«النهضة» أقرّ بالهزيمة.. ووعد بدعم الحكومة الائتلافية

تونس.. تجربة عربية واعدة في الديمقراطية

صورة

في 26 أكتوبر الماضي فاز حزب «نداء تونس» العلماني بالأغلبية في البرلمان، عندما حقق نحو 35% من مقاعد البرلمان، وأصبح لديه الفرصة ليشكل حكومة ائتلافية جديدة. وفاز حزب «النهضة» الإسلامي، الذي يقود الحكومة التونسية الحالية بـ25% من المقاعد، في انحدار واضح عن الانتخابات البرلمانية السابقة، عندما فاز بـ40% من الأصوات.

واعترف قادة حزب «النهضة» بالهزيمة، ووعدوا بدعم الحكومة الائتلافية الجديدة في تونس. ومن ثم عرضوا المشاركة في حكومة وحدة. وبالنظر إلى الفوضى السائدة في ليبيا وسورية، فإن التنازلات التي يقدمها «النهضة» تعتبر أخباراً مشجعة.

وعلى الرغم من أن قادة حزب «نداء تونس» يصرون على أنه لن يكون لـ«النهضة» أي دور في الحكومة الجديدة، إلا أن الحسابات تقول غير ذلك. ويعرف قادة حزب «نداء تونس» أن إنشاء ائتلاف حكومي بأحزاب صغيرة يعتبر اقتراحاً صعباً. وكان الائتلاف الهش الذي شكله «النهضة» مع حزبين صغيرين يسارين ترتيباً غير فعّال، وساهم في جعل الحكومة تبدو كأنها غير ناجحة. ولم يقدم ائتلاف «النهضة» أي برنامج متماسك لمعالجة المشكلة التي أدت إلى اندلاع الثورة في تونس، وهي الركود الاقتصادي.

ويمتلك حزب «نداء تونس» برنامجاً اقتصادياً، ويعتبر نفسه «حداثياً» ويفضل التجارة، والنمو الاقتصادي عبر المشروعات الحرة (أي الاقتصاد الليبرالي بالمعنى التقليدي)، ولكن خلال الانتخابات ركز الحزب على القضايا الأمنية. وخلال السنتين الماضيتين، قامت الخلايا الإرهابية، التي يرتبط بعضها بجماعات إرهابية اسلامية في ليبيا، مثل «أنصار الشريعة»، بتنفيذ هجمات عدة في تونس.

واتهم حزب «نداء تونس»، حزب «النهضة» بأنه يتراخى أمام الإرهاب الإسلامي، وربط ذلك الاتهام أمام العامة بانعدام الثقة بالإسلام السياسي منذ أمد بعيد. وجاء اغتيال الناشط المعارض محمد البراهمي في يوليو 2010، كصدمة للخصوم السياسيين لـ«النهضة»، وفي اكتوبر 2013 دفع الإسلاميين إلى الموافقة على الانتخابات الجديدة.

وتحدث حزب «نداء تونس» عن تقارير تقول، إن 3000 متشدد اسلامي تونسي ربما يقاتلون في سورية. ولتفادي خطر المتشددين في الانتخابات، اقتحمت الشرطة، والقوات الخاصة التونسية مخابئ المتطرفين بالقرب من مدينة تونس وقتلت ستة منهم قبل الانتخابات بيومين.

وخلال تبادل الاتهامات، أشار سياسيو حزب «النهضة» إلى أن حزب «نداء تونس» ما هو إلا واجهة لنظام الرئيس السابق الدكتاتور، زين العابدين بن علي. ويعتبر الباجي قائد السبسي، الذي درس في باريس، شخصية قيادية، عمل في الحكومة السابقة، ولكنه عمل أيضاً في الحكومة المؤقتة التي نجمت عن «الربيع العربي»، والتي تنازلت عن الحكم لحزب «النهضة» بعد انتصاره التاريخي عام 2011 في الانتخابات.

وفي عام 2011 كانت الحكومة المؤقتة حكومة «وحدة»، وبناء عليه فإن السبسي يعرف كيف يعمل مع الائتلاف. وبالنظر إلى انتصار حزبه في الانتخابات، فإن هذا الرجل البالغ عمره الآن 89 عاماً، يعتبر الأوفر حظاً لانتخابات رئيس الجمهورية التونسية المقبلة.

ولتطوير تجربته الواعدة في الديمقراطية، يتعين على السبسي أن يبلغ زملاءه العلمانيين والمعتدلين من حزب «النهضة» بأن حل المشكلات الاقتصادية وحماية الأمن الوطني يتطلب التعاون، وليس مجرد «التعايش السياسي». ويرى البعض أن قادة «النهضة» اتعظوا بمن حولهم، ولذلك فإنهم كانوا معتدلين. ولكن أعضاء «النهضة» أنفسهم يقولون إنهم منذ البداية أظهروا التزامهم باحترام نتائج الانتخابات الديمقراطية. وتونس مختلفة عن دول «الربيع العربي» الأخرى، وحسبما ما يقوله حزب «النهضة»، فإن الإسلاميين في تونس يختلفون عن غيرهم.

تويتر