واشنطن «قلقة» ونظام الرقابة يحتاج إلى «إعادة نظر»

إيران تواصل تهريب السلاح إلى الانقــلابيين في اليمن

صورة

اعترف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بأنه يدرك تماماً أن إيران ترسل إمدادات الى الحوثيين في اليمن، وحذر من أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن حلفائها في المنطقة، الذين يشعرون بالتهديد الإيراني. ويأتي تأكيد الوزير على التزام بلاده تجاه حلفائها في الشرق الأوسط في أعقاب نهاية ناجحة للمفاوضات النووية مع إيران، وفي الوقت الذي اصبح فيه اليمن أحدث مسرح لحروب ايران الإقليمية بالوكالة.

وتحدث كيري لبرنامج «نيوز أور» بمحطة ببلك برودكاست سيرفس قائلاً: «من الواضح أن هناك امدادات تأتي من إيران، وهناك عدد من الرحلات الجوية كل اسبوع إلى اليمن، وعلى ايران أن تدرك أن الولايات المتحدة لن تقف موقف المتفرج في حين يتعرض استقرار المنطقة للخطر».

ويضيف «نحن لا نسعى للمواجهة، ولكننا لن نتخلى عن تحالفاتنا وصداقاتنا ونشعر بالحاجة إلى الوقوف مع أولئك الذين يشعرون بأنهم مهددون نتيجة للخيارات التي تسعى اليها إيران في المنطقة».

وكان كيري قد ذكر في كلمة له امام مشرعين أميركيين يوم الجمعة الماضي، ان اميركا اوقفت شحنة سلاح قادمة من ايران الى اليمن، وهو ما يدل على أن ايران تواصل دعمها لبعض الجماعات.

وكانت بحرية التحالف قد احتجزت الأسبوع الماضي سفينة تحمل مواد إغاثية وتموينية، من ضمنها اجهزة اتصالات متطورة.

تعزيز المشاركة

نجاح نسبي

لا يحفل التاريخ الحديث حول جهود الاعتراض الأميركية بالعديد من الأمثلة على منع عمليات نقل الأسلحة الإيرانية. ففي يناير 2009، اعترضت المدمرة الأميركية «سان أنطونيو» سفينة «إم في مونتشيغورسك»، وهي سفينة شحن تملكها روسيا كانت تُبحر رافعة علم قبرص. وبعد توقيف السفينة في البحر الأحمر، صعد أفراد البحرية الأميركية على متن السفينة بإذن من القبطان، غير أنّ السبب الوحيد الذي سمح لهم بالقيام بذلك، هو وجود اتفاق ثنائي بين الولايات المتحدة وقبرص يجيز الصعود على متن السفن. وعلى الرغم من أنّ البحّارة الأميركيين عثروا على أسلحة، إلّا أنّهم افتقروا إلى الصلاحية القانونية لمصادرتها، ما اضطرّ واشنطن إلى الضغط على السلطات القبرصية لجلب السفينة إلى أحد مرافئها، وقيامها بتفتيش الأسلحة بنفسها. واكتشف المحققون أنّ السفينة كانت قد استأجرتها شركة «خطوط الشحن لجمهورية إيران الإسلامية»، التي تدرجها وزارة الخزانة الأميركية على «لائحتها السوداء»، ولكن سيتمّ شطبها كجزء من «خطة العمل المشتركة الشاملة».

وجرى اعتراض آخر في يناير 2013، عندما أوقفت السلطات اليمنية سفينة «جيهان 1» بالتنسيق مع البحرية الأميركية. وكانت السفينة في طريقها إلى اليمن حاملة صواريخ «كاتيوشيا» وأنظمة دفاع جوي محمولة على الكتف ومتفجّرات مختلفة صُنّعت كلّها في منشآت «الحرس الثوري الإسلامي». وقد أصرّ أولاً طاقم السفينة المؤلّف من إيرانيين ويمنيين على أنّ السفينة كانت ترفع علم بنما وتحمل الوقود، لكن سرعان ما تمّ العثور على الأسلحة. ووفقاً للمسؤولين اليمنيين، احتُجز طاقم «جيهان 1» فضلاً عن السفينة. وتمت مصادرة الأسلحة، لكنّ مصير أفراد طاقمها اليمني، المكون من ثمانية أشخاص والسفينة نفسها غير مُحدّد في تقارير المصادر المفتوحة حول الحادثة.

والحقيقة هي أنّ الاعتراضات تخضع للعديد من القيود القانونية واللوجستية، كما ثبت في حالة سفينة «إم في مونتشيغورسك»، ما يجعل من الصعب جداً على الولايات المتحدة وغيرها من الدول وقف شحنات الأسلحة.

وعززت الولايات المتحدة بالفعل مشاركتها في نظام الرقابة، وأعلنت في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي، أنها تعمل على تكثيف شحنات الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخبارية لدعم التحالف الذي تقوده السعودية.

وأثار الصراع المتعمق المخاوف من أن يستغل تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، والمتمركز في اليمن، الفراغ في السلطة. واقتحم هذا التنظيم بلدة المكلا الأسبوع الماضي، وأطلق سراح زعيم محلي، وعلمت مجموعة محلية مراقبة يوم الأربعاء الماضي أن التنظيم عرض مكافأة قدرها 20 كلجم من الذهب، لاعتقال أو قتل زعيم الحوثيين، وحليفه الرئيس السابق، علي عبدالله صالح.

تعقيد الجهود

واعترف وزير الدفاع الأميركي، أشتون كارتر، الأربعاء الماضي ان القتال في اليمن يزيد من تعقيد جهود واشنطن لمكافحة الإرهاب، لكنه تعهد بأن بلاده ماضية في هذا الطريق بغض النظر عما يحدث.

إيران، التي تدعي بأنها لا تسلح الحوثيين، كانت قد أرسلت قبل فترة سفينتين حربيتين قبالة ساحل اليمن، حيث ادعت ان السفينتين الحربيتين، هما لغرض حماية الحركة الملاحية الإيرانية.

وكان التحالف العربي ضد الجماعات المدعومة من قبل نظام طهران، قد اعترض العام الماضي سفينة شحن قادمة من جيبوتي الى اليمن، تحمل معدات عسكرية تحت ستار إمدادات طبية.

وأكدت مصادر في الائتلاف أنه عندما تم تفتيش السفينة التي كانت ترفع علم جزر مارشال، تم اكتشاف معدات اتصالات عسكرية مشفرة وأجهزة عسكرية أخرى على متنها في حاويات قادمة من ميناء بندر عباس في جنوب إيران. واعترضت قوات التحالف السفينة قبل أن تصل إلى وجهتها، في ميناء الحديدة اليمني. ووفقاً للمصادر تم أخذ السفينة إلى ميناء جازان في المملكة العربية السعودية، حيث تم تفتيشها في وجود مراقبين دوليين الذين وثقوا العملية برمتها. وضبطت قوات التحالف في اليمن في الماضي أيضاً عدداً من القوارب والسفن أثناء محاولتها تهريب أسلحة لميليشيات الحوثي.

الحلفاء قلقون

وظل حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يعبرون قبل فترة طويلة، عن شعورهم بالقلق من أن تشجع خطة العمل المشتركة الشاملة للبرنامج النووي الإيراني، ورفع العقوبات عنها على مثل هذا السلوك العدواني، خصوصاً من حيث تمويل وتسليح المنظمات الإرهابية مثل «حزب الله» والميليشيات مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في فلسطين، والحوثيين.

وفي الأسابيع الأخيرة، سعت إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما إلى طمأنة هؤلاء الحلفاء بأن الولايات المتحدة ستعمل على مناهضة هذا السلوك. وفي مؤتمر صحافي بعد يوم واحد من توقيع خطة العمل المشتركة، قال أوباما «إن مسألة الحظر المفروض على الأسلحة والصواريخ البالستية تشكل مصدر قلق حقيقياً لنا - ومن مصلحة الأمن القومي أن تمنع الولايات المتحدة إيران من إرسال أسلحة إلى (حزب الله)، على سبيل المثال، أو إرسال أسلحة إلى الحوثيين في اليمن، لتصعيد الحرب الأهلية هناك». وأضاف، أن «واشنطن لايزال لديها عدد من الآليات المنصوص عليها في القانون الدولي، التي تخولها السلطة لاعتراض شحنات الأسلحة من إيران».

أساليب وعمليات التهريب

تتدفق الأسلحة من إيران إلى كل من لبنان، وسورية، واليمن، وغزة، وغيرها لسنوات عدة، ويتم تنفيذ جهود تهريب معظمها من قبل «الوحدة 190»، وهي فرع خاص في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري، وفقاً لتقارير عدة، وتستخدم «الوحدة 190» نظاماً محكماً مكوناً من شركات ومؤسسات الشحن، كواجهة لإخفاء الأنشطة الحقيقية ولكي تتجاوز العقوبات الدولية. أحد أهم الشخصيات الرئيسة في الوحدة هو بهنام شهرياري، صاحب شركة بهنام شهرياري التجارية. وكل منهما مصنف حالياً على القائمة السوداء، من قبل وزارة الخزانة الأميركية.

«الوحدة 190»

وتستخدم «الوحدة 190» مجموعة متنوعة من الطرق، لنقل الأسلحة المتطورة عن طريق البحر، والجو، والبر. وعادة ما تخفي السلاح داخل حاويات، بجانب المنتجات الأخرى الشائعة مثل مواد البناء. ثم يتم وضع الحاويات على الخطوط الجوية التجارية أو السفن (في بعض الأحيان تحت أعلام أجنبية) وإرسالها إلى المتلقين، كسلع من السلع المتداولة. وفي بعض الحالات قد تمر هذه السفن عبر ثلاثة موانئ أو أكثر، قبل أن تصل إلى وجهتها النهائية. في أكتوبر 2010، على سبيل المثال، اكتشفت السلطات النيجيرية قاذفات صواريخ وقنابل، وقذائف هاون مخبأة في حاويات محملة بمواد بناء. وبعد اجراء مزيد من التحقيقات، اكتشفت السلطات النيجيرية أن الأسلحة قد تم تحميلها في ميناء بندر عباس الإيراني، على متن السفينة «إم في ايفرست»، التي كانت مملوكة من قبل لشركة فرنسية. ثم اتجهت السفينة إلى الهند قبل أن تشق طريقها إلى لاغوس، حيث تم اكتشاف الحاويات قبل وصولها إلى وجهتها النهائية (التي يعتقد أنها كانت غامبيا).

وتحدث نائب وزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكين الى الصحافيين في العاصمة السعودية الرياض، أن «المملكة العربية السعودية ترسل رسالة قوية إلى الحوثيين وحلفائهم، بأنهم لا يستطيعون السيطرة على اليمن بالقوة، ودعماً لهذا الجهد، فإننا نسرع في تسليم شحنات الأسلحة» لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. وتحدث مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية لوكالة فرانس برس، أن واشنطن في المقام الأول ترسل الذخائر عالية الدقة والتوجيه.

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

تويتر