حصلت على أعلى الدرجات في كل سنوات تعليمها.. وتتهم إدارة الامتحانات بتبديل ورقتها في «الثانوية»

أزمة «طالبة الصفر» تتصاعد فـي مصر

صورة

تتصاعد قضية الطالبة مريم ملاك، المتفوّقة منذ الابتدائية الحاصلة على «صفر» في الثانوية العامة، التي تعرّضت لتبديل ورقة إجابات متعمد - حسب اتهامها لإدارة الامتحانات المصرية - وأخذت القضية منحنى جديداً، بعد أن التف حولها الرأي العام وكشفت عبر شهادات عن حالات شبيهة واختلال في نظام الامتحانات، وفيما قالت مصلحة الطب الشرعي إن خط مريم هو ذاته الوارد في كراسة الإجابات، تحدى محاميها رمزي ملاك، أمس، هذه النتيجة، وطالب باستكتابها على الهواء مباشرة أمام الملايين، وتقدم للنائب العام مجدداً مطالباً بإعادة التحقيق في القضية.

كانت مريم ملاك ذكري، الطالبة بمدرسة صفط الخمار الثانوية العامة بالمنيا (علمي علوم)، التي عرفت بحصولها على درجات متفوّقة في جميع سنواتها التعليمية، وحصلت على 96% في امتحانات الصف الأول الثانوية، ثم 98% في الصف الثاني الثانوي، قد فوجئت في امتحانات نهائي الثانوية العامة بحصولها على صفر في جميع المواد ما عدا اللغة العربية التي حصلت فيها على درجة ونصف الدرجة، ما جعلها تتهم إدارة الامتحانات بتبديل ورقة إجاباتها وتتقدم ببلاغ للنائب العام، وبطلب إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي للتدخل الشخصي لإنصافها، كما كتبت الطالبة مقالاً أرسلته لعدد من الصحف قالت فيه: «أنا مريم ملاك ذكري حاصلة على 290 من 300 في الصف الثالث الإعدادي، و289.5 من 300 في الصف الأول الثانوي، و252.5 من 260 في الصف الثاني الثانوي، حافظت على مركزي الأول طوال سنوات دراستي، ولك أن تستدل على ذلك من أساتذتي.. سيدي الوزير تعبي ومجهودي، لن أرضى لا أنا ولا إخوتي بضياعه، مهما كانت التضحيات ومهما كلفنا ذلك، تعبي يساوي حياتي. هل أقبل بظلم، وأنا أحصل على صفر% بعد ما يقرب من 20 ساعة مذاكرة طوال العام ومن بدايته؟! مستحيل، إصراري على موقفي وتمسكي به نابع من أنني مظلومة، هذا الورق المنسوب إلي لا يخصني، وهذا ليس خطي بالمرة. أسألك كيف تقول للإعلام إن هذا خطي؟!

لماذا لم تتحرّ الدقة؟ لماذا لم تستمهل حتى تظهر نتيجة الطب الشرعي وخبير الخطوط؟ هل تخاف على موظفيك من المساءلة القانونية؟ فلماذا لا تخاف الله، هؤلاء لن ينفعوك. سيدي الوزير ثق تماماً أن الله لن يرضى بظلمي، وغداً ستظهر نتيجة الطب الشرعي، وسيظهر لك ولمصر وللعالم كله أنني ظلمت، وأنكم لم تنصفوني، بل سارعتم لإظهار أن هذا الخط المنسوب إليّ هو خطي، وحفظ ماء وجهكم أمام الإعلام. أخيراً.. أقول إنني أثق بعدالة السماء وأن الله لن يضيع تعبي».

وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم في بيان على لسان متحدثها هاني كمال، أن مصر هي دولة مؤسسات، وأن القانون هو الفيصل في الواقعة، كما نفى رئيس كونترول أسيوط شريف طاهر الأمر نفسه، وقال في تصريحات صحافية: «من المستحيل أن تتبدل أوراق إجابة مريم، لأنها قالت إن الورقة المكتوب فيها بياناتها تخصها بالفعل، وعليها توقيع الملاحظين اللذين راقبا عليها في اللجنة».

وأحالت وزارة التربية والتعليم أوراق إجابات مريم الى «الطب الشرعي» لمعرفة ما إذا كانت الأوراق تخصها أم لا، فجاءت النتيجة في غير مصلحة مريم، حيث طابق خطها المكتوب على ظاهر الورقة الخط الموجود بالداخل، لكن مريم وأسرتها شككوا في الطب الشرعي واتهموه بعدم الحيادية، كما طالب محامي مريم (إيهاب رمزي) بإجراء استكتاب لها، في حضور الطب الشرعي على الهواء مباشرة على الفضائيات.

وقدم رمزي تظلماً جديداً، أول من أمس، برقم 15620 للقائم بأعمال النائب العام، طالب فيه بإعادة فتح التحقيقات وإعادة استكتاب الطالبة بالطب الشرعي بالقاهرة. وقال «إنه تقدم بالتظلم لعرض الأوراق على الطب الشرعي بالقاهرة لوجود شبهة مجاملة في أسيوط».

كما أصدرت أسرة الطالبة مريم بياناً حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه قالت فيه: «بخصوص ما صدر من تصريحات على لسان المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي، من عدم ثبوت واقعة التزوير لمطابقة الخط المستخدم بأوراق الإجابات المنسوبة لمريم مع نتائج الاستكتاب، تؤكد أسرة الطالبة (مريم ملاك ذكري) على رفضها لتلك التصريحات شكلاً ومضموناً، وتشكك في صحة النتيجة المُعلنة، وتؤكد عزمها الطعن عليها بكل السُبل القانونية. وتأسف الأسرة كل الأسف لصدور هذا القرار الذي اعتبرته (سياسياً) يستهدف تبييض وجه الوزير، وتغطيته على جرائم تزوير وتلاعب بنتائج الطلاب، لم تكن (مريم) أولى ضحاياها ولن تكون الأخيرة، ويُبرهن على ذلك العديد من البلاغات المُقدمة من أولياء أمور الطلاب، فضلاً عن بلاغات وشكاوى قدمها أعضاء في كنترول أسيوط (محل الواقعة)، تتهم رئيسه ووكيله بالاستعانة بـ12 عضواً مُستبعدين من العام الماضي، لتهم تتعلق بالتلاعب وتزوير النتائج لمباشرة أعمال التصحيح والمراجعة لعام 2015.

وتؤكد الأسرة على تمسكها بحق (مريم) في النجاح والتفوق، واستكمال مشوارها لفضح الفساد والتزوير بكل وسيلة قانونية.

وتَدعو الأسرة إلى فتح تحقيق نزيه وشفاف بمعرفة قاضٍ مُستقل، ولجنة من خبراء الخطوط المُستقلين لإصدار تقرير مُحايد يرتقي فوق الضغوط السياسية، ولا ينحاز لمسؤول فاسد على حساب الحق والعدل.

وتتوجه الأسرة بنداء ليس هو الأول من نوعه إلى الرئيس السيسي، عله يستجيب، وهو الأحرص على سُمعة بلادنا ومصلحة الأجيال الناشئة، فيتدخل لرفع الظلم ونُصرة الحق بمعزل عن أيادي الفاسدين، لئلا يتفشى ضررهم ويتعاظم خطرهم، فيفقد الشعب ثقته في حُكمكم الرشيد، وساعتئذٍ فليس لنا إلا الله ندعوه وهو أعدل العادلين».

من جهته، أعلن الفنان محمد صبحي تعاطفه مع الطالبة مريم واستعداده لإرسالها على نفقته الخاصة لإكمال تعليمها بالخارج. وقال صبحي خلال مداخلة مع قناة «سي بي سي»: لا تفقدي الثقة في نفسك وستحصلين على حقك، ولا تغضبي من بلدك مصر، ولو تعليمك سيكون فى الخارج، سيكون على نفقتي وحسابي الخاص.

كما أعلن الأديب علاء الأسواني، وعدد من الشخصيات العامة تعاطفهم مع مريم، وأسس نشطاء عدة صفحات على «فيس بوك»، أبرزها «دموع مريم»، و«كلنا مريم ملاك».

هذا وقد فجرت قضية مريم ملاك، قضية أخرى شبه متطابقة معها لطالبة تدعى مروة محمد عيسى، من إدارة فوه كفر الشيخ، والتي صرح والدها لجريدة «اليوم السابع» بأن ابنته حصلت على «صفر» فى جميع مواد السنة الثالثة، مشيراً إلى أنها متفوقة، وحصلت على 93% بالصف الثاني الثانوي، و95% فى الشهادة الإعدادية، كما فجرت قضية 40 طالباً حصلوا على «صفر» في امتحانات الثانوية العامة، و50 ألف طالب طالبوا بإعادة تصحيح أوراق امتحاناتهم في الشهادة نفسها.

وقال مسؤول تعليمي سابق شارك في كنترول الثانوية العامة محمود عبدالستار، استطلعت رأيه «الإمارات اليوم»: «هناك قواعد معروفة لورقة الإجابة الخالية التي يحصل الطالب بموجبها على (صفر)، وهي أن المراقب حين يتسلمها يدعو الطالب إلى أن يوقع عليها بأنه لم يجب على الأسئلة بمحض إرادته، ويعمل لها محضر وتسلم بمظروف خاص، ثم يوقع عليها مستشار المادة شخصياً، بأن الطالب يستحق (صفراً)، فهل اتخذت هذه الإجراءات الخاصة بعد ما تكشف أن هناك 40 طالباً حصلوا على صفر في جميع المواد».

وقال الخبير التربوي د.جمال أبوالمجد، لـ«الإمارات اليوم»، إن «قضية الامتحانات برمتها تحتاج إلى مستوى جديد من التعامل، بعد أن سادتها الاختراقات، فقد خضنا تجربة الامتحانات هذا العام وسط تسريبات وصفحات علنية للغش استمرت حتى اليوم الأخير رغم كل محاولات إغلاقها، ثم خرجت علينا قضية إعادة التصحيح التي كانت بالعشرات وأصبحت بالآلاف، والآن ندخل الى مستوى جديد من التشكيك في فقدان مصداقية الامتحانات والاتهام بتبديل أوراق الإجابات وشيوع ظاهرة أوراق الصفر».

وقال رئيس المركز القومي للبحوث السابق د.هاني الناظر، أمس، على صفحته على «فيس بوك»: «في قضية الطالبة (مريم) صاحبة الصفر الشهير، لإنهاء الأزمة ووقف حالة الجدل المجتمعي الدائر، على الوزارة عقد امتحان خاص وسريع خلال الأيام القليلة المقبلة لمريم في جميع المواد، ويتم تصحيح الأوراق وعرض النتيجة بصورة علنية أمام الرأي العام، لحسم هذا الجدل، فإذا كانت الطالبة فاشلة فمن المؤكد أنها سترسب بنفس النتيجة مرة ثانية».

هذا وقد راجت أنباء، أمس، نشرتها صحف مصرية مثل «الفجر» عن تقدم وزير التعليم محب الرافعي باستقالته، بعد وصول قرائن جديدة تؤكد تزوير أوراق ملاك، لكن الناطق الرسمي للوزارة هاني كمال نفى رسمياً صحة هذه الأنباء.

تويتر