مبررات دامغة تستدعي نقل قاعدة العيديد الأميركية خارج قطر

هل من المعقول وضع قاعدة جوية أميركية، مع كامل معداتها التقنية وطاقمها في بلد معادٍ متحالف مع إيران؟ هذا هو المعضل الذي تسعى واشنطن لمعالجته اليوم بشأن قاعدة العيديد الجوية الأميركية في قطر. وفي وقت سابق من هذا العام، صرح وزير الدفاع السابق، روبرت غيتس، بأن قاعدة العيديد ينبغي نقلها من قطر. ويوافق مسؤولون آخرون أيضاً على هذه التعليقات.

ويرى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي ينتقد قطر ويؤيد علناً الحملة التي تقودها ضدها السعودية، إن نقل قاعدة العيديد لن يشكل عقبة كبيرة. وكان ترامب يرد على سؤال حول تأثير الأزمة الخليجية في قاعدة العديد، خلال مقابلة له مع شبكة كريستيان برودكاستنغ، بثت يوم 12 يوليو 2017. وأضاف «إذا كنا قد قررنا أكثر من أي وقت مضى، أن نترك قاعدة العيديد، فإن لدينا 10 دول على استعداد لبناء واحدة أخرى لنا، صدقوني، وسوف تدفع تلك الدول كلفة ذلك». البلدان التي يقصدها الرئيس تعتقد أن إيران يجب أن يتم إيقافها عند حدها.


- هناك فروع أخرى من الجيش الأميركي نشطة في قطر، بما في ذلك قوة «سيل» البحرية، كما تستخدم المرفق نفسه القوات الملكية الجوية البريطانية، ويعتبر معسكر السيلية المرفق العسكري الذي تستخدمه القوات الأميركية للإمدادات اللوجستية.

- تعد هذه القاعدة أيضاً مقراً للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية، التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية، إضافة إلى عدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، وتشتمل على مدرج للطائرات يعد من أطول الممرات في العالم.

ويبدو أن وقوع مواجهة عسكرية حقيقية مع إيران يصبح أكثر احتمالاً، وفقاً لما جاء في خطاب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، في معهد أميركان إنتربرايز. ويقول وزير الخارجية الأميركي المقبل إن إيران ليست ملتزمة بالخطة المشتركة الشاملة، أو بالأحرى الاتفاق النووي الذي وقعته مع القوى العظمى.

إذا حدث أن اندلع صدام بين واشنطن وطهران، فإن الدور المحتمل لقطر في مثل هذا السيناريو يثير العديد من المسائل حول سلامة وأمن العمليات الجوية المنطلقة من قاعدة العيديد، وأيضاً أمن العيديد من طاقم القاعدة. ومن المؤكد أن تستطيع إيران التسلل للعبث بالمصالح الأميركية، وهذا احتمال حقيقي ويأتي ضمن السيناريوهات المحتملة للعمليات التخريبية، التي يقوم بها وكلاء طهران في المنطقة.

وبما أن قطر قد اختارت طريقها مع إيران، من خلال الطاقة والاقتصاد والأمن، فإن ذلك يدعو مخططي الحرب إلى أن يضعوا في اعتبارهم وضع الترتيبات لنقل القاعدة وبسرعة إلى دولة مضيفة أخرى.

وتتخذ أميركا أيضاً من الأراضي القطرية قاعدة عمليات متقدمة للقيادة المركزية الأميركية. ومع ذلك، ليست «القيادة المركزية الأميركية» هي المؤسسة الوحيدة للولايات المتحدة في العيديد القطرية المترامية الأطراف، والتي تتميز بمدارج نشطة قادرة على استيعاب طائرات أميركية من أي حجم.

وبالإضافة إلى استضافتها القوات القطرية، تعتبر هذه القاعدة أيضاً مقراً للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية، التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية، إضافة إلى عدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري، وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، وتشتمل على مدرج للطائرات يعد من أطول الممرات في العالم، واستعدادات لاستقبال أكثر من 100 طائرة على الأرض، ما جعل بعض العسكريين يصنفونها كأكبر مخزن استراتيجي للأسلحة الأميركية في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، فإنها تعتبر مقر العمليات الأمامية لقيادة العمليات المركزية الخاصة، والقيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية.

هناك فروع أخرى من الجيش الأميركي نشطة في قطر، بما في ذلك قوة «سيل» البحرية. كما تستخدم المرفق نفسه القوات الملكية الجوية البريطانية، ويعتبر معسكر السيلية المرفق العسكري الذي تستخدمه القوات الأميركية للإمدادات اللوجستية، بما في ذلك معدات للواء الدروع الأميركي. هذه القاعدة، التي أنشأها مقاولون فرنسيون منذ أكثر من 10 سنوات، هي واحدة من عدد قليل من القواعد الجوية الأميركية الموجودة خارج أراضي الولايات المتحدة، التي تؤوي قاذفات القنابل B-52، وهي أكبر طائرات حربية أميركية على الإطلاق، والتي لا يمكن أن تهبط إلا في مدارج طويلة. ويمكن نقل هذه المرافق من قطر على أوقات متفاوتة.

في حين أن قاعدة العيديد هي مقر للعمليات العسكرية والجوية الأميركية في العراق وسورية وأفغانستان، فقد حان الوقت لأميركا الآن للتخلي عن اعتمادها على قطر كمركز اهتمام أميركي، لأن علاقات الدوحة مع إيران أصبحت واضحة بشكل متزايد، وتعتبر الدوحة متواطئة مع طهران في سعي هذه الأخيرة إلى التوسع في الأراضي العربية لاسيما في بلاد الشام. عناد قطر أمر واضح للعيان يراه الجميع، كما بينت الدول الأربع المقاطعة لقطر من خلال الوثائق.

صوت أكثر علواً

وكلما أصبحت الأزمة أكثر وضوحاً، يصبح صوت الشعب الأميركي أكثر علواً في تساؤله عن معنى العلاقات الإيرانية القطرية، وهناك أيضاً الأصوات الأميركية التي تشكك في الأساس المنطقي لبقاء القوات الأميركية في قاعدة العيديد بقطر. العضو البارز في الكونغرس، إليانا روس ليتينن، رئيسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أثارت قضايا جديدة حول مدى ملاءمة قطر لاستضافة قاعدة جوية أميركية، على الرغم من فشل الدوحة في التعامل بحزم مع ممولي الإرهاب.

ويبدو جلياً دور قطر في توجيه الأموال للأنشطة الإرهابية وبشكل فعال، أو فشلها في منع الآخرين من إرسال الأموال إلى الجماعات المحظورة. وصرحت روس ليتينن قائلة إنه «لا يمكن أن نسمح باستخدام قاعدتنا الجوية كوسيلة لتبرير هذا النوع من السلوك، يجب على الدوحة تغيير هذا النوع من السلوك، وإلا فإنها تخاطر بفقدان تعاوننا معها الذي يتجلى في هذه القاعدة الجوية».

الأهم من ذلك وصفت روس قطر بأنها «تساعدنا نحن الأميركان فقط في تسهيل عملياتنا في القاعدة الجوية»، في حين أن «دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، وقفت 12 عاماً معنا جنباً إلى جنب، خلال القتال في أفغانستان». ووصفت هذه النائبة الجمهورية الدوحة بأنها تمثل بيئة متساهلة لتمويل الإرهاب، وقالت إنها «استضافت علناً قادة (حماس)، وقادة (طالبان)، وتحتضن أفراداً عديدين، أدرجتهم وزارة الخزانة الأميركية على قائمتها السوداء، وإن قطر فشلت في محاكمتهم».

دعونا نذكر قول وزير خارجية قطر السابق، حمد بن جاسم، إن قطر لن تسمح بأي هجوم ينطلق منها لضرب إيران، ما يجعل بالتالي هذه القاعدة عديمة الفائدة في مناهضة إيران إذا حدثت مواجهة. ووجهة النظر هذه متأصلة في القيادة القطرية. قطر ليست حليفة لجيرانها ولا للولايات المتحدة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإيران.

كانت دولة قطر دائماً عضواً ناشزاً في مجلس التعاون الخليجي، ويعتبرها جيرانها وكيلاً إيرانياً. «العيديد» هي عنصر أساسي لقدرة الحرب الجوية الأميركية، لكنها تقع الآن على أراضٍ موالية لإيران.

سلمان الأنصاري مؤسس ورئيس لجنة العلاقات العامة الأميركية السعودية ومقرها واشنطن.

الأكثر مشاركة