تخشى وقوعها بأيدي إرهابيين ينوون استهداف طائرات مدنية

واشنطن تتردد في تزويد المـــعارضة السورية بصواريخ متطورة

صورة

أشار تقرير استخباراتي إلى أن الأسلحة المتطورة التي تعتزم الولايات المتحدة إرسالها إلى المعارضة السورية ستكلف ميزانية الحكومة الأميركية كثيراً، فضلاً عن المخاطر الأمنية التي ستترتب على الصفقة في المستقبل. وتصف وكالة الاستخبارات الأميركية «سي أي أيه» هذه الصفقة بأنه «أسوأ كابوس» يواجه الوكالة. وبإمكان الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف أن تصيب أهدافها بدقة ويمكنها أن تدمر المروحيات والطائرات التي تطير على ارتفاع منخفض. وترى المعارضة السورية المسلحة والحكومات العربية التي تدعمها أن هذا النوع من الأسلحة سيغير مجريات الحرب بشكل جدي، بعد أن باتت الكفة ترجح أخيراً لمصلحة قوات نظام الرئيس بشار الأسد. وفي هذا السياق يقول مسؤول عربي فضل عدم ذكر اسمه لمجلة «تايم»، إن «دخول نظام الدفاع الجوي المحمول إلى المعركة قد يغير اللعبة في سورية كما حدث في أفغانستان في الثمانينات باستخدام صواريخ ستينغر المحمولة». ويرى المسؤول أن إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما بدأت تدرس الأمر بشكل أكثر جدية الآن. وتقول مصادر أخرى إن المسألة يتم يتم نقاشها في البيت الأبيض ولكن هناك شكوك قوية فيما يخص الحكمة في تزويد الثوار بالصواريخ المحمولة.

تغيير استراتيجية الحرب

يرى مراقبون ان دخول نظام الدفاع الجوي المحمول إلى المعركة سيغير اللعبة في سورية كما حدث في أفغانستان في الثمانينات باستخدام صواريخ ستينغر المحمولة الأميركية الصنع. في المقابل يشكك خبراء في فعالية الصواريخ الحمولة وأنها لن تحد من حركة الطيران الحربي في سورية. ويرى الخبير العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنثوني كودرسمان أن استخدام الصواريخ قد يجعل الرئيس السوري بشار الأسد يغير استراتيجيته الحربية ويركز على سلاح المدفعية. ومايزال الجدل قائما حول هذه التقنية ويتساءل الخبراء أيضا عن فعالية الصواريخ والنماذج التي ستقدمها واشنطن للمعارضة السورية، وكيفية تدريب المتمردين على استخدامها وقدرة قوات المعارضة المختلفة على التنسيق فيما بينها للاستفادة من المكسب الجديد على أرض المعركة.

يأتي ذلك في الوقت الذي تداولت تقارير حديثة استخدام المعارضة لأسلحة مضادة للدروع مصنوعة في الولايات المتحدة. ويقول الخبراء إنه من غير المرجح أن تصل هذه الأسلحة إلى الثوار من دون موافقة واشنطن، كما لا يرجح مراقبون أن تغير مضادات الدروع من مجريات الحرب في حين يمكن للصواريخ المضادة للطائرات أن تفعل. وبنسبة لرئيس لا يريد أن يتدخل بشكل مباشر في الصراع حصد أكثر من 100 الف ضحية إلى الآن، فإن تزويد الثوار بمضادات جوية قدي يكون حلاً سهلاً من أجل الإطاحة بالأسد.

واستغل الدكتاتور السوري تفوقه الجوي في دك معاقل المعارضة وتزويد قواته المعزولة إضافة إلى إجبار المدنيين لإخلاء المناطق التي يسيطر عليها الثوار من خلال بث الرعب فيهم بالقصف المدمر.

إلا أن تزويد المسلحين بأسلحة خفيفة ذات فعالية عالية ينطوي على مخاطر كبيرة، فالمسؤولون في البيت الابيض يخشون من أن تقع أنظمة ما يعرف بأسلحة الدفاع الجوي المحمول في أيدي إرهابيين ينوون استهداف طائرات مدنية. في وقت تسيطر فيه المجموعات الراديكالية والمتشددة على المعارضة المسلحة، وقد هاجمت عناصر متشددة مقراً عاماً تستخدمه مجموعة معتدلة وقاموا بسرقة الأسلحة المخزنة هناك.

ويتوجس مسؤولون في الأمن القومي الأميركي من حصول تنظيم القاعدة على مضادات جوية. ووصف مدير «سي أي ايه» السابق، الجنرال ديفيد بترايوس الأمر ب«الكابوس». وأشارت دراسة لمؤسسة «رند» أجريت في 2005، إلى أن إسقاط طائرة واحدة بواسطة أنظمة الدفاع الجوية المحمول قد يجمد الرحلات الجوية حول العالم بشكل مؤقت وسيتكبد الاقتصاد العالمي جراء ذلك خسارة فادحة تصل إلى 15 مليار دولار. ولهذا السبب ساهمت وزارة الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات في رصد وتتبع الصواريخ المحمولة التي اختفت بعد الإطاحة بنظام (الرئيس الليبي السابق) العقيد معمر القذافي في 2011.

في المقابل يعتقد مسؤولون نافذون في واشنطن أن الأمر يستحق المجازفة. وأشار السيناتور الجمهوري جون ماكين أخيراً إلى أن هدف استخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة التي تحوي شظايا بدائية والتي يتم إلقاؤها من المروحيات هو قتل المدنيين. ويقول «أريد أن تسقط هذه الطائرات من أجل وقف المجازر الفظيعة التي يرتكبها النظام»، ويوضح أنه على استعداد لتحمل مخاطر وقوع هذه الأسلحة في الأيدي الخاطئة لأنه يتعين حينها على الأميركيين أن توقفها. ووفقا لمسؤول في الكونغرس على اطلاع على القضية فإن إدارة أوباما مستعدة لتحمل المخاطرة، في حال حصلت على مزيد من الضمانات والثقة في الإجراءات المتخذة للسيطرة ومراقبة حركة السلاح داخل سورية. وقد تتضمن الخطة تزويد المعارضة بالصواريخ بكميات قليلة جداً، صاروخ أو عدد قليل كل مرة، من أجل مراقبة المعارضين الذين يمكن أن يقدموا دليلاً على استخدامها قبل أن يتم تزويدهم بالمزيد. وهذا الأسلوب تم اقتراحه من قبل المسؤولين السعوديين، الذين ربما يكونوا الممر الذي سوف يمر من خلاله هذه الأسلحة المحمولة المتطورة. إلا أن تقديم هذه الأسلحة بأعداد محدودة سوف يكون له تأثير محدود على ساحة المحركة في حين قد تزيد الكميات الكبيرة من خطر سقوط بعضها في الأيدي الخاطئة.

ويدرس مسؤولون في الاستخبارات والبيت الأبيض حاليا إمكانية استخدام تقنية التتبع »جي بي اس« والتحكم عن بعد التي يمكن أن تجعل من هذه الأسلحة عديمة الفائدة إذا استخدمت خارج المناطق المتفق عليها. ويقول مسؤول في البيت الأبيض، «تفكر الإدارة من خلال هذا المنظور ولكن الشكوك تساورهم إلى الآن»، ويضيف«كيف يمكن استخدام تقنية التحكم عن بعد في حين لا يمكن التراجع عن ذلك على الأرض». وفي السياق نفسه أشار مسؤول سابق عمل في الأمن القومي في فترة حكم (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش الابن، إلى إمكانية التحكم في عمر الصواريخ المحمولة، حيث أنها تصمم لتعمل ل 20 عاما أو أكثر. ويقول إنه «يمكنك التحكم في أنظمة التقادم في هذه الأنظمة الدفاعية». ويقترح الخبير العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنثوني كودرسمان وضع «ساعة مؤقتة» تعطل الأسلحة ما لم يعاد تحديث الرموز السرية بشكل دائم. ويرى خبراء أمنيون أن الأمر خاضع للتغيير، فبعض أنواع الصواريخ الحديثة في سورية تحمل «أجهزة أمان» مرتبطة بأنظمة بصمات معقدة تتحكم بالشخص الذي يستخدمها. وفي غضون ذلك لا يجيب هذا التقدم التكنولوجي على تساؤل مهم وهو ما إذا كان يمكن للأنظمة الدفاعية الجوية أن تنقذ الأمور في سورية في الوقت الراهن. في حين يتفق بعض الخبراء العسكريون على أن هذه الأسلحة ربما بإمكانها «تغيير اللعبة»، وهو مصطلح استخدمه متخصص في شؤون الإرهاب من معهد بروكينغز، تشارلز ليستر، إلا أن هذا الأمر ليس موضع إجماع في واشنطن. ويرى كوردسمان ان أنظمة الدفاع الجوي «لن يكون لها دور حاسم إذ لا يمكنها أن تحد من حركة المروحيات واستخدام الطيران الحربي».

تويتر