قلاش يخسر بسبب «تسييس النقابة».. ومحور الأزمة عمرو بدر ينجح بتفوق

سلوك تصويتي يحيّر المحللين فـي انتخابات نقابة الصحافيين المصريين

صورة

تضاربت المؤشرات في انتخابات نقابة الصحافيين المصريين، الجمعة الماضية، حيث فاز المرشح على مقعد نقيب الصحافيين عبدالمحسن سلامة، الأقرب للحكومة، بينما خسر يحيى قلاش، المرشح الناصري الأقرب للمعارضة، المعركة، وخسر المرشح لعضوية مجلس النقابة والعضو السابق فيه الصحافي اليساري خالد البلشي مقعده، بينما فاز الصحافي عمرو بدر صاحب الأزمة التي اقتحمت النقابة بسببه الانتخابات، وصعدت أسماء تمثل توجهات موالية ومعارضة متباينة للمجلس وسط غياب واضح لتسيّد توجه سياسي موالٍ أو معارض، وأيضاً في ظل غياب الدافع الاقتصادي للتصويت، بعد أن نفت الحكومة نيتها زيادة بدل الصحافيين أو تقديم أي مكاسب قبيل إطلاق الانتخابات.

نسبة حضور هي الأعلى في تاريخ التصويت

شهدت انتخابات نقابة الصحافيين المصريين في الدورة الحالية إدلاء 4631 صحافياً بأصواتهم في انتخابات النقابة، التي أقيمت الجمعة الماضية، بمقر النقابة في شارع عبدالخالق ثروت وسط القاهرة.

أما في الانتخابات قبل الماضية التي فاز فيها يحيى قلاش، فقد صوّت خلالها 3226 صحافياً بأصواتهم في 22 لجنة، حصل قلاش فيها على 1948 صوتاً، مقابل حصول منافسه ضياء رشوان على 1079 صوتاً، واستمر التصويت على مدار خمس ساعات.

يذكر أن إجمالي عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات هذا العام (2017)، هم 4631 ناخباً، أما الأصوات الصحيحة فهي 4417 صوتاً، وبلغت الأصوات الباطلة 107 أصوات، حيث حصل سلامة على 2457 صوتاً، وحصل يحيى قلاش على 1890 صوتاً، وحصل إسلام كمال على 121 صوتاً، وجيهان شعراوي على 31 صوتاً، والإسكندراني على 19 صوتاً، ونورا راشد على أربعة أصوات، وطلعت هاشم على صوتين.

مرشح سيناوي للمرة الأولى في تاريخ النقابة

وجّه المرشح السيناوي عبدالقادر مبارك، الذي لم يحالفه التوفيق، رسالة الى زملائه، عقب انتهاء الانتخابات، شكر فيها من ساندوه، مؤكداً أن نزوله لم يكن لهدف شخصي وإنما لإبراز سيناء في المشهد الانتخابي، وقال مبارك في الرسالة:

«نعلم أن الانتخابات النقابية تعتمد على التنسيق بين المؤسسات وعلى تكتلات في معظمها رخيصة الشكل والجوهر، ومنذ البداية لم يكن شخصنا هو الغاية، بل كانت سيناء هي الهدف، سيناء الجريحة الغارقة في دمائها، سيناء المغتصبة في كرامتها، سيناء المختطفة من عصابات التكفير والتدمير. وعليه فقد وضعنا ومعي فريق العمل استراتيجيتنا على أن تكون سيناء حاضرة بكل همومها وآلامها وحاضرة بملاحمها وملامحها في كل لقاءاتنا في المؤسسات الصحافية والإعلامية، لتعريف أصحاب العقول وأرباب القلم إلى سيناء وأهلها». وقال مبارك: «وفقنا الله أن نقدم للآخر سيناء كما هي على الواقع ليعلم الجميع أن أهل سيناء هم قطب الوطنية المصرية، وهم حماة الديار إذا ما جارت الأحداث عليهم دونما تفريط أو إفراط أو مزايدة أو نقصان في الدور والموقف، وقد كان هذا هو الهدف الأسمى الذي سعينا إليه من ترشّحنا وقد تحقق.وكم كانت دهشتنا اكبر عندما وجدنا البعض من نخبة الصحافة واعلامها يذوبون عشقاً في سيناء وترابها، ويقدّرون المواقف الوطنية لأهلها وتحمّلهم برضا أعباء وضريبة كل المؤامرات التي تًحاك ضدها».

وتفصيلاً، أعلنت اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين، التي جرت الجمعة الماضية، فوز الصحافي عبدالمحسن سلامة بمنصب النقيب، بـ2457 مقابل 1890 للنقيب السابق يحيى قلاش.

وجاء فوز عبدالمحسن بفارق 560 صوتاً مفاجأة للمتابعين، الذين تصوروا حتى دقائق قبل اغلاق الصناديق توجه الانتخابات نحو دور الإعادة أو فوز احد المرشحين بفارق أصوات ضئيلة. وكانت أولى مفاجآت الفرز، نتيجة النقابة الفرعية في الإسكندرية، حيث فاز عبدالمحسن بـ67 صوتاً، بينما فاز يحيى بـ46، وخفف المتابعون من وقع النتيجة لحظتها بالقول إن المحافظات لا تتماثل بالضرورة مع المزاج العام في القاهرة، لكن توالي فرز الصناديق بمقر النقابة في شارع عبدالخالق ثروت كشف من اللحظة الأولى وجود صعود ملحوظ لعبدالمحسن.

وكانت الأيام القليلة التي سبقت الانتخابات شهدت استقطاباً حاداً بين قلاش وسلامة، حيث اتهم الأول بمحاولة «تسييس» النقابة، وفتح أبوابها للمعارضين السياسيين من الناصريين والاشتراكين الثوريين ونشطاء ثورة 25 يناير، بما انتهى بأزمة اقتحام النقابة، بعد أن احتمى بها الصحافي عمرو بدر الذي كان مطلوباً في تظاهرات، فيما اتهم الثاني بأنه يرغب في تجاهل وضع النقابة كـ«قلعة حريات ونقابة رأي»، واستعادة سيطرة قوى «ما قبل 25 يناير عليها»، وبسط سيطرة الجهاز التنفيذي عليها، وإنهاء وضع «سلم النقابة» كمنصة للتعبير عن الرأي.

وقال محللون إن فوز عبدالمحسن سلامة يعكس انتصار رجل الدولة الحكومي وابن أكبر مؤسساتها، وهي صحيفة «الأهرام»، لكن المعارضين لهذا الرأي يردون بالقول إن يحيى قلاش نفسه هو ابن صحيفة حكومية لا تقل أهمية هي «الجمهورية»، وإنه «لم يسعَ للصدامية، وإنما فرضت عليه»، وإنه حصل من الدولة المصرية على 60 مليون جنيه للنقابة رغم الأزمة، كما أن الحكومة المصرية، صبيحة يوم الانتخابات، أعلنت عن عدم «رفعها بدل الصحافيين» في نفي واضح لتصريح لسلامة قال فيه إنه سيرفع البدل، وفي إشارة قاطعة منها الى أنها تقف في معركة النقيب على مسافة واحدة من كل المرشحين.

أما على صعيد أعضاء المجلس، فقد أعلنت اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة فوز كل من حسين الزناتي، ومحمد خراجة، وجمال عبدالرحيم، «فوق السن»، وعمرو بدر، ومحمد سعد عبدالحفيظ، وأيمن عبدالمجيد «تحت السن، من بين 70 مرشحاً على مقاعد المجلس.

وبهذا الإعلان يكون خالد البلشي، أحد المحكوم عليهم في قضية اقتحام النقابة قد خسر مقعده.

وقال الصحافي والناشط في مجموعة «إعلاميون مراقبون»، إبراهيم خالد، لـ«الإمارات اليوم» إنه «من الصعب التحدث عن تسيّد توجه سياسي في الانتخابات الجارية، فالتوجه العام في حالة تعادلية، وبالتالي فان الفوز (نقيباً ومجلساً) يتم لفروق طفيفة ولاعتبارات نوعية تختلف من شخص لآخر، ولا يمكن رصد توجه عام يحدد تياراً سائداً معارضاً أو حكومياً.

وقال الصحافي رضا الشرقاوي لـ«الإمارات اليوم»: «لابد من الفصل بين انتخابات النقيب وانتخابات المجلس، لأن الأولى شهدت حشداً وحالة استقطاب لم تشهدهما الثانية، وحتى لو تصورنا أن التوجه الحكومي كان مع عبدالمحسن سلامة فقد كان ذلك عبر القوة الناعمة، فهو (ابن الأهرام)، وهي مؤسسة حاسمة ككتلة تصويتية وكعلاقات لصحافييها وكتأثير في المناخ العام وفي الإعلام المرئي ليس أكثر، وعلينا أن نقر أن انتخابات نقابة الصحافيين المصريين هي أكثر المعارك نزاهة وشفافية في المشهد السياسي المصري.

أما انتخاب أعضاء المجلس فقد حدده موقف كل مرشح على حدة، من حيث مؤسسته وتكوينه الاجتماعي ومستوى علاقاته وظروفه، وربما طبيعة انتماءاته، وفي أحوال نادرة خلفيته الجهوية، كما حدده كونه فوق السن أو تحت السن، وواقع أصوات باقي المرشحين، ولا يوجد عامل مشترك يمكن تطبيقه على الجميع. وعلى سبيل المثال خالد البلشي مثلاً، وهو خاسر، حصل على أكثر من 1000 صوت، وعمرو بدر فاز بـ778 صوتاً، والاثنان صاحبا موقف معارض، كما أن صاحب أكثر الأصوات تقدماً، الفائز جمال عبدالرحيم (1182 صوتاً)، محكوم عليه بالحبس في قضية اقتحام النقابة، كذلك فإن هناك وضعاً خاصاً لعمرو بدر، وهو انه الشخص محور المشكلة، حيث احتمى بالنقابة بعد صدور أمر بالقبض عليه.

وقال الكاتب الصحافي مدحت الزاهد: «إن خسارة يحيى قلاش تمت بسبب ركونه، هو وأنصاره، للدفاع وليس الهجوم، بينما قام فريق عبدالمحسن سلامة بالتحشيد والدعاية بشكل متواصل وذكي، كما ركزوا على رفع نسبة المقترعين، حيث بلغ عددهم 4631، وهو إقبال غير مسبوق في انتخابات النقيب، وهذا هو الذي صنع الفارق الحاسم في المعركة.

هذا وبمجرد إعلان النتيجة توالت التعليقات المتباينة حول خلفيات ودلالات المعركة من داخل المجتمع الصحافي وخارجه، فقد هنأ يحيى قلاش، عبدالمحسن سلامه بعد فوزه، ووجه قلاش، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، رسالة إلى أعضاء النقابة قال فيها: «أشكر حضوركم المكثف، وأشكر جيلاً جديداً خرج من رحم جمعية 4 مايو، وأكدت النتيجة أن له وجوداً لافتاً في انتخابات 17 مارس، وسيظل فاعلاً بالنقابة التي تحتاجكم الآن جميعاً أكثر من أي وقت مضى».

من جهته، قال جمال عبدالرحيم في تصريحات إعلامية عقب الفوز: «إن الانتخابات كانت الأصعب في السنوات الأخيرة، لان قضية اقتحام النقابة كانت حاضرة بقوة، وكان هناك شبه إجماع من الجمعية على رفض اقتحام النقابة بدليل اجتماع 4 مايو الذي شهد 5000 مشارك».

بدوره، قال خالد البلشي عقب إعلان النتيجة: «هذه الانتخابات، أما أنا فتفرغت للمعركة الأوسع وأرضها الأرحب. شكراً لكل من منحني ثقته، وسنظل ندافع سوياً عن وطن حر من دون ديكتاتورية وفساد واستبداد».

من ناحيتها، قالت عضو المجلس السابق، حنان فكري، التي خسرت مقعدها في تدوينة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «في عام المرأة مجلس الصحافيين بلا نساء».

تويتر