أكدوا طيب علاقتهم بأشقائهم المسلمين في المدينة

أقباط العريش النازحون: «الدواعش» نهبوا وأحرقوا ممتلكاتنا

صورة

كشفت مجموعة من الأقباط النازحين من العريش إلى الإسماعيلية، بعد تعرضهم أخيراً لموجة القتل والإرهاب هناك من قبل تنظيم «داعش» (ولاية سيناء)، أن منازلهم وأملاكهم وسياراتهم مازالت تتعرض للسلب والنهب والحرق على يد عناصر التنظيم، بعد رحيلهم وحتى الآن.

إعادة النازحين

طالبت أطراف عدة بضرورة العمل على إعادة النازحين، الذين فضلوا ترك بيوتهم على مواجهة الموت، إلى منازلهم بعد تأمينهم في أقرب وقت ممكن، حتى لا يحقق الإرهابيون غايتهم وتكرر المشهد في أكثر من مكان.


• مواجهة الإرهاب في سيناء وغيرها من المناطق يجب ألا تقتصر على الجوانب الأمنية، ولابد من التمسك بالمواجهة الشاملة، الفكرية والثقافية، في البيت والمسجد والكنيسة والإعلام والمجتمع.

• أسقف الكنيسة الأرثوذكسية الأنبا سرافييم أكد أن الحكومة لم تقصر وقامت بمعظم الجهد الإغاثي في تسكين القادمين.

وروى نازحون قصصاً متباينة عن كيفية تصاعد الخطر الإرهابي والتهديدات منذ 30 يونيو 2013، ووصول «داعش» في الأيام الأخيرة إلى تنفيذ واسع لعمليات قتل وإحراق، تم فيها قتل ثمانية مسيحيين دفعة واحدة، وأكد نازح لـ«الإمارات اليوم»، على هامش لقاء للنازحين مع مجموعة إعلامية وسياسية مصرية، بنزل الشباب في الإسماعيلية، إنه يوافق قداسة البابا تواضروس والمسؤولين المصريين في تأكيدهم على أن الأقباط «لم يتعرضوا لتهجير قسري»، لكنه يستدرك بأن «واقع التهديد المستمر لم يكن يسمح أيضاً بالاختيار»، وشدد النازح على أن «الإرهاب لا دين له، ولا عقل له، وكما يستهدف المصري القبطي، يستهدف شقيقه المسلم المجند والشرطي»، وأشاد بالموقف التضامني للجيران المسلمين معهم هناك، وكذلك بعد وصولهم إلى الإسماعيلية، منوهاً إلى ضرورة توسيع قاعدة هذا التضامن «لحماية 100 أسرة مازالت موجودة بالعريش، وللممتلكات التي خلّفها النازحون هناك، بعد أن أصبحت عرضة للسلب والنهب، سواء من قبل متطرفين أو لصوص عاديين».

وتفصيلاً، التقت «الإمارات اليوم» بأُسر عدد من النازحين من العريش، الذين بلغ إجمالي عددهم 258 أسرة، طبقاً لأرقام حكومية وكنسية متطابقة، توجهوا إلى محافظات القاهرة والإسماعيلية، والدقهلية، وبورسعيد وأسيوط والقليوبية، والمنيا وسوهاج والجيزة، والفيوم والشرقية والغربية وبني سويف. منهم 126 أسرة في الإسماعيلية، توزعوا بين نزل الشباب، ومساكن دبرتها المطرانية، ومساكن تابعة لوزارة الشباب، وشقق تابعة لوزارة التضامن، ومساكن تابعة لمعسكر القرش التابعة للمحافظة، ورصدت الصحيفة وجود حالة شديدة من الانزعاج النفسي، خصوصاً في ظل تواتر أخبار عن تعرض منازل بعض النازحين لهجمات جديدة، كما رصدت أيضاً وجود حالة تضامن شعبي واسعة مع النازحين، حيث زار نزل الشباب، وقت وجود الصحيفة، وفد من أحزاب المعارضة المصرية اليسارية، ضمنها حزب التجمع الوطني، والحزب الاشتراكي، والحزب الناصري، ووفد من الأزهر الشريف، ووفد من الجمعيات النسوية، وآخر من مجموعة فنانين.

حالة هلع

وروت السيدة نبيلة فوزي، التي تم قُتل زوجها سعد حكيم حنا (66 سنة) وولدها مدحت سعد حكيم حنا (45 سنة) ثم أُحرق منزلها، وقائع الليلة الأليمة فقالت إن «الواقعة تمت في العاشرة والنصف ليل الثلاثاء الماضي، حين طرق باب منزلهم ملثمان مسلحان، ومن ثم اقتحما المكان بمجرد أن فتحت الباب، فتوجها إلى غرفة ابنها مدحت ولم يتبادلا معه أي كلمة، حيث بادراه بإطلاق النار عليه، وحين وصلت غرفته كان ينزف دماً من أنفه حتى فارق الحياة، ثم توجها بعد ذلك إلى والده سعد، الذي حاول استعطافهما بالقول إنه رجل كبير في السن، ولا يملك لهما ضراً ولا نفعاً، لكن من دون جدوى، حيث أطلقا عليه النار فسقط قتيلاً هو الآخر».

وتستطرد فوزي أنها حين أبدت هلعها مما حدث، وسألتهما لماذا فعلتما ذلك، دفعاها إلى الخارج مهددين بأنها ستلتحق بهما إذا أصرت على إزعاجهما.

ورداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» حول الفترة التي قضياها في المنزل، قالت فوزي «كانا يتصرفان بلا خوف أو توتر من قدوم أحد، وكأنهما قادمان ليقيما في مهمة طويلة، حيث استغرقا قرابة الساعة ونصف الساعة، وبدآ استجوابي ومعرفة الأسماء الكاملة لمن قتلاهما ووظيفتيهما، ثم انتقلا إلى السلب والنهب حيث سألانني إذا كان يوجد بحوزتي ذهب، ونزعا إسورتي رغم أنني قلت لهما إنها صينية، ثم سرقا كل شيء وظلا ينقلان المحتويات إلى السيارة التي كانت تنتظرهما بالخارج، حتى وصل بهما الأمر إلى أخذ الأغطية والبطانيات، وكانا يركزان على أخذ أشياء مفيدة للمعيشة، وحين انتهيا من كل هذا دفعاني إلى خارج البيت، وفجّرا أنابيب البوتاجاز وأشعلا المنزل، بما في ذلك الجثتان اللتان بداخله».

وروى نازح آخر، يدعى سمير شكري، أنه كان يعمل أجيراً في الكنيسة باليومية، ولا يملك شهادة أو حرفة بعينها، ولم يفكر يوماً في ترك العريش، لكن عندما وقعت أحداث القتل الأخيرة انتاب الخوف أسرته فاضطر إلى المغادرة.

وقال شكري إن زوجته وأطفاله الثلاثة، تركوه وذهبوا إلى بيت والد زوجته بالصعيد، وهو لا يستطيع أن يطلب منهم الإقامة بالعريش، ولا يملك المال لشراء شقة بالإسماعيلية، وهو نفسه لا يعرف إلى أين سيذهب.

وقالت أنجيل عطية قديس، من ميت غمر محافظة المنصورة، إن «زوجها كان ضابطاً في الجيش المصري، حارب في اليمن وفي حروب 1967 والاستنزاف وأكتوبر، وعندما أحيل للتقاعد قرر أن يعيش في العريش، ليقضي في أجوائها ما تبقى له من عمره مستمتعا بالمدينة»، وتابعت: «كان يحب المدينة ويتمشى في شوارعها كل يوم، حتى لقي حتفه بيد الإرهاب».

من جهتها، قالت نازحة، فضلت عدم ذكر اسمها، لـ«الإمارات اليوم» إن هناك مشكلات ضخمة لم تزل تواجه النازحين، حيث لم يتم تحديد الشكل القانوني لتغطية غياب العاملين في وظائف حكومية، بما يهدد بفصلهم، ولم يتم اتخاذ أي خطوة بشأن تحويل الطلاب إلى المدارس، ولم يظهر أي تصور لإمكانية تعويض الناس عن خسائرها، كما أن ظروف الإقامة في أماكن الإيواء تحيط بها مكامن قصور عدة. لكن في المقابل قال أسقف الكنيسة الأرثوذكسية، الأنبا سرافييم، إن «الدولة المصرية لم تقصر، وقامت بمعظم الجهد الإغاثي في تسكين القادمين»، وكرر الأمر نفسه مطران بورسعيد، الأنبا تادرس، الذي حضر إلى الإسماعيلية، وقال «إننا نؤوي هاربين من الموت، ولا نسكّن فوجاً سياحياً، ونحاول التغلب على الصعاب، لكن على قدر الإمكان».

وجدد زعيم الحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء شعبان، الذي كان أحد أعضاء الوفود الزائرة للنازحين بالإسماعيلية، دعوته لـ«الإمارات اليوم» بعدم قصر مواجهة الإرهاب في سيناء وغيرها على الجوانب الأمنية، والتمسك بالمواجهة الشاملة، الفكرية والثقافية، في البيت والمسجد والكنيسة، والإعلام والمجتمع.

تويتر