أظهرت أنها ملكية أكثر من الملك
هيلاري كلينتون تنحاز بكاملها إلى إسرائيل خلال مخاطبتها «إيباك»
يرى مراقبون أن المرشحة الرئاسية الأميركية، هيلاري كلينتون، صارت منحازة لإسرائيل بكليتها، خلال خطابها الاثنين الماضي، أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك)، وهي جماعة الضغط الأكثر تأثيراً والموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة، وأنها تقمصت دور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فقد ظلت كلينتون تتخذ دائماً موقف الصقور بشأن الشرق الأوسط، إلا أنها نقلت معركتها هذه المرة إلى مستوى جديد خلال خطابها ذاك، إذ إن الكثير من الحديث الذي أدلت به، يشبه كثيراً ما يتشدق به المحافظون الجدد بشأن إسرائيل.
وأكدت في خطابها أمام «إيباك» قائلة «يتعين على الولايات المتحدة وإسرائيل أن تكونا أقرب من أي وقت مضى، وأقوى من أي وقت مضى». وتمضي مصرّحة، يجب علينا أن ننقل تحالفنا إلى المستوى التالي، داعية في الوقت ذاته إلى تكثيف أمني وتعاون دبلوماسي أكثر، مع إسرائيل، وطالبت الولايات المتحدة بتسليح الجيش الإسرائيلي بـ«تكنولوجيا دفاعية أكثر تطوراً».
ويقدم دافعو الضرائب الأميركيون بالفعل نحو 3.1 مليارات دولار من المساعدات العسكرية إلى إسرائيل وحدها كل عام. كما تضمن الولايات المتحدة أيضاً إفلات حليفتها من العقاب السياسي في الأمم المتحدة، حيث اعترضت الولايات المتحدة على أكثر من 70 من قرارات مجلس الأمن نيابة عن إسرائيل.
وتسعى كلينتون من خلال حملاتها الرئاسية لتكون المرشح الأكثر تأييداً لإسرائيل، وكان خطابها امام منظمة «إيباك» محملاً بالتشجيع والتأييد للحكومة الإسرائيلية. وأكدت دعمها القوي للمنظمة ــ التي تشتهر بتقديم الدعم القوي للسياسات اليمينية، مثل رفضها المطلق للاتفاق النووي مع إيران ــ وتحدثت كلينتون بحماسة عن شرف العمل عن كثب مع أعضاء «إيباك»، لتعزيز وتعميق العلاقات الأميركية مع إسرائيل.
تجاهلت الاحتلال غير الشرعي
كان خطاب كلينتون متحيزاً بشكل علني بشأن العديد من الجوانب، وتحدثت بالتفصيل عن العنف الذي يتحمله الجانب الإسرائيلي، لكنها لم تعترف على الإطلاق بجرائم إسرائيل العديدة ضد السكان الفلسطينيين الأصليين.
ويحتل الجيش الإسرائيلي منذ عام 1967 الأراضي الفلسطينية في انتهاك مباشر للقانون الدولي، إلا أن كلينتون لم تذكر الاحتلال العسكري الإسرائيلي غير المشروع مرة واحدة في خطابها المسهب. وخلال ما يقرب من خمسة عقود منذ بدء الاحتلال غير الشرعي، ظلت إسرائيل تلتهم ببطء الأراضي الفلسطينية مع توسيع المستوطنات أكثر من أي وقت مضى. واليوم، هناك أكثر من 600 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون في الأراضي المحتلة، في انتهاك صارخ للقرارات الأممية. ولم تعترف كلينتون بوجود المستوطنات سوى مرة واحدة فقط، في خطابها المؤلف من 4000 كلمة، وحتى ذلك كان بشكل عابر، على الرغم من تأكيد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والخبراء الدوليين مراراً، أن توسع إسرائيل في بناء المستوطنات أمر غير شرعي، وأن المستوطنات تمثل العقبة الرئيسة أمام السلام، لكن كلينتون لا تشعر بأن هذه المشكلة مهمة بما فيه الكفاية لتذكرها.
ولم تذكر أي شيء عن النكبة، والتطهير العرقي العنيف الذي تعرضت له فلسطين التاريخية عام 1947 و1948، حيث تم تهجير ما يقرب من ثلثي السكان العرب الأصليين قسراً من أراضيهم من قبل الميليشيات التي تأسست في إسرائيل. واليوم، هناك أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في جميع أنحاء العالم، معظمهم غير قادرين على العودة إلى وطنهم. ولم تعترف كلينتون حتى بوجودهم، والتي مجدت في كلمتها رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، غولدا مائير كعلامة للتقدم الإسرائيلي، في حين لم تشر إلى أن مائير ادعت بعدم وجود «ما يسمى بالفلسطينيين»، في حين أنها تدعي أن هذا الشعب الوهمي ظاهرياً «أجبرنا على قتل أبنائهم».
معايير مزدوجة
لجأت كلينتون إلى معايير مزدوجة صارخة في مناقشتها أعمال العنف في إسرائيل وفلسطين.
حيث دانت «صواريخ حماس» في حرب صيف 2014 مع غزة، لكنها تغاضت عن أكثر من 2250 فلسطينياً قتلوا من قبل الجيش الإسرائيلي، ما يقرب من ثلثهم من المدنيين العزّل، من بينهم أكثر من 550 طفلاً، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، وأن منظمات رائدة في مجال حقوق الإنسان ومنها منظمة العفو الدولية، اتهمت في تحقيقات مستقلة قوات الدفاع الإسرائيلية باستهداف المدنيين عمداً، وارتكاب جرائم حرب.
ذكرت كلينتون الضحايا الإسرائيليين من «التفجيرات الإرهابية»، لكنها تجاهلت تماماً الآلاف والآلاف من المدنيين الفلسطينيين، الذين قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، خلال الأعوام 2009 و2012 و2014 في حروب إسرائيل في غزة، جنباً إلى جنب مع التفجيرات الدورية في أوقات ما يسمى بالسلم.
وتقول إن إسرائيل تواجه عمليات طعن إرهابية وحشية وإطلاق نار وهجمات بالسيارات، لكنها لم تشر إلى عنف أكبر بكثير، يتعرض له الفلسطينيون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي غير الشرعي.
يتعرض الإسرائيليون بالفعل إلى القتل في مثل هذه الهجمات، ولكن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا جراء ذلك يصل إلى ما يقرب من 600% مقارنة بالإسرائيليين. ومنذ بدء تصاعد العنف في اكتوبر لقي نحو 180 فلسطينياً حتفهم، مقارنة بـ30 إسرائيلياً. معظم الإسرائيليين الذين قتلوا كانوا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل غير قانوني. وعلاوة على ذلك، فإن المتطرفين والمستوطنين الإسرائيليين غير الشرعيين كثيراً ما يهاجمون الفلسطينيين، من خلال دهسهم بالسيارات وحرق منازلهم باستمرار.
قبل يوم واحد من مخاطبة كلينتون لـ«إيباك»، تعرض منزل أقارب أسرة الدوابشة، الذي قتله المتطرفون الإسرائيليون، للحرق، والدوابشة هو أحد الشهود الرئيسين في هذه الجريمة.
اتهمت كلينتون القادة الفلسطينيين بـ«التحريض على العنف»، و«الاحتفاء بالإرهابيين كشهداء»، وتجاهلت مرة أخرى تماماً أن القادة الإسرائيليين في حالات كثيرة يحرضون على العنف. في مايو 2015، دعا وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان إلى قطع رؤوس «الخونة» المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.
أما بالنسبة «للاحتفاء بالإرهابيين»، فقد اقدم يهودي متطرف، وهو باروخ غولدشتاين على ذبح 29 مصلياً مسلماً في الحرم الإبراهيمي في فبراير 1994، وينظر الإسرائيليون اليوم إلى غولدشتاين كشهيد، وأصبح قبره مزاراً شعبياً للإسرائيليين، ومكتوباً على شاهد قبر الإرهابي الإسرائيلي بأنه رجل «الأيدي النظيفة والقلب النقي»، الذي «أعطى حياته إلى شعب إسرائيل».
اتهمت كلينتون القادة الفلسطينيين بـ«التحريض على العنف» و«الاحتفاء بالإرهابيين كشهداء»، وتجاهلت مرة أخرى تماماً أن القادة الإسرائيليين في حالات كثيرة يحرّضون على العنف.
لم تعترف كلينتون بوجود المستوطنات سوى مرة واحدة فقط، في خطابها المؤلف من 4000 كلمة، وحتى ذلك كان بشكل عابر، على الرغم من تأكيد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والخبراء الدوليين بشكل لا يعد ولا يحصى، أن توسع إسرائيل في بناء المستوطنات أمر غير شرعي، وأن المستوطنات تمثل العقبة الرئيسة أمام السلام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news