الصراع الجاري فيها أقرب إلى الحرب الأهلية

أوكرانيا تواجه مصير يوغسلافيا التسعينات

ميليشيات موالية لروسيا خلال تظاهرة ضد كييف في بلدة يونستك الأوكرانية. أ.ف.ب

يشبّه مراقبون ما يجري في أوكرانيا حالياً بما حدث في يوغسلافيا خلال فترة التسعينات، ففي الوقت الذي أصر سياسيون في يوغسلافيا حينها على أن الأمور تحت السيطرة وأن البلاد ستظل موحدة، انتهت الأمور إلى ما هو معروف، وخرجت إلى وجود دويلات انقسم بعضها لاحقاً إلى كيانات منفصلة. الأمر الذي يشبه إلى حد كبير المعطيات الحالية في أوكرانيا. وبدأت الأزمة في يوغسلافيا عندما تساهل الساسة في مصير سلوفينيا، إذ لا يوجد به أقلية صربية، وكان الجيش اليوغوسلافي يقوم بمهماته لمصلحة صرب يوغوسلافيا وليس لمصلحة المكونات الأخرى. وعندما قرر الشعب إلغاء اللغة الروسية على كل المستويات وصف الإعلام آنذاك الخطوة بعديمة القيمة، وأنها من تداعيات على «الثورة»، رغم أن ذلك يعد ضربة قوية لروسيا التي لاتزال تهيمن على شرق أوروبا. يرى الأوكرانيون الذين يريدون الاندماج في الاتحاد الأوروبي أن اللغة الروسية هي المشكلة الأهم، وربما أكبر من الديون المتفاقمة والفساد وانخفاض مستوى الولادات المتدني. ويبدو أن سمعة أوكرانيا التي اشتهرت بكونها مكاناً آمناً يعيش فيه مختلف الأطياف والأعراق، قد تلاشت، وبات المتطرفون في البلاد يطبقون المبادئ نفسها التي تبناها متشددون في اليمين المتطرف الكرواتي في التسعينات، منهم روزا تومازيتش الذي قال «كرواتيا للكروات والبقية هم ضيوف هنا». يقول المحلل السياسي الروسي ألكسندر بافيك «أنا قلق جدا بشأن الوضع في أوكرانيا». ويرى المحلل أن الأحداث الجارية هي تكرار لما جرى قبل 20 عاماً عندما عمل الغرب على أن تكون أي تسوية سلمية يتم التوصل إليها في خدمة مصالحها الخاصة. وعوضاً عن التوصل إلى اتفاق سلام في يوغسلافيا في وقت مبكر من عام 1991، اضطرت المنطقة لخوض أربع سنوات من حرب أهلية دامية حتى عام 1995، حسب بافيك، عندما حصلت الدول الغربية على ما أرادت. وبعد ذلك فتحت جبهة جديدة مرة أخرى في عام 1999، بقصف مواقع مختلفة في يوغسلافيا، ويرى المحلل أن القوى الغربية تؤيد «الإرهابيين» في كوسوفو، وهي تدعمهم إلى اليوم.

أما النائب في البرلمان الروسي ميخائيل ماركيلوف فيدعو إلى محاكمة القادة الأوكرانيين الحاليين أمام محكمة لاهاي الدولية، لأنهم مسؤولون عن مقتل العشرات في مدينة أوديسا جنوب أوكرانيا، مضيفاً «بعد مذبحة أوديسا وبعد أن بدأت تستعد لمثلها مدينة لوغانسك وغيرها من المدن الأوكرانية، فإننا ندرك أن أوكرانيا تنتظر مصير يوغسلافيا». وقال إنه مثلما مثُل الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش والجنرال راتكو ملاديتش أمام محكمة لاهاي كطرف في الحرب الأهلية، هكذا يجب أن يمثل قادة كييف أمام المحكمة نفسها.

من جهته، قال النائب الأول لرئيس مجلس الاتحاد الروسي، ألكسندر تورشين، إن «تشكيل لجنة دولية للتحقيق في أحداث أوديسا دون تأخير بات أمراً ضرورياً، لكن تشكيلتها يجب ألا تضم ممثلين عن الاتحاد الأوروبي».

ويرى مراقبون روس أن أي تحقيق في الأحداث الأخيرة يجب أن يشمل ممثلين عن دول غير مرتبطة بالأزمة الأوكرانية، ولا تؤيد أياً من الطرفين. في المقابل يبدو الوضع في أوكرانيا، في نظر البعض، مختلفاً عما كان في يوغسلافيا سابقاً، إذ يوجد في أوكرانيا شرخ ثقافي حضاري بين الأوكرانيين أنفسهم، إذ توجد هناك ثقافة غربية، كما توجد كنيسة غربية كاثوليكية، وتوجد بشكل عام كراهية غربية للمناطق الشرقية من البلاد.

تويتر