

• حالة التلوث هذه أدت إلى انتشار الخنازير والحيوانات الضالة والأفاعي والقوارض على ضفتي الوادي، وبين المساحات التي كانت في السابق خضراء.

فبعد أن كان وادي جريوت محمية طبيعية في السابق، ومتنزهاً يعج بالوافدين من مختلف مناطق الضفة الغربية، بات اليوم مكاناً قاحلاً بلا ضجيج، لما فيه من مياه عادمة، ومكاره صحية وبيئية، وبعوض وحيوانات ضالة.

ويعود السبب في حدوث هذه المكاره البيئية والصحية والزراعية، إلى مستوطنتي «جفعات زئيف» و«بيت حورون» الجاثمتين على أراضي القرية، ومعسكر عوفر العسكري، إذ تتسرب مخلفاتها من المياه العادمة لتختلط بعيون الماء في الوادي.

مأساة الأهالي والمزارعين

«الإمارات اليوم» زارت قرية بيت عور، الواقعة في الجهة الغربية لمدينة رام الله، والتي تبلغ مساحتها الكلية 4600 دونم، إذ وثقت مشاهد التلوث الذي تفوح رائحته فور الاقتراب من الوادي، فيما يتطاير حولك من كل مكان البعوض والقوارض، ولا يمكن للزائر المكوث كثيراً في أحضان تلك المكرهة الصحية.

وللحديث عن ذلك تقول أم موفق جاد الله، منسقة المركز النسوي في قرية بيت عور، إن «وادي جريوت هو أجمل ما يميز القرية، لما فيه من طبيعة غناء وأشجار خضراء، ويعد قطعة من حياة وذكريات الأهالي، إذ ارتبط بكل تفاصيل حياتنا اليومية، فكانت النسوة يغسلن الثياب في فصل الشتاء بمياه الوادي، وعلى حشائشه المظللة بالأشجار المثمرة يتناولن الغداء مع أطفالهن وأزواجهن، فيما كانت الفتيات يسبحن في تجمع مائي مخصص لهن، كان اسمه (جورة البنات)، بينما يتخذ الرجال مكاناً آخر بعيداً كمغطس لهم».

وتضيف «هذه المشاهد باتت جزءاً من الماضي يصعب أن تعود، فخلال السنوات الثماني الأخيرة أصبح الوادي مكرهة صحية، إذ بدأت تتغير معالمه، بفعل تدفق مياه رائحتها كريهة ولونها عكر من المستوطنات ومعسكر عوفر العسكري، وبفعل ذلك غزت تلك المنطقة أنواع جديدة من الحشرات، منها البعوض الآسيوي المرقط، كما نمت أعشاب طفيلية دخيلة، وذبلت الأشجار التي كانت تمتد على ضفاف الوادي».

وتشير إلى أن حالة التلوث هذه أدت إلى انتشار الخنازير، والحيوانات الضالة، والأفاعي، والقوارض، على ضفتي الوادي، وبين المساحات التي كانت في السابق خضراء.

ولم تقتصر معاناة أهالي بيت عور على ذلك فحسب، إذ تسببت المياه العادمة في كارثة زراعية للمزارعين بقرية بيت عور، إذ حرمتهم الوصول إلى أراضيهم، وأتلفت محاصيلهم الزراعية.

وعن ذلك يقول سهيل عثمان، أحد مزارعي قرية بيت عور، إن «المياه العادمة تتجمع في برك بالوادي المحاذي لمنازلنا وأراضينا، والتي قسمت الوادي إلى قسمين، وبات من الصعب على المزارعين اجتيازها، للوصول إلى الجانب الآخر من أراضيهم لزرع محاصيلهم وجنيها، خصوصاً أشجار الزيتون الموجودة بكثرة، ومحاذية للوادي مباشرة».

ويشير إلى أن التربة داخل قرية بيت عور وأراضيها الزراعية، أصيبت بتلف وأضرار كبيرة، نتيجة تسرب المياه العادمة إليها على مدار السنوات الماضية، لافتاً إلى أن ذلك أسهم في إتلاف المحاصيل الزراعية.

رفض إسرائيلي

من جانبه، يقول عضو مجلس قروي بيت عور، عبد أبوعلبة، إن «هذه المشكلة لم تكن موجودة قبل إنشاء سلطة المياه وبلدية رام الله، وبموافقة الجانب الإسرائيلي، مشروعاً لتصريف مياه رام الله العادمة باتجاه بير نبالا والجيب، للوصول إلى مدينة القدس الغربية، حيث محطة سوريكا لتحلية المياه العادمة، لكن شركة ديفون الإسرائيلية، مشغلة تلك المحطة، طالبت السلطة الوطنية قبل سنوات عدة بمبالغ مالية تقدر بـ100 مليون شيكل، مقابل القيام بتحلية المياه الفلسطينية».

ويضيف «بعد رفض الجانب الفلسطيني دفع مبالغ كهذه، دون الحصول على أرقام وتقارير حول كميات المياه العادمة المحللة، حولت إسرائيل خط مسار المياه العادمة إلى جهة الغرب باتجاه بيتونيا وبيت عور، ومنذ ذلك الوقت والقرية تغرق في المياه العادمة».

من جهة أخرى، يؤكد رئيس قسم الصرف الصحي في بلدية رام الله، خالد غزال، أن مستوطنتي «جفعات زئيف» و«بيت حورون»، ومعسكر عوفر، كانت سبباً رئيساً في ما حل بالمنطقة من كوارث وتلوث، فكل مخلفات المياه العادمة لتلك الأماكن تتسرب كاملة إلى الوادي، وتختلط مع مياهه العذبة.

يقول غزال إن «الاحتلال يدعي أن المياه العادمة قادمة من منازل الفلسطينيين في مدينة رام الله، لكن إمكانات وقدرة محطة مجارينا القديمة في رام الله لا يمكنها تسريب المياه إلى بيت عور، كما أن مياهها ليست مجاري 100% كما في بيت عور، التي تغرق في المجاري طوال الوقت، وهذا دليل على أن مياهاً عادمة دخيلة من مستوطنتي (حورون)، و(جفعات زئيف)، ومعسكر عوفر، تختلط مع مياه رام الله، فتزيد الطين بلة».

ويبين أن مشكلة المياه العادمة في بيت عور، من خلال التوثيق الزماني، عمرها ثماني سنوات، فمنذ عام 1996 لم تشهد المنطقة تدفق مياه إلى الوادي سوى مياه الأمطار، لافتاً إلى أنه منذ عام 2010، تتسرب المياه العادمة من المستوطنات في رام الله.

وبحسب غزال، لا توجد محطة تحلية مياه رئيسة في منطقة بيت عور، وفيما تحاول البلدية مد خطوط من محطة التحلية في رام الله إلى بيت عور، يرفض الاحتلال ذلك، مضيفاً «تواصلنا مع الارتباط الإسرائيلي في هذا الشأن، لزيارة منطقة معسكر عوفر، وفحص صمامات المياه هناك لمنع تدفق المياه العادمة ومد خط التحلية، لكنهم لا يتجاوبون معنا، ويرفضون بذريعة أن المنطقة أمنية».

تويتر