الاحتلال هجّر جميع سكانها وسيطر عليها بشكل كامل

‬65 عاماً وحلم العودة إلى «بيسان» لايزال موجوداً

بيسان تعرضت لتهويد تام بعد أن تم ترحيل جميع سكانها من المسلمين والمسيحيين. الإمارات اليوم

20 كيلومترا هي المسافة التي تفصل اللاجئ الفلسطيني يوسف أبوزبيد بمنطقة الأغوار في الأردن، عن مدينته الأصلية بيسان الواقعة في منطقة الأغوار الفلسطينية، لكنه منذ نكبة فلسطين عام ‬1948 لم يتمكن من زيارتها ولو لحظات، فقد تعرضت لتهويد تام بعد أن تم ترحيل جميع سكانها البالغ عددهم ‬5000 فلسطيني من المسلمين والمسيحيين، والذين هجروا قسرا من مدينتهم، وتحولوا إلى لاجئين خارج وداخل وطنهم، فمنهم من وافته المنية، ومنهم من بقي حتى يومنا هذا يروي حكاية بلدته المهجرة لأحفاده .

وتخلو مدينة بيسان اليوم من وجود سكانها الفلسطينيين، حيث يقطنها اليهود وسكان المستوطنات الصهيونية، فقد أطلق الاحتلال اسم «بيت شعان» على مدينة بيسان في محاولة لتهويد اسم المدينة الفلسطينية، بعد أن قام بتدمير القرى الفلسطينية التابعة لمدينة بيسان في حرب عام ‬1948.

وأقام الاحتلال العديد من المستوطنات على أنقاض المدن الفلسطينية التي احتلها وهجر أهلها، ومن هذه المستوطنات، مستوطنة «كوكاف هاياردن»، التي أقيمت على أنقاض قرية كوكب الهواء العربية، ومستوطنة «سدية تروموت»، التي أقيمت عام ‬1952 على أراضي قرية فرونة العربية إلى الجنوب من بيسان.

ذكرى أليمة

ومرت ذكرى النكبة الفلسطينية الـ‬65 التي تصادف منتصف شهر مايو، على اللاجئ الفلسطيني أبوزبيد وجميع سكان بيسان المهجرة وهم يعيشون ألم اللجوء والتهجير، ويتعرضون لسياسات الاحتلال الإسرائيلي الذي لايزال يستولي على ما تبقى من الأرض، ويهود كل معلم تاريخي وحضاري في فلسطين.

ويقول اللاجئ يوسف أبوزبيد الذي يقيم في الأردن لـ«الإمارات اليوم»، «تمر علينا ذكرى النكبة لهذا العام كسابقه بالحزن والحنين لبلدتنا الأصلية، وأراضينا لاتزال مسلوبة، وأرض فلسطين لاتزال مغتصبة، إنه شعور حزين نمر به ونحن مهجرون ومطرودون من أرضنا».

ويضيف «لكن مقابل ذلك نثق تماما بأننا سنعود يوما إلى بيسان، وإلى كل أراضي فلسطين المغتصبة، فحق العودة هو حق شرعي لنا».

ويوضح أبوزبيد أن جميع أفراد عائلته وأقاربه هجروا قسرا من بيسان إلى جانب جميع سكانها عام ‬1948، حيث لجؤوا إلى منطقة الأغوار في الأردن والتي لايزالون موجودين فيها حتى يومنا هذا على أمل العودة إلى بيسان التي توجد على الضفة الثانية من منطقة أغوار الأردن في الجانب الفلسطيني المحتل.

وعلى الرغم من تهجير جميع سكان مدينة بيسان، واللجوء الذي يعيشه سكانها، إلا أنها حاضرة في قلوب الأجيال المتعاقبة، فالشاب مازن محمد أبوزبيد وهو أحد فلسطينيي الشتات، أنشأ صفحة خاصة على «فيس بوك» تحت اسم أهالي مدينة بيسان، ويعرض فيها جميع صور المدينة وآثارها ومعالمها التاريخية، وينشر فيها كل الكتب والمؤرخات التي وثقت تاريخ بيسان المحتلة.

مدينة تاريخية

وتعد بيسان التي يطلق عليها «عروس الأغوار» من أجمل وأهم المدن الأثرية في فلسطين، ومن أقدم مدنها التاريخية، وتحتوي على مواقع أثرية وتاريخية مهمة، تدل على مكانتها الكبيرة وأهميتها عبر التاريخ، فالقادم إلى بيسان يشاهد موقعاً أثرياً كبيراً يضم سور المدينة وأساسات ومباني وميدان سباق ومسرحا يعود للعهد الروماني. وأنشئت بيسان فوق الحافة الغربية لغور الأردن، وتقع بين وادي الأردن شرقا وسهل مرج ابن عامر غربا، وليس بعيدا عن ذلك تشاهد «تل الحصن» الذي يحتوي على تسع مدن أثرية أقدمها يعود إلى عهد الفراعنة، وأحدثها يعود إلى العهد العربي، فيما تتكرر نسخة هذا التل بوجود «تل الجسر» و«خان الأحمر»، و«تل المصطبة»، وجميعها مواقع أثرية تحتوي على آثار تاريخية مهمة.

ويوضح يوسف أبوزبيد أن بيسان تعد كنزاً أثرياً كبيراً يشير إلى الحضارات التاريخية التي سكنت فلسطين، فمن جملة ما كشفته التنقيبات، وجود ثلاثة تماثيل فرعونية للفرعون سيتي الأول ورمسيس الثاني، ورمسيس الثالث وكذلك مسرح روماني وجدران وأعمدة رومانية وكنائس، وأديرة دفينة وأختام وتماثيل، أما المقبرة المكتشفة فيها فهي من أكبر مقابر فلسطين المكتشفة حتى الآن.

ومن أحد المعالم والمقدسات الإسلامية، التي تزخر بها بيسان، المسجد الفاروقي، أحد مساجد المدينة العريقة بتاريخها وإسلامها، وبات اليوم أحد المساجد المدنسة من قبل الاحتلال.

ويعكس واقع المدينة الحالي في ظل سيطرة الاحتلال الكاملة على المدينة،مأساة المعالم والمقدسات الإسلامية والتي تتعرض لاعتداءات السلطات الصهيونية والمستوطنين، فقد تعرضت المقبرة الإسلامية في بيسان لعملية تحطيم جديدة لشواهد القبور، وذلك في إطار الانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها بيسان على يد متطرفين.

ولا تقتصر اعتداءات الاحتلال والمستوطنين على مقابر المسلمين في بيسان، فقد تعدى ذلك لطمس معالم مقبرة مسيحية، مجاورة للمقبرة الإسلامية.

حكاية التهجير

وحول تهجير أهالي بيسان يقول الحاج الثمانيني أحمد سرحان، وهو أحد المهجرين من بيسان ويقيم اليوم بقرية الفريديس الفلسطينية الواقعة جنوب مدينة حيفا المحتلة، «لقد بقي في بيسان بعد التهجير الأول ‬1000 نسمة تقريبا، بقينا هناك شهرين بعد ذلك جاء اليهود وجمعونا في ساحة السرايا، كنت أنا ووالدي مع آخر مجموعة تركت بيسان، وكانت معنا امرأة اسمها أم رضا السالم، ثم جاء إلينا ضابط يهودي من مستوطنة معوز حاييم، وقال: لماذا مازلتم هنا؟ فقلنا: جئنا نأخذ الأغراض، ولم ندرك الحافلة المغادرة إلى الناصرة».

ويضيف «وبينما كان الضابط يتحدث معنا جاءت طائرة عراقية تقصف فاختبأنا، بعدها بعث الضابط لنا سيارة وحملناها أغراضاً كانت لنا وأخرى ليست لنا ومن هناك نقلونا إلى الناصرة بعد أن قالوا: اختاروا فهذه الحافلات واقفة: إما الأردن أو الناصرة أو جنين».

تويتر