يحتاجون إلى خيام وتدفئة وملابس شتاء
الأطفال السوريون تحت رحمة الصقيع
الشتاء القارس يفاقم من محنة اللاجئين السوريين الذين يجاهدون لإبقاء أكثر من مليون طفل أحياء في هذه الظروف المأساوية. تتعالى ضحكات الأطفال داخل المعسكرعلى الرغم من تلك الظروف، الأسبوع الماضي بنى الأطفال رجال ثلج في «معسكر بر الياس» في وادي البقاع بلبنان، والآن ذابت الثلوج، وأصبح الوحل هو الذي يوفر المرح للأطفال، بيد أن الكبار يرون الأمور بشكل مختلف، إذ ينعكس الهم على وجوه الأمهات اللاتي يغسلن ملابس أطفالهن من وحل الشتاء، ويبدي الآباء انزعاجهم من الوضع خلال تنظيفهم الثلج من المأوى المتهالك أو إيقاف تسرب المياه من سقوفها.
يقول زياد الذي فر من جحيم المعارك في مدينة حمص السورية، إن «انهمار الثلوج الليلة قبل الماضية كان أسوأ ليلة شتوية شهدتها في حياتي». ويعيش زياد في خيمة واحدة مع 15 فرداً من أسرته الممتدة، من بينهم خمسة أطفال يتشاركون بطانية واحدة، ويضيف «هطل الثلج بشدة لدرجة اننا شعرنا بأن المخيم كله سينهار».
وفر زياد البالغ من العمر 48 عاماً وأسرته من منزلهم المريح في حمص، والذي يضم مزرعة واسعة، عندما انفجرت قذيفة بالقرب من المنزل وانهار بسببها أحد الجدران، وفروا إلى لبنان تاركين حيواناتهم وأملاكهم الأخرى خلفهم، لكنهم الآن يعانون أخطاراً جديدة تتمثل في الجوع والبرد.
ويعتمدون على المعونات، ويأكلون كميات أقل من الطعام تتمثل في الأرز والبرغل من دون زيت أو جبن، ويوفر موقد الحطب الذي اشتروه بمنحة من «منظمة أنقذوا الأطفال» حرارة ضئيلة للغاية. ويقول زياد إن الوقود رطب للغاية ونحتاج إلى ثلاثة أكياس من الحطب في اليوم لتدفئتنا، وفي واقع الأمر يتوافر فقط 50 كيساً من الحطب لما يصل إلى 200 أسرة.
المأساة التي سببتها الحرب في سورية تفوق كل وصف، فقد وصفها تقرير صادر عن الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بأنها «أكبر مأساة إنسانية في العصر الحديث». فقد فر أكثر من 2.4 مليون شخص نصفهم أطفال إلى الأردن والعراق ولبنان. وفي العراق تمتد الخيام لمسافات أبعد من امتداد البصر، ويضم مخيم الزعتري في الأردن أكثر من 100 ألف لاجئ، فقد أصبح المخيم يمثل خامس أكبر مدينة في البلاد. وفي لبنان لم تسمح الحكومة بإقامة مخيمات رسمية، لهذا لجأ اللاجئون لإنشاء مخيمات من ورق الإعلانات الذي التقطوه من المزابل، ويقيمون في مناطق تعج بالأوساخ ولا توجد فيها مياه جارية، كما يقيمون في المباني المهجورة وغير المكتملة أو ينامون على الطرقات، ومعظم الأطفال يسيرون حفاة ويرتدون ملابس رثة.
وتحاول «منظمة أنقذوا الأطفال» الوصول إلى أكبر عدد منهم لتوفير خيام وملابس شتاء مناسبة، وأموال نقدية لشراء الطعام والوقود، وتوزع لهم في الوقت الراهن نحو 50 ألف بطانية.
وبعد هروبهم من القتال بين القوات الحكومية والثوار، الذي قتل فيه على الأقل 11400 من الأطفال بسبب الانفجارات أو القناصة، أصبح اللاجئون الآن في رحمة الصقيع، ولم يكن سقوط الثلج في لبنان الأسبوع الماضي سوى البداية لفصل شتاء قاس ومرير، ويمكن أن تهبط درجات الحرارة في وادي البقاع، حيث يقيم معظم اللاجئين، إلى ما دون الصفر في أي لحظة، ومن المتوقع أن تهب عاصفة ثلجية بحسب تقديرات الارصاد في ليلة أعياد الميلاد.
ويقول أحد موظفي «منظمة أنقذوا الأطفال» في تلك المعسكرات، إن الجو بارد جداً لدرجة أن «المخاط الجاري من أنوف الأطفال والدموع الجارية من أعينهم تجمد على وجوههم».
الطفل كمال ابن الـ15 شهراً يتمدد داخل الخيمة ويعاني من حرق في جبهته وأنفه بسبب سقوطه على الموقد أثناء محاولته السير إلى الخارج، والطفلة تيما ابنة الثمانية أشهر ترقد كسيحة على فراشها داخل الخيمة بسبب سوء التغذية، كانت ساكنة وضعيفة جداً وتجاهد في بعض الأحيان للإمساك برأسها. وتشهد العيادة المحلية التي أقامتها المنظمة لتوفير الأدوية والاستشارة الطبية مجاناً، ازدياداً ملحوظاً في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. وتقدم لهم العيادة سعرات حرارية عالية، وعصائد مخلوطة بالفول السوداني كمكملات غذائية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news