تقارير تؤكد تمكّن بعضهم من العودة إلى بلدانهم

المقاتلون «يتبخرون» متى عجزوا عن الفرار بعد الهزيمة

صورة

بعد انتهاء كل معركة ضد تنظيم «داعش» في سورية أو العراق، تطرح أسئلة حول مصير مئات المقاتلين، الذين «يتبخرون» من مناطق شكلت معاقل لهم لسنوات، ويقول محللون وشهود إن أعداداً كبيرة منهم يتخفون بين المدنيين، عندما لا ينجحون في الفرار إلى مناطق أخرى تحت سيطرتهم.

وتورد القوات الحكومية العراقية والسورية التي تقاتل التنظيم باستمرار أخباراً عن مقتل المئات منهم أو اعتقالهم، إلا أن الناجين منهم، في حال عجزهم عن الانتقال الى مناطق أخرى تحت سيطرتهم، يتعمدون إخفاء هوياتهم والاندماج بين المدنيين، وتحديداً في صفوف الفارين من المعارك.

ويقول الباحث في منتدى الشرق الأوسط، أيمن جواد التميمي، لوكالة فرانس برس، إن الناجين «الفارين قد يبقون في الخلف، إذا تمت محاصرتهم أو أجبروا على الخروج، ويذوبون في صفوف المدنيين على نطاق واسع»، وإن كان تقدير نسبتهم بدقة «صعباً».

وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، فإن أغلبية من يتسللون بين المدنيين في سورية، هم «من المقاتلين السوريين الذين يحاولون الوصول الى مناطق يتحدرون منها»، أو «يقصدون مخيمات اللاجئين بعد حلق ذقونهم وتغيير لباسهم وإخفاء هوياتهم الحقيقية».

في الرقة بشمال سورية، يشير مصطفى بالي، مدير المركز الإعلامي لقوات سورية الديمقراطية، الى أنه «غالباً يتم اكتشاف من يتخفى بين المدنيين ويخرج كنازح من مناطق الحرب، لدى وصوله الى المخيمات من خلال قواعد بياناتنا».

وفي محاولة لكشف المتخفين بين المدنيين، تعمد القوات الحكومية والكردية العراقية غالباً الى نقل النازحين الذكور من مناطق المعارك الى مراكز أمنية، حيث يتم التدقيق في هوياتهم استناداً الى قاعدة بيانات، وبالتعاون مع مخبرين محليين.

وبحسب مسؤول محلي في محافظة نينوى التي تعد الموصل كبرى مدنها، «تخفّى عدد كبير من عناصر (داعش) بين الأهالي في أحياء الموصل» حيث كانوا يقاتلون.

وفي مؤشر إلى هروب مقاتليه خارج مناطق سيطرته، يلاحظ الباحث في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، تشارلي وينتر، تغييراً في أدبيات التنظيم في إصداراته الإعلامية الأخيرة لناحية تساهله مع «الذين يتخذون ملجأ لهم خارج (أرض الخلافة)».

وتعد نسبة المتسللين بين المدنيين «كبيرة»، وفق ما يوضح الباحث العراقي في شؤون التنظيمات المتطرفة هشام الهاشمي، ما يفسر، برأيه، «عمليات الاغتيال وزرع العبوات التي تحصل يومياً» في مناطق أخلاها المقاتلون.

ويخشى التميمي أن «يتحول هؤلاء للعمل كخلايا نائمة، أو على تجنيد أشخاص آخرين» لحسابهم.

قتال حتى الموت

وإذا كان من السهل على المقاتلين المحليين التخفي بين المدنيين، فالأمر لا ينطبق على المقاتلين الأجانب الذين قد «يقاتلون أعداءهم حتى الموت عوضاً عن الاستسلام».

ويؤكد قيادي في التحالف الدولي ضد المتطرفين بقيادة أميركية موجود في شمال سورية، أن في الرقة «هناك الكثير من المقاتلين الأجانب، الذين لا يريدون الاستسلام ويعتزمون القتال بشدة».

عن العراق، يقول الهاشمي إن التنظيم استخدم معظم المقاتلين الأجانب في «عمليات انغماسية وانتحارية»، لافتاً الى أن «عدد من بقي منهم (حياً) قليل جداً».

أمّا في ليبيا، فيقول محللون ليبيون إن الأجانب، سواء كانوا أفارقة أم عرباً، يتخذون وضع العمالة الأجنبية بسهولة.

ويقدم «بعض المهاجرين المحبطين»، وفق التميمي، «على الاستسلام، على أمل عودتهم الى بلدانهم الأصلية».

وتؤكد تقارير عدة تمكن مقاتلين أجانب من العودة الى بلدانهم من دون توفر أي إحصاءات، محذرة من اعتداءات قد يقومون بها في دول غربية.

البغدادي يحيي الأسرى

ولا تتوافر معلومات كثيرة عن معتقلي تنظيم «داعش»، في ظل رفض الأطراف التي تقاتلهم تحديد عددهم أو أماكن اعتقالهم.

وأقر زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي في تسجيل صوتي نسب اليه ونشر الخميس الماضي باعتقال العديد من مقاتليه، ووجه لهم في ختام كلمته الطويلة «تحية»، طالباً منهم «الصبر»، وقال: «لن تثنينا كثرة القتل والأسر وألم الجراح».

ويقول وينتر إن «مركز ثقل التنظيم انتقل منذ وقت طويل، من أماكن كالموصل وتلعفر والرقة إلى مناطق كالميادين والبوكمال» في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق.

من هنا، يتوقع وينتر أن يكون القتال في تلك المناطق «مفاجئاً بشراسته».

وفي العراق، يتخذ مقاتلو التنظيم حالياً من جبال حمرين الواقعة بين محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين، مقراً. وتتطلب مطاردتهم في هذه المنطقة ذات التضاريس الصعبة جهوداً وإمكانات جبارة.

ويتخوّف الهاشمي من انتقالهم في الفترة المقبلة الى «قتال (الأيام الزرقاوية) - نسبة لأبومصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق، الذي عرف بتبنيه المتكرر لتفجيرات انتحارية عدة وعمليات إعدام رهائن - بمعنى أنهم سيفتحون النار على كل من ليس معهم، بين المنازل، وفي المطاعم والأماكن العامة».

تويتر