بعد أن كان استفتاء الخروج من «الاتحاد» قضية خاسرة

فاراج غيّر المعادلة في بريطانيا وكسب الرهان

صورة

عرفت السيد نيجل فاراج منذ نحو 20عاماً، وكنا الأعضاء المؤسسين لـ«حزب بريطانيا المستقلة» تحت قيادة الرئيس الأول للحزب، آلان سكيد. وخلال بداية التسعينات من القرن الماضي، كانت عملية إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قضية خاسرة، ولا يمكن إقناع أحد بها. لكن بصورة مفاجئة، في بداية عام 2000، أصبحت فكرة الخروج من الاتحاد ممكنة، وفي عام 2004 فاز حزب بريطانيا المستقلة بـ13 مقعداً في البرلمان الأوروبي. وتعرضنا للانتقاد لأننا كنا جميعاً من البيض ومن الطبقة المتوسطة. نعم، كنا كذلك لأننا كنا بحاجة إلى تمويل حملاتنا الانتخابية.

وكان «حزب بريطانيا المستقلة» عبارة عن مجموعة ضغط، يتمثل هدفها النهائي في إجراء استفتاء حول الاتحاد الأوروبي، وكما هي الحال لدى كل مجموعات الضغط، تنوع أعضاء الحزب الذين انضموا إليه لأسباب مختلفة. وكان إجراء الاستفتاء أمراً لا يصدق بالنسبة لمن كانوا في الحزب من بداياته. وربما كانت نتيجة الانتخابات العامة عام 2015 بمثابة الكارثة، لكن أربعة ملايين من الناخبين لم يكونوا إنجازاً مهماً. واتخذ حزب بريطانيا المستقلة قراراً استراتيجياً قبل خمس سنوات، ليضفي على نفسه صفة «جيش الشعب» الذي يحارب به نيجل فاراج، وركز على الهجرة، وضاعف عضويته، وعزز من القوة الحقيقية للحزب، المتمثلة في الناشطين من القاعدة الشعبية.

• كان «حزب بريطانيا المستقلة» عبارة عن مجموعة ضغط يتمثل هدفها النهائي في إجراء استفتاء حول الاتحاد الأوروبي.

ولم يتم إحراز الفوز بالاستفتاء الشعبي عن طريق القيام بعمل طيب في البرامج التلفزيونية ولا في المقالات الصحافية، التي لم يشاهدها أو يقرأها عدد كبير من الناس، وإنما عن طريق الالتزام بالهدف بطريقة أو أخرى تم الفوز بهذا الاستفتاء من خلال الوصول إلى بيوت الكثير من الناخبين.

وكان تركيز «حزب بريطانيا المستقلة» على الهجرة رداً على كل استطلاع أظهر أنه مصدر القلق الرئيس للناخب العادي. واستغل الحزب ذلك لكن على حساب النزاهة الفكرية. ويشير دستور «حزب بريطانيا المستقلة» إلى «التحرري التقليدي»، لكنّ أفكاراً أخرى، مثل الحكومة الصغيرة والإصلاح الضريبي المالي، تم تجاهلها بصورة كاملة.

والسؤال الذي يجب طرحه على قيادة «حزب بريطانيا المستقلة» يجب أن يكون ما إذا كانت تريد أن تكون «تحررية تقليدية» أو «مجموعة مذعنة للمحافظين» أو «مؤيدة لمذهب الحماية العمالي القديم»، وبالطبع فإنه لن يكون كل هؤلاء مرة واحدة. وأدار فاراج الحزب على أنه يد واحدة، وهو أمر لا يمكن انتقاده إذ إن كبار المسؤولين، ومن يعمل في القاعدة، كانوا سعداء مع هذا النوع من الإدارة. ولكن أخيراً ومع الاستعداد للاستفتاء، اعترفوا جميعاً بأن الحزب يجب أن يحاول مرة أخرى أن يصبح حزباً سياسياً له عقيدة وأخلاقيات سياسية. ويحتاج ذلك إلى العودة للديمقراطية المحلية، ورئيس يتم انتخابه، وتمثيل محلي على اللجنة الوطنية التنفيذية.

ودأب فاراج على القول إنه سيستقيل بعد الاستفتاء، لأنه ينتظر الاستفتاء منذ زمن طويل، ولذلك فإنه يستحق الاستراحة. وهو لايزال شاباً كي يعمل في مجال آخر، إذ إن وجوده في البرلمان لمدة 20 عاماً يكفي. وصدقوني لقد عملت في البرلمان لمدة 10 سنوات، وكان ذلك أكثر ما يمكنني تحمله. وبالطبع لا يمكن لأحد أن يناقش بشأن الدور الذي لعبه فاراج من أجل تحقيق الفوز في الاستفتاء.

ولو أن الحكومة كانت تملك قلباً طيباً كان لابد لها أن تكرّم فاراج على إسهامه في استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي. ولابد هنا أن أنوه بأهمية هذا الرجل في ما يتعلق بالمفاوضات حول صيد السمك مع الاتحاد الأوروبي، حيث يمتلك خبرة واسعة ويمكن أن يضيف أهمية كبيرة في هذا المجال.. دعونا نأمل ألا تكون الحكومة المقبلة قليلة العقل مثل سابقتها.

غودفري بلووم - عضو سابق في «حزب بريطانيا المستقلة».

تويتر