الأزمة السورية وضعته أمام تحديات كبرى
الجيش اللبناني الضمانة الأخيرة للاستقرار
الجيش اللبناني آخر الأدوات الرادعة لمنع اندلاع حرب أهلية وطائفية شاملة. رويترز
مستقبل لبنان يعتمد على أداء القوات المسلحة اللبنانية، وهي المرساة والصخرة بالنسبة للبنان، وتظل بعيدة عن السياسة، وهي الأداة العسكرية الشرعية الوحيدة في هذه الدولة الصغيرة. ومن السهولة بمكان توقع انهيار دولة لبنان نتيجة الخلافات الطائفية المرتبطة بإيران. وقابل تدخل «حزب الله» قيام جماعات من الجهاديين السنة باستخدام لبنان قاعدة للهجوم على سورية. وبالنسبة للبنان فإن الأزمة في سورية هي حرب أهلية داخلية وخارجية. وهي أيضاً حرب بالوكالة عن قوى إقليمية رئيسة وحرب طائفية إقليمية تشن على الأراضي السورية، ووقعت القوات المسلحة اللبنانية في الوسط، وتحتاج هذه القوات إلى دعم قوي من الولايات المتحدة الآن ومستقبلاً لمنع تفتت لبنان وانحداره إلى حرب أهلية شاملة. وتقضي العادة بأنه إذا عطست سورية أصيب لبنان بالأنفلونزا، لكن سورية تعطس بعنف هذه الأيام، ومع ذلك فإن لبنان لايزال مستقراً إلى حد ما بفضل القوات المسلحة. وتقوم الحكومة اللبنانية بالمساعدة على الاستقرار أو العكس. وهي مرنة بما يكفي لجعلها تتحمل الضربات القوية، كما أنها في الوقت ذاته عرضة للتدخل من قبل قوى خارجية، الأمر الذي يعني أنه لا يمكنها اتخاذ قرارات سياسية موحدة. وثمة نتائج محتملة للحرب الأهلية في سورية، جميعها سيئ من وجهة النظر الإنسانية، التي ستؤدي إلى سيناريوهات مختلفة تجري في لبنان. وفي السيناريو الأول يمكن أن ينتصر النظام السوري، وعندها فإن تهديد الحرب الأهلية يتزايد. ويجد السنة الساخطون المتشددون الآن ملاذاً آمناً في لبنان يمكن أن يؤدي إلى عنف طائفي شامل، وفي السيناريو الثاني يمكن أن تنتصر المعارضة السورية ويتم إنشاء حكومة سنية. وفي هذه الحالة سيُجبر «حزب الله» بعد خسارته حليفه الاستراتيجي على تسليم سلاحه، ويمكن أن يرفض وتنجم عن ذلك حرب أهلية جديدة، أما السيناريو الثالث فيتمثل في بقاء الوضع الراهن، حيث تظل سورية في حالة اضطراب مستمرة، هو الأكثر جاذبية بالنسبة للقوات المسلحة اللبنانية في الوقت الراهن.ويرى البعض أن السيناريو الثالث هو الذي يخدم المصالح اللبنانية إلى أفضل حد لأنه يجعل الصراع اللبناني الداخلي مركزاً على الخارج، إلا أن هذا السيناريو يضع الجيش اللبناني تحت ضغط شديد، ولهذا يجب على الولايات المتحدة أن تزيد دعمها للبنان الآن على الرغم من الاضطراب الناجم عن السيناريو الثالث. وإذا حدث السيناريو الأول أو الثاني فإن الجيش اللبناني سيحتاج إلى مساعدة كبيرة كي يصبح منطقة ردع بين الفرقاء المسلحين من السنة والشيعة عندما يتقاتلون في لبنان، ومن دون جيش فعال وقادر على حفظ الأمن فإن لبنان سيغرق في الفوضى.وثمة علاقة جلية بين الصراع في سورية وانعدام الاستقرار في لبنان، كما أشار إلى ذلك الباحث، هيكو ويمان، في بداية العام الجاري، في دراسة شاملة شملت «حزب الله» ودعمه للنظام السوري، إضافة إلى الإسلاميين السنة في لبنان ومؤيديهم من المعارضة السورية. ووصف ويمان الجيش اللبناني بأنه آخر الأدوات الرادعة لمنع اندلاع حرب أهلية وطائفية شاملة في لبنان. وشدد على الحاجة إلى الاتحاد الأوروبي وألمانيا لتأمين الدعم اللوجستي للجيش اللبناني. ومن دونه فإن لبنان سيصبح منقسماً إلى ميلشيات إقليمية. وإضافة إلى ذلك فإن وجود اللاجئين السوريين في لبنان لا يهدد باكتساح الدولة كأزمة إنسانية فقط، وإنما سيؤدي إلى زعزعة استقرار ترتيبات توازن القوى، لأن العديد من اللاجئين السنة السوريين متعاطفون صراحة مع المعارضة ضد النظام السوري، في حين أن الشيعة يدعمون النظام. وبالطبع فإن اهتمام الجيش اللبناني إزاء المتشددين السنة غير متوازن مع اهتمامه إزاء نزع سلاح «حزب الله»، لأن الجيش اللبناني لا يملك القوى النارية والقدرات الرادعة لإجبار «حزب الله» على تسليم سلاحه، أو عدم التدخل في الحرب الأهلية الدائرة في سورية، بيد أنه يملك المعلومات الكافية عن القيادة السياسية لـ«حزب الله» التي تحد من نشاطات الحزب داخل لبنان، وهذا لا ينطبق على الطائفة السنية التي تبدو أكثر صعوبة لتحديدها والتحكم بها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news