تعدّ نفسها الصوت غير الرسمي لسكان القطاع
فتاة فلسطينية تنقل إلى العالــم مآسي العدوان على غزة عبر «تويتر»
فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 16 عاماً، أصبحت الصوت غير الرسمي للفلسطينيين داخل قطاع غزة، خلال العدوان الإسرائيلي. فكلما اهتزت المدينة تحت الضربات الإسرائيلية تأوي طالبة الثانوية هذه إلى غرفتها، لترسل تغريدات إلى مختلف أنحاء العالم باللغة الإنجليزية، تصف فيها بالتفصيل مدى الخوف الذي ينتابها تحت النيران.
وتغريدات الفتاة تكون مصحوبة بصور فيديو آنية، تروي الضربات الجوية الإسرائيلية، وأصوات مسجلة لطائرات من دون طيار تقصف الأحياء، وصور عن أحدث الخسائر، ومن بين هذه القصص الإنسانية الحزينة يطل صوت الفتاة مرعوباً حزيناً، يعكس الوضع الذي يعيش فيه الأطفال في مثل هذه المناطق المشتعلة. ويمتلئ صوت الفتاة بالفزع، حيث كتبت في 28 من الشهر الماضي، خلال أحد أعنف قصف جوي شهدته غزة، تصف فيه شعورها حيال الوضع الجاري «هذه بلادي، لا استطيع الكف عن البكاء، قد أموت في أي لحظة».
ويتفاعل معها حتى الآن 17 ألف شخص حول العالم تقريباً، أرسلوا لها رسائل دعم ومساندة.
|
«هاكرز» يخترقون مواقع إسرائيلية حسّاسة استطاعت مجموعة من «الهاكرز» من دول عربية عدة اختراق أكثر من 400 موقع إلكتروني إسرائيلي حساس ودمرتها تدميراً كاملاً، من بينها مواقع وزارية وموقع رئيس الحكومة ووزارة الدفاع. ووصفت مجموعة «أنونيمس» (المجهولون) التي شارك أعضاؤها في العملية، بأن هذه الهجمات كانت ممنهجة ونسقت بحيث تكون في لحظة محددة وينفذها كل المهاجمين لتدمير كل هذه المواقع على الشبكة العنكبوتية، وشارك في تنفيذها عناصر من عدد من الدول العربية، بينها الجزائر ولبنان وفلسطين ومصر والسودان والأردن وسورية وتونس والمغرب. وترك القراصنة خلفهم رسائل احتجاج على ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين وحرمانهم من ممارسة حقهم في الحرية وإقامة دولتهم، وعلى استمرار الاستيطان. وفي إسرائيل نقلت مصادر إعلامية عن القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي قولها إن مواقع إسرائيلية عدة، منها وزارة الاستيعاب والمهاجرين وموقع سوق الأوراق المالية وموقع المحاكم الإسرائيلية، جرى إسقاطها من شبكة الإنترنت. ووفق القناة فإن عدد المواقع الإسرائيلية المخترقة بلغ 350 موقعاً في غضون 45 دقيقة من بداية الهجوم. وتحدث موقع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن اختراق القراصنة المهاجمين لنحو 19 ألف حساب لإسرائيليين على موقع «فيس بوك«»، إلى جانب موقع دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل. وقالت الصحيفة إن المهاجمين اخترقوا المئات من عناوين البريد الإلكتروني وكلمات المرور الخاصة بها. كما شمل الهجوم موقع رئاسة الوزراء الإسرائيلية الذي تعطل بالكامل. |
وتقول فرح بكر، في إحدى تغريداتها «انقطع التيار الكهربائي، وظللنا جالسين في الظلمة، الضوء الوحيد الذي يمكننا رؤيته هو ضوء الانفجارات والطائرات من دون طيار، والصوت الوحيد الذي يمكننا سماعه هو صوت دوي القنابل، هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بأنني سأموت، أريد أن أوقف هذه المآسي عندما اصبح كبيرة، ولهذا السبب أريد دراسة القانون».
وتضيء القنابل سماء القطاع في الثالثة صباحاً، أصوات الانفجارات يصم الآذان، ويهتز منزلها مع انفجار الصواريخ، وهذه هي بعض التجارب المفجعة التي عاشتها هذه المراهقة، ونقلتها عبر «تويتر»، حيث استطاعت أن تنقل ولمدة ثلاثة اسابيع للعالم، كيف ظلت محبوسة داخل المنزل، لا تستطيع ان تخرج إلى الشارع أو تزور جيرانها أو تذهب إلى المدرسة.
وتقول فرح، التي عاشت ثلاث حروب على قطاع غزة، إنها اندهشت لرد فعل العالم الخارجي على تغريداتها، «لم أكن أدري أن هناك أناساً في العالم يهتمون بشعوري أو ما حدث في تلك الليلة لقطاع غزة». وتضيف «ولهذا السبب تحمست لفكرة نقل ما يحدث هنا، وما اشعر به في قطاع غزة، وهذا هو ما شجعني على مواصلة هذه التغريدات».
وبدأت فرح بمراسلة 800 شخص، عندما أطلقت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة تحت اسم «الجرف الصامد». وازداد عدد مراسليها بعد ثلاثة أسابيع دموية ليصل إلى 136 ألف شخص، وراسلها أشخاص من الولايات المتحدة إلى باكستان عبر «فيس بوك» والبريد الإلكتروني.
وتعيش فرح خلف مستشفى الشفا الرئيس مباشرة، حيث يعمل والدها طبيب الأعصاب في معالجة عشرات الحالات الحرجة، وتقول انها تقتدي بشقيقتها، رينا، (23 عاماً)، طالبة الماجستير في جامعة لندن للدراسات الشرقية والإفريقية، التي استخدمت وسائل الإعلام الاجتماعية خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2012، وخلفت أختها على هذه المهمة خلال غيابها في العاصمة البريطانية.
الكثير من متابعيها يقولون إنها هي المصدر الوحيد الذي يستمدون منه آخر المستجدات عن العمليات في القطاع، وتقول إنها تشعر بأنها الصوت غير الرسمي للفلسطينيين هناك. وتسترسل قائلة «أود أن أفعل شيئاً مختلفاً، أن أوثق كل شيء وأوصله إلى العالم»، وتعتقد بأن الصحافيين ينقلون الأحداث إلى العالم كما هي، لكنها تريد أن تنقل الجانب الإنساني من خلال هذا الوضع المأسوي.
وتعتبر غزة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، حيث يعيش هناك أكثر من 900 ألف شاب، ومعظم السكان دون الـ18، وقضى تقريباً 300 طفل منذ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير، أي ما يصل إلى ثلث ضحايا العملية الإسرائيلية. وتقول فرح إن الخوف من الموت يغذي شعور معظم الأطفال، وتعبر هي عن نفسها قائلة «لا أستطيع أن أنام أو آكل ولا حتى أستطيع فعل أي شيء باطمئنان، ولا أفعل سوى الجلوس للاستماع للمذياع وإرسال التغريدات، وفي بعض الأحيان أضع الوسادة على أذني كي لا اسمع صوت دوي الانفجارات».
وتواصل «إنها المرة الأولى التي اشعر فيها بأنني لست آمنة»، وتقول إن الفلسطينيين يريدون وقف إطلاق النار، لكن فقط إذا رفعت إسرائيل الحصار عن قطاع غزة، ذلك الحصار الذي ظل يخنقها لثماني سنوات متواصلة، وإذا لم يتحقق ذلك فهذا يعني القضاء على أكثر من 1800 فلسطيني آخر وتدمير منازلهم وبنيتهم الأساسية. أكثر المناطق المتأثر بهذه العملية الإسرائيلية تلك الواقعة على بعد كيلومتر واحد من حدود القطاع الشمالية مع إسرائيل، حيث أخلاها الإسرائيليون لتصبح منطقة عسكرية عازلة.
المدنيون الذين عادوا أول من أمس، لأول مرة إلى مناطقهم بعد انسحاب الجنود الإسرائيليين تكتيكياً، شاهدوا مدى الدمار الذي لحق بممتلكاتهم، وتلك الروائح العالقة بالجو جراء تحلل وتعفن الجثث، وتبدو البنايات كأنما حطمها حيوان أسطوري. وتقول المواطنة، (أم زين ــ 36 عاماً)، التي ظلت تبحث عن منزلها دون جدوى «إنه تدمير كامل، ليس هناك شيء قائم على أصوله».
وفي قرية مجاورة يرى المارة أحذية مبعثرة هناك، ولعب أطفال هو كل ما تبقى من غرفة في منزل تم تدميره بالكامل، قضى فيه ثمانية أشخاص، وبالقرب منه يحاول بائعو خضار، طال القصف محالهم، إنقاذ بعض الخضراوات.
ويقول التاجر زيد غابن، «خسرنا ما تساوي قيمته 4000 جنيه إسترليني»، الأسبوع الماضي نجا زيد وزوجته من القصف الإسرائيلي، الذي استهدف مدرسة الأمم المتحدة في جباليا، التي تقع مباشرة جنوب مزرعته، حيث قصدها هو وزوجته بحثاً عن ملجأ، وفقدا ثلاثة من أفراد الأسرة خلال العملية.
وتعكس معاناة المدنيين، لاسيما الأطفال الجرحى والموتى، مأساة تتكشف فصولها كل يوم، ولا يوجد شخص له ضمير حي لم تروعه تلك المآسي، ومع كل الصور المقززة التي يبثها التلفزيون ومع اتهام الصحافيين للناطق الرسمي الإسرائيلي، ووصفهم إياه بأنه قاتل أطفال، فليس هناك من شك بأن الكثير من أفراد المجتمع الدولي استشاط غضباً حيال إسرائيل.
عودة إلى مدينة غزة، حيث دهمت المدينة مجموعة من الصواريخ الإسرائيلية، تقول فرح، إن هناك أملاً ضئيلاً للمدنيين، نظراً لحجم الدمار الذي لحق بالمنطقة، وتختتم تغريداتها بنظرة تشاؤمية «لا أعتقد بوجود أي مستقبل لنا هنا في غزة، لقد تركنا التخطيط المستقبلي قبل فترة طويلة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news