شاركت في سلسلة عمليات رداً على هزيمة 1967.. وحُكم عليها بمؤبدين و10 سنوات

فاطمة برناوي.. أول أسيرة«فتــحاوية» في سجون الاحتلال الإسرائيلي

صورة

كرّمت قوى سياسية وشخصيات وطنية مصرية في مقر حزب التجمع الوطني التقدمي، مطلع الأسبوع الجاري، أول أسيرة فلسطينية من منظمة مقاومة، هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، اللواء فاطمة برناوي، حيث صدر عليها حكمان بالسجن المؤبد، وثالث بـ10 سنوات، بعد القبض عليها في عملية فدائية، وحضر التكريم سفير فلسطين السابق في القاهرة بركات الفرا، وقيادات من اتحاد المرأة الفلسطينية، وجبهة نساء فلسطين ومصر، وشخصيات مصرية زاملت برناوي في العمل الفدائي وتجربة النضال المشترك مع القوى الوطنية والمقاومة الفلسطينية في الحرب الأهلية اللبنانية.

نجاحات كبيرة في ظروف صعبة

أحبت فاطمة برناوي الزعيم الراحل، جمال عبد الناصر، وقد تفتّح وعيها على أفكاره ونضالاته، وحبه لفلسطين، ووعيه القومي العربي، كما أنها تعتبر ياسر عرفات الأب والأخ والزعيم والمعلم، مشيرة إلى أنها مع ذلك كانت تعبر عن آرائها المعترضة أحياناً في وجوده. وقالت إنها بعد عودتها إلى فلسطين أوكل إليها عرفات مهمة تأسيس شرطة نسائية، وأنجزتها بنجاح على الرغم من الصعوبات التي تقابل المرأة في مجتمعاتنا العربية عند تنفيذ مهام من هذا النوع، حيث لاتزال بعض العقليات لا تتقبل أن تقوم المرأة بمهمة إيقافه او سؤاله عن هويته، أو تحرير مخالفة له.

ويعد الاحتفال ببرناوي في القاهرة، في هذه الفترة، يمثل انتصاراً للمثل العليا والتضحيات النبيلة، في زمن يسخر البعض من النضال والمناضلين، وفي وقت لم تعد القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، بل ولم تعد قضية من الأساس عند بعض الأنظمة.

ولدت برناوي في القدس المحتلة عام 1939، حيث كانت عائلتها تقيم قرب باب المغاربة، وقاتل والدها إلى جانب الحاج أمين الحسيني، بينما عملت هي مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قلقيلية، وانضمت إلى حركة فتح عام 1965 مع شقيقتيها فاطمة وإحسان، ثم أوكل إليها تنفيذ عملية فدائية ضمن سبع عمليات قررتها فتح عام 1968 رداً على هزيمة يونيو 1967، وقبض عليها أثناء تنفيذ العملية، وهي محاولة تفجير سينما صهيون في 8 يناير 1968، وأفرج عنها بعد 10سنوات عام 1978، ليتم إبعادها عن الوطن الذي عادت إليه لتؤسس الشرطة النسائية الفلسطينية، وتحصل على رتبة لواء عام 1994.

وقالت فاطمة برناوي إن «العملية التي قامت بها كانت تتلخص في أن تترك المتفجرات في السينما، وتخرج بحجة أنها مريضة وليست عملية استشهادية، وأنها فعلت ذلك وتركت مقعدها بحجة الذهاب لدورة المياه، لكنّ أميركياً شك في الحقيبة المتروكة فأبلغ الكنترول وتم القبض عليها، ليتم الحكم عليها بالسجن المؤبد مرتين، الأولى بتهمة حيازة أسلحة والثانية للشروع في تفجير، كما حكم عليها علاوة على ذلك بالسجن 10 سنوات بتهمة الانضمام لمنظمة غير شرعية». وشددت برناوي على «أنها كانت أول أسيرة فلسطينية من فتح، لكنها لم تكن أول فلسطينية مقاومة حيث سبقتها في ذلك نايفة قهوجي وإخلاص علي من فلسطينيي 1948، اللتان سبقتاها إلى السجن وزاملتهما هناك. كما سبقها في النضال حياة البلبيسي التي كانت تضمد جراح المقاتلين». وقالت برناوي «إنها قابلت الحكم عليها بالغناء لأنها مؤمنة بقضية شعبها وقداسة وطنها، وإن دخولها السجن كسر حاجزاً أمام المرأة الفلسطينية، حيث كان المجتمع المحافظ يمثل بتقاليده حاجزاً أمام مشاركتهن الرجال في النضال الثوري لتحرير الوطن المغتصب». واستطردت برناوي أن «القبض عليها أتى بعكس المأمول منه إسرائيلياً، إذ تسبب في إلهام عشرات الفتيات الفلسطينيات للاشتراك في العمل الفدائي، حيث قدمت إلى السجن، في عام 1969 وحده، ثماني فتيات فدائيات، منهن عائشة عودة ورسمية عودة».

وروت برناوي عن زواجها بالمناضل الفلسطيني فوزي نمر، الذي كان أبوعمار ولي أمرها فيه، بينما كان أبوجهاد ولي أمر نمر، وقالت إن نمر اختار طريق النضال بإصرار، حيث كان يقيم في عكا من فلسطينيي 1948، وقال بعد أسر الفتيات الفلسطينيات إن البنات يتحركن والرجال صامتون، وتقدم إلى حركة فتح لتضمه إلى صفوف مقاتليها فلم ترد عليه، ثم تقدم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ففعلت الشيء نفسه، حيث كان هناك موقف غير موضوعي وقتها من فلسطينيي 1948، مؤكدة أن ما تراه اليوم هو موقف عجيب، حيث إنهم هم الذين تمسكوا بالأرض والبقاء، وتعرضوا لقهر الاحتلال المنظم، واضطر بعدها أن يختار طريق العمل الفدائي مع مجموعة لا تتبع لأحد.

ونوهت برناوي إلى أن فوزي نمر قام مع مجموعة من رفاقه بعمليه فدائية قصفوا فيها مصفاة نفط إسرائيلية، رداً على القصف الإسرائيلي الهمجي لمدرسة بحر بحياة عشرات الأطفال، وهز الرأي العام وقتها. وقالت برناوي إن مسيرة نضالها لم تقتصر على عملية «سينما صهيون» التي اعتقلت بسببها، بل إنها شاركت في محاولة لإنقاذ جنود مصريين من «صاعقة 23» عام 1967، كما أنها شاركت في تخطيط وتنفيذ عملية هروب لثوريات فلسطينيات مع رسمية عودة وعايشة عودة، بحفر نفق من داخل السجن إلى خارجه، وكادت تكلل بالنجاح لولا وشاية سجينة يهودية.

من جهتها، قالت المناضلة اليسارية المصرية القيادية في حزب التجمع، شاهندة مقلد، زوجة شهيد المعركة ضد الإقطاع في مصر الستينات، صلاح حسين، إن «هناك علاقة نضالية وأسرية تربطها مع حنان برناوي ضمن فصولها التقائهما على أرض لبنان، أثناء الغزو الإسرائيلي عام 1982». وروت مقلد لقطات إنسانية قامت فيها برناوي بمتابعة أبناء شاهندة، أثناء وجودهم في أماكن القصف الإسرائيلي، كما روت عن إنقاذها الشاعر حلمي سالم الذي كان هناك.

وتحدث رئيس الحزب الاشتراكي، أحمد بهاء شعبان، والدكتور حسنين أمين، اللذان كانا ضمن صفوف الثورة الفلسطينية في لبنان، عن ذكرياتهما مع برناوي التي كانت تلعب دور «أم المقاتلين»، كما كانت تقوم برعاية ومتابعة خاصة للمناضلات في صفوف الجبهة الوطنية اللبنانية ـ الفلسطينية. وقال نائب رئيس حزب التجمع، عاطف مغاوري، إن احتفال التجمع مع اتحاد المرأة الفلسطينية، وجبهة نساء مصر وفلسطين بفاطمة برناوي يأتي اتساقاً مع موقف الحزب المنحاز للقضية الفلسطينية والثورة الفلسطينية، وموقفه الرافض لاتفاقات كامب ديفيد، ودفعه تضحيات متواصله من قبل مناضليه في مواجهة المعاهدة والتطبيع.

من جهته، قال الناطق باسم حزب التجمع، الصحافي نبيل زكي «إن الاحتفال ببرناوي في القاهرة في هذه الفترة يمثل انتصاراً للمثل العليا والتضحيات النبيلة، في زمن يسخر البعض من النضال والمناضلين، وفي وقت لم تعد القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، بل ولم تعد قضية من الأساس عند بعض الأنظمة». وأشار زكي إلى أن العدو الآن اصبح اسمه المذهب السني أو الشيعي أو الطائفة الكلدانية أو الكردية أو المسيحية، لكن لم يعد عند البعض اسمه التغول الصهيوني أو الإسرائيلي، وأن ما يتم من تفكيك للأوطان والدول، وتحويل العالم العربي إلى دويلات متقاتلة، لا يصب في نهاية المطاف إلا في مصلحة دولة واحدة في المنطقة هي إسرائيل.

تويتر