استعراض عضلات عن طريق التدريبات والمناورات

«الناتو» وروسيا يمارسان ألعاباً خطرة

صورة

تقوم كل من روسيا والدول الغربية باستعراض العضلات عن طريق التدريبات العسكرية الكبيرة، على الرغم من أن كلا الطرفين يتهم بعضه بعضاً بأن كلاً منهما يكنّ نوايا سيئة للآخر. فهل بدأ قرع طبول الحرب؟ الجواب على ذلك هو لا، لكن علينا أن نفهم السبب الحقيقي خلف هذه المناورات العسكرية، وهذه المخاطر.

وفي الوقت الحالي، فان «عمليات البلطيق» التي يقودها حلف «الناتو» هي عبارة عن مناورات للسفن الحربية والجنود من 17 دولة في بحر البلطيق، وتتضمن دولاً ليست من «الناتو» مثل جورجيا وفنلندا، وتقوم بعمليات حربية مشتركة، مثل الهجوم على الشواطئ. وخلال الشهرين الجاري والمقبل ستقوم قوات «الناتو» بتنفيذ «مناورات هجوم سابر» في المنطقة أيضاً، حيث تختبر هذه المناورات الاستعداد المرتفع جداً للقوات الخاصة لدى هذه القوات المشتركة.

وفي هذه الأثناء، فإن روسيا لا تهدأ، حيث أجرت تدريبات بالقوات الجوية، إضافة إلى مناورات أخرى شارك فيها نحو 12 ألف جندي في القيادات الشمالية والغربية، بما فيها اللواء العسكري في القطب الشمالي في مدينة كولا. وفي الوقت ذاته فإنها تقوم بدوريات بالطائرات القاذفة في مناطق واسعة من أجواء روسيا وأحياناً في أجواء دول «الناتو».

وهذه العمليات مكلفة جداً، وعلى سبيل المثال فإن «مناورات راية فريسيان» التي أجريت في شهر أبريل شاركت فيها 12 طائرة إف 15 مقاتلة، وتكلف كل ساعة الطائرة الواحدة منها في الجو 42 ألف دولار، كما أنها تكون تحريضية على الصعيد السياسي، إذ إن سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها دوريات الطائرات القاذفة الروسية أثارت مخاطر اصطدام الطائرات في الأجواء أو مشكلات في مراقبة الطيران المدني. واستناداً إلى كل ما سبق: لماذا كل هذا الاضطراب؟

في البداية، إنها نشاطات تدريبية، حيث يقوم قادة القوات بالتدريب على عمليات عسكرية محتملة، وجعل هذه القوات المشتركة تعتاد على العمل مع بعضها بعضاً وصقل مهاراتها، وهذا أحد الأسباب التي تجعل من المهم مراقبة الأعداء المحتملين، كما أنها تزود تلميحات ثمينة عن النوايا العسكرية، إضافة إلى قدراتهم. وفي واقع الأمر فإن هذه المناورات تمثل فرصة للتضليل بين الطرفين وكذلك للتواصل، إذ إن موسكو لا تفكر في افتعال الحرب مع «الناتو» الذي بدوره لا يفكر في ذلك أيضا.

وبناء عليه فإن التدريبات والمعارك العسكرية الرمزية تصبح تظاهرة للنوايا. وهذا الأمر لا يقصد به تخويف الآخرين وإنما تطمين الحلفاء أيضاً. وعلى سبيل المثال فإن تدريبات «الناتو» النظامية في دول البلطيق يقصد منها تحذير موسكو بأنه بغض النظر عن موقف «الناتو» في أوكرانيا فإن الاعتداء على أي دولة غربية سينطوي على الكثير من المخاطر، لكن هذه التدريبات يقصد بها دعم الروح المعنوية لدول البلطيق، وتمنع شعب المنطقة من التفكير في أن عقد أي اتفاقية مع روسيا هو أهون الشرور.

ويبدو الأمر مهماً في وقت تظهر استطلاعات الرأي مشاعر وطنية في العديد من دول حلف «الناتو»، تدعو إلى عدم دعم الحلفاء، ففي ألمانيا بصورة خاصة، أشار استطلاع أخير للرأي إلى أن 29% من السكان يلقون باللوم على موسكو في ما يحدث من أعمال عنف في أوكرانيا، كما أن الغالبية يعارضون تقديم الدعم لحلفاء «الناتو»، الذين يواجهون التهديد الروسي.

والمشكلة أن الكثير من سكان العالم الغربي بدأوا يأخذون هذه المناورات والمعنى العلني والضمني الذي تنطوي عليه كما هي في شكلها الظاهر المخيف، فموسكو تريد نشر صواريخ إسكندر التي تحمل رؤوساً نووية، وإذاً.. ماذا بعد؟ من الناحية النظرية، فإن ذلك يعني أن هذه الصواريخ يمكن أن تضرب برلين، لكن هل من الممكن أن تحدث حرباً نووية؟

 

تويتر